حوادث وكوارث
ابن سلمان بين القمع وشراء الذمم .. الولد سر أبيه
بعد سلسلة الاجراءات القمعية التي اتخذها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بحق أبناء عمومته من الامراء والازلام ورجال الاعمال المقربين، بصفته "الحاكم المطلق" في ممكلة آل سعود، غيّر الديكتاتور الشاب أسلوبه في التعاطي مع ابناء العائلة الحاكمة، حيث انتشرت الاخبار عن صرفه علاوات وزيادات بنسبة 50 % على مخصصات الامراء وانه وسع دائرة المستفيدون لتتجاوز حتى شريحة أحفاد الملك عبد العزيز.
وابن سلمان يتصرف في السعودية كما يحلو له في سبيل الوصول الى الحكم ويصبح الملك على السعوديين دون مراعاة لأبسط المبادئ والقيم، وهو اعتمد مؤخرا كل الاساليب لإخضاع كل من يعتقد انه سيشكل عقبة او يمكن ان يؤثر على امكانية وصوله لخلافة والده الملك سلمان بن عبد العزيز، واكبر دليل على ذلك سلسلة الاعتقالات التي نفذت في كل الاتجاهات قبل اخراج كل من فهم الرسالة جيدا.
خطة جديدة ام تغيير تكتيكي؟!
واليوم يبدو ان ابن سلمان انتقل الى خطة جديدة على "طريق العرش" عبر اعتماده لسياسة الترغيب هذه المرة والاغراءات المالية والمادية للامراء وابناء العائلة التي تعيش على اموال ودماء الشعب والمواطنين منذ عشرات السنين دون ان تقدم اي شيء للناس والبلاد سوى القمع والانتهاكات وسفك الدماء وبناء السجون، فقد كشفت وكالة " بلومبيرغ" الأميركية عن رفع السلطات السعودية لمخصصات الأمراء بنسبة 50%، فيما لم يقتصر القرار الجديد على أحفاد الملك المؤسس عبد العزيز، اذ توسع ليطال شريحة أكبر.
لكن لماذا غير ابن سلمان اسلوبه بحق الامراء؟ وهل التغير هذا هو تغير تكتيكتي فقط ام هو تغير جذري سيعتمده دائما الحالم بخلافة والده؟ وهل التغير في الاسلوب هذا سيطال بقية المعتقلين من رجال دين ورجال اعمال وغيرهم ممن شملتهم الحفلة الجنونية في الفترة الماضي؟
تظهر القرارات الغريبة والمفاجئة التي يكرر اصدارها محمد بن سلمان والدائرة المقربة منه ان هذه المجموعة غير مؤهلة لاستلام الحكم وقيادة دولة كان يفترض ان لها الدور الفعال في المنطقة والعالم، ومن غير المؤكد ان ابن سلمان قرر التعاطي بايجابية مع الآخرين لا سيما ابناء العائلة السعودية بعد الخطوات غير العقلانية التي سبق ان اعتمدها بحقهم وبحق غيرهم، فالرجل لا يبدو انه يتخذ القرارات بناء على دراسة وجدوى يريد الوصول بها الى نتائج مدروسة بدقة، بل أثبتت التجربة ان معظم القرارات -إن لم نقول كلها- كانت من دون أي دراسة او تخطيط جيد وناجح، بل كانت قرارات وخطوات متسرعة ومتهورة تفتقد الى الحكمة والوعي في السياسة والإدارة.
الطفل المدلل.. بين الترهيب والترغيب
لكن ابن سلمان الذي يوصف بأنه الطفل المدلل لوالد، يسعى من خلال إغراء الأمراء الى شراء التأييد والولاء له ولما يريد ان يفعله مستقبلا، فهو جرّب "تكسير رؤوس" البعض ونجح نسبيا في الاطاحة بالهالة التي كان البعض يحيط نفسه بها وتعمد تسريب معلومات لكسر هيبة البعض من الامراء وإن لم يترك خلفه اثباتات مؤكدة حول ما جرى خلال التحقيقات من اعتماد اساليب سيئة، ولم يجرؤ اي امير سعودي حتى الساعة التصريح بصدق حول ما جرى معهم خلال الاعتقال، واليوم بعد ان اكد للجميع انه حاضر لاقصاء واعتقال اي اسم دون حرج او سقف في ذلك، يبدو انه سيسعى الى الاسلوب الانجح الذي يعشقه آل سعود وهو شراء الذمم والولاء والطاعة، وهم صحيح انهم ينفذونه مع غيرهم لكنهم الاكثر جدارة به ويليق بهم.
وما يدلل ان ابن سلمان سيعتمد ولو مؤقتا سياسة الترغيب والاغراء لاهداف شخصية وسياسية، انه لم يعلن اي شيء بهذا الخصوص حتى الساعة ولم يصدر اي قرار يظهر ان لهؤلاء الامراء حقوقا ثابتة بالزيادة او العلاوات وانما اعتمد في ذلك ما يمكن وصفه بـ"الغموض البنّاء" بما يفيده ويعطيه امكانية التراجع عن هذا القرار بأي وقت يشاء وعندما تتطلب مصلحته ذلك، وفيما لو أحس ان بعض الامراء يحاولون المناورة او المراوغة ضد حكمه وقراراته، فأسلوبه هذا يعبر عن مكر وخديعة طالما عُرف بها والده داخل العائلة السعودية ولذلك لا ضير ان وصف الابن انه سر ابيه.
وهذه الممارسات بين الترهيب والترغيب وكيفية اخراج الامور واصدار القرارت والمعايير الشخصية والفردية والتسلطية المعتمدة في مملكة آل سعود، تطيح بكل ما كتب وقيل وما تم الترويج له عن محاربة الفساد وقمع الفاسدين وعن نقل البلاد الى مصاف البلاد المتحضرة واعتماد مبادئ النزاهة والشفافية، والأهم من كل ذلك إمكانية الحديث عن دولة لها مؤسسات وقوانين وأنظمة بينما هي فعلا تُحكم بعقلية العصابات والمافيات التي فيها ارادة وكلمة رئيس المنظمة هي الواجبة التطبيق ايا كانت صوابيتها وضررها على بقية الناس.
ارسال التعليق