حوادث وكوارث
أنظمة الخليج ألعوبة بيد كوشنير.. وبقرة حلوب تدر الذهب
برزت مؤخرا تسريبات عن علاقات سابقة لجيراد كوشنير صهر الرئيس الاميركي دونالد ترامب مع مسؤولين قطريين بغية الحصول على اموال لتسهيل مشاريعه ومشاريع والده العقارية، حيث تظهر التسريبات ان الهدف من الانقضاض على قطر واختراع الازمة الخليجية معها سببه محاولة انتقام كوشنير من الدوحة وذلك بعد صفقة فاشلة معها للحصول على مبالغ تقدر بما يقارب الـ500 مليون دولار، ولذلك تم دفع الدول الخليجية للخلاف ومقاطعة قطر وفرض الحصار عليها وتم اختراع أسباب الخلاف لافتعال المشكلة.
وأكدت التسريبات فشل كوشنير في الحصول على مبالغ مالية من شركة يديرها رئيس الوزراء الأسبق الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني جراء عدم اكتمال الاتفاق بينهما، على الرغم من رغبة المسؤول القطري في اتمام الصفقة، الأمر الذي دفع بكوشنير للبحث عن سبل اخرى للحصول على المال، ومن ثم جاءت الأزمة الخليجية لمعاقبة قطر ومحاولة استثمارها من قبل الاميركيين لابتزاز مختلف اطراف الازمة سواء السعودية ومن يقف خلفها (الامارات والبحرين) وكذلك العمل لابتزاز قطر.
التلاعب بدول الخليج.. والدفع من جيوب المواطنين
هذه التسريبات تطرح الكثير من التساؤلات عن مدى استقلالية الانظمة والدول الخليجية لا سيما النظام السعودي ومن خلف النظامين الاماراتي والبحريني، بعد ان جرهم صهر الرئيس الاميركي الى معاداة بعضهم البعض وافتعل فتنة غير موجودة عبر اختراق المنصات الالكترونية القطرية وبث تصريحات مختلقة على لسان مسؤولين قطريين، والغريب ان الجميع تناسى أساس المشكلة ولم يعد يبحث في قضية صحة حصول هذا الاختراق المنصات من عدمه.
ولكن أليس هناك اي استقلالية لنظام يعتبر نفسه أساسيا في المنطقة كالنظام السعودي كي يقف ويتخذ الموقف الصحيح في هذه الازمة ويمنع محاولة التلاعب به من قبل افراد من اجل الحصول على مصالحهم الفردية، وكيف لدولة كالسعودية ان تقبل ان تكون ألعوبة بيد صهر ترامب ومن ثم بيد ترامب نفسه للحصول على الثروات من جيب المواطن السعودي؟ واي هيبة لدولة آل سعود بينما هي تعمل لخدمة افراد في الداخل كما في الخارج؟
الحقيقة ان السعودية طالما كانت رهينة لمصالح افراد في العائلة الحاكمة وليست هي الدولة التي تهدف لتحقيق مصالح عامة على الصعيد الوطني او على صعيد الامة، فهي منذ نشأتها تعهدت ان تحقق مصالح ملوكها والامراء من السعوديين بالاضافة للأزلام والمنتفقعين، وهي في سبيل ذلك كان لا بد لها ان تخدم مصالح دول اخرى تقدم لها الحماية والدعم وعلى رأسها الولايات المتحدة وبريطانيا ومن خلفهما وفي الكواليس للكيان الاسرائيلي، وبعد ذلك يمكن فهم كل التجاوزات التي ترتكب بالداخل والخارج والاطاحة بكل القيم والمبادئ والمقدسات في الامة وعلى رأسها فلسطين، لان الهدف واضح ومحدد وهو خدمة أفراد فقط.
واليوم تتكرر نفس السيناريوهات وانما بأشكال جديدة وبأنماط مختلفة، فاليوم الخدمة هي لفرد واحد مدلل لدى الملك السعودي وهو ولي العهد محمد بن سلمان من دون مراعاة مصالح اي احد اخر طالما ان مصلحة الحالم بالعرش ستتضرر، وبعد ذلك لن نستغرب كثيرا اذا وجدنا مستفيدين اخرين تبعا لخدمة الفرد الاول، اي انه يمكن ان نرى مثلا مصالح تتحقق لولي عهد ابو ظبي محمد بن زايد او لصهر ترامب او حتى لابنت ترامب وامثلة لا يمكن حصرها من المنتفعين في الخارج او الداخل بحسب ما تتوافق مع رغبة ومصلحة ابن سلمان.
وقاحة كوشنير.. وأخلاق حكام الخليج
إذاً مهما تكلمنا عن وقاحة كوشنير وتصرفاته السيئة واللاخلاقية حيث استفاد من قطر ومن ثم انقلب عليها، إلا ان المشكلة الاساس تبقى لدى الانظمة الخليجية التي تهرول خلف الاميركي خوفا ورغبة، خوفا من المشاريع التي يهول بها عليها ورغبة به وبدعمه في مختلف المجالات، ولعل القطريين من الخليجيين اليوم هم اكثر من باتوا يفهموا الاميركي وكيف يمكن التصرف بمواجهته حيث نراهم يحاولون فتح القنوات المختلفة مع بقية دول العالم للرد على الموقف الاميركي المشبوه في الازمة، ولذلك نرى قطر -على الرغم من الحفاظ على تقاربها مع الاميركي لانها لا تملك الجرأة ولا القدرة على معاداته اصلا- زادت من انفتاحها باتجاه الاوروبيين وايضا باتجاه الشركاء الآسيويين وبالتحديد مع ايران التي شكلت لها ممرا آمنا الى بقية العالم بعد فرض الحصار عليها خليجيا، ناهيك عن حفاظ الدوحة على علاقات جيدة مع موسكو وبكين.
ومع كل ذلك لا نزال نرى محمد بن سلمان يخطف كل مملكة آل سعود ويجرها خلفه للإرتماء بالحضن الاميركي وتحديدا بحضن آل ترامب، معتقدا انهم سيشكلون له جسر العبور كي يصبح ملكا في السعودية، بينما في الواقع هم يستخدمونه لتحقيق مشاريعهم الخاصة المتعلقة بتحصيل اموال ودعم لشركات عقارية وتجارية وايضا يستخدمونه لتمرير صفقات لصالح "اسرائيل" في المنطقة كـ"صفقة القرن" وغيرها، وهم سيتخلون عنه عند اول فرصة توجبها مصالحهم.
ولكن يبقى المستغرب هذه السذاجة الخليجية في التعاطي، فهم حاضران للانفتاح وهدر الاموال وابرام الصفقات مع مختلف الأطراف شرقا وغربا بينما لا يقبلون التقارب فيما بينهم والتنازل لبعضهم للبحث عن حلول لمشاكلهم، وهذا يؤكد مقولة الاستقواء بالغرباء على بعضهم البعض نتيجة عدم الانتماء لقضية او لمفهوم واحد انما ما يحكم عقلهم ووجدانهم هو المصالح المادية والطموحات الشخصية التي ستؤدي عاجلا ام اجلا الى هلاكهم.
ارسال التعليق