حوادث وكوارث
زيارة ابن سلمان الخارجية.. المصالح الشخصية والسمعة السيئة
انتشرت الأنباء عن قيام ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بجولة الى الولايات المتحدة الاميركي وبريطانيا وفرنسا، وقد لاقت هذه الزيارة العديد من ردود الفعل المعارضة لا سيما في لندن حيث انتفضت اوساط برلمانية ورفعت الصوت بضرورة عدم استقبال ابن سلمان لتحمله المسؤولية عن العدوان السعودي على اليمن، وما يتسبب به من انتهاكات لحقوق الانسان وجرائم ضد الانسانية والإمعان في زيادة المعاناة الانسانية والطبية لليمنيين.
اعتراضات تعكس مدى وحجم الأضرار الذي تسببت بها سياسات ابن سلمان بسمعة ممكلة آل سعود المهشمة اصلا على الصعيد الدولي، علما ان اسم السعودية طالما ارتبط بدعم الارهاب وتمويله ونشره في مختلف انحاء العالم، ناهيك عن سمعتها السيئة بخصوص حقوق الانسان في الداخل وتدخلاتها في شؤون الدول المحيطة، واليوم أُلصقت انتهاكات جديدة في سجل السعودية بفضل تهور ابن سلمان وعدم إدراكه لخطورة الحرب الفاشلة التي أطلقها ضد اليمن قبل ما يقارب الـ3 سنوات، بتحريض من جهات متعددة أبرزها ولي عهد الامارات محمد بن زايد حيث أثبتت الوقائع الدور السيء الذي يلعبه في الساحة اليمنية ومدى التورط الاماراتي هناك وله أسبابه المتعددة.
اعتراضات.. وتأجيل للزيارة
وقد وقعت عريضة في مجلس العموم البريطاني للمطالبة بعدم استقبال ولي العهد السعودي وعدم لقائه من قبل رئيسة الوزراء تيريزا ماي بصفته وزيرا للدفاع في مملكة آل سعود، وبرزت الدعوات لوقف بيع السلاح البريطاني للسعودية لانه يستخدم في قمع الناس في الداخل وقتلهم في اليمن، إلا أن ابن سلمان يحاول إغراء المسؤولين البريطانيين بملفات عديدة كالاستثمارات في العديد من المناطق منها منطقة "نيوم" وملف النفط والاكتتاب في شركة "آرامكو" بالاضافة الى مواصلة شراء الاسلحة الانكليزية، وهو سيعمل على محاولة الترويج لخططه ومشاريعه بنقل السعودية الى المزيد من الانفتاح عبر زجه بالعديد من المشايخ والمفكرين بالسجون بعد تحميلهم مسؤولية الترويج للارهاب ونفض التهم عن العائلة السعودية الحاكمة والمذهب الوهابي في هذا السياق.
وتحدثت بعض المصادر ان ابن سلمان أجّل زيارته التي كانت مقررة في فبراير/شباط الحالي الى الشهر المقبل في محاولة لمزيد من التحضير وتهيئة الاجواء، سواء عبر الترويج لها ولما يقوم به ابن سلمان في كثير من وسائل الاعلام المحسوبة على السعودية او عبر تزخيم الملفات التي سيطرحها خلال زيارته في محاولة لتقديم رشاوى في كل الاتجاهات لمن يعنيهم الامر في أروقة القرار اميركيا وبريطانيا وحتى فرنسيا، والتي قد تأخذ شكل اتفاقيات وصفقات وما شاكل ذلك.
والزيارة الى فرنسا سيكون لها طابعها الخاص لأن تعد هذه زيارة الأولى الى هناك خاصة بعد إطلاق سراح رئيس الحكومة اللبنانية سعد الدين الحريري الذي كان محتجزا في السعودية وتدخلت فرنسا بشكل مباشر على أعلى المستويات لاطلاق سراحه، ما أدى الى حدوث ارتدادات في العلاقة بينهما، حتى وصلت الى حد تهديد الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بتجميد وإلغاء اتفاقيات مع الرياض من دون أي حساب لقيمتها حفاظا على هيبة فرنسا التي حاول ابن سلمان المساس بها.
صفقات خدمة لمستقبل ابن سلمان..
وبالطبع فابن سلمان اختار الدول التي سيزورها بدقة باعتبارها من الجهات المؤثرة على الساحة الدولية وسيكون للعلاقات القوية معها الاثر الكبير في التمهيد لوصوله الى خلافة والده الملك الحالي سلمان بن عبد العزيز، وبالتالي فإن الحالم بالسلطة يعمل على رفع أسهمه خارجيا من جديد بعد سلسلة الخطوات التي اتخذها في الداخل لا سيما بعد الاعتقالات التي طالت أبناء عمومته وسلبه منهم عشرات مليارات الدولارات، ما ساهم بسرعة في ضرب صورة السعودية التي يتم الترويج لها على أنها ملاذا آمنا للمستثمرين.
وبالإضافة الى زيارته الى هذه الدول الثلاث لم يفوّت الحالم بخلافة والده من الانفتاح على روسيا بصفتها لاعبا أساسيا في المنطقة والعالم، فهو يحاول دائما فتح قنوات اتصال والعلاقات الاقتصادية مع موسكو لجذبها اليه وتمتين مصالحها في السعودية، وفي هذا السياق، استقبل ابن سلمان في الرياض مدير صندوق الاستثمارات المباشرة في روسيا كيريل دميتريف وتباحثا في التعاون الاستثماري بين البلدين، بما في ذلك مشاريع بمشاركة الصندوق الروسي وصندوق الاستثمارات العامة السعودي وشركة "آرامكو"، وهناك معلومات عن امكانية توقيع اتفاقيات نفطية قريبا بين الطرفين.
كل ذلك يؤكد المؤكد ان ابن سلمان يعمل لتحقيق مصالحه الخاصة وطموحاته المستقبلية فقط لا غير، وآخر همه البحث عن مستقبل ومصالح البلاد بشكل عام، وهو يذهب الى مختلف العواصم ليقدم أوراق اعتماده هناك بدل تقديمها للشعب في بلاده، بعكس ما يجب ان يكون عليه الحال في الدول المتحضرة والمنفتحة والديمقراطية، وبعد ذلك لا يجب الاستغراب والتساؤل عن ارتفاع تكاليف الفواتير التي سيدفعها ابن سلمان لهذه الدول وهي بالتأكيد ستكون باهظة ومن جيب المواطن وخزينة الدولة.
ارسال التعليق