* حسن العمري

 

يشير المراقبون إلى أن ولي العهد السعودي يعمل على تنفيذ مشاريع سياحية وترفيهية ضخمة في المملكة دون أن يُعالج أزمتي الفقر والبطالة الى جانب فقدانه لسياسات اقتصادية وإنمائية واضحة، متسائلين كيف يمكن لذوي الدخل المحدود أن يذهبوا الى تلك الأماكن في وقت هم أحوج الى لقمة عيش، وسكناً آمناً يمتلكونه وعملاً يستسقون منه أرزاقهم بكرامة وعزة ؟.

مؤسسة “وول ستريت” الاقتصادية المعروفة عالمياً، كشفت أن عدداً كبيراً من البنوك الأجنبية الكبرى العاملة في السعودية، أبلغت الرياض مؤخراً أنها غير راغبة في العمل بالمملكة، وأنها أغلقت العديد من فروعها هناك، في حين فضّل البعض الاخر الاكتفاء بفرع صغير يوجد به عدد محدود من الموظفين لإدارة ما تبقى لهم من أمور مصرفية. مشيرة الى أن مسؤولين تنفيذيين ببنوك أجنبية كبرى أبلغوا بأن مصارفهم لا تستطيع المشاركة في إصدارات السندات السيادية التي تنوي الرياض إصدارها لسد العجز في الميزانية والتدهور الكبير في قيمة الاحتياطات المالية، مضيفة أن من ضمن البنوك الأجنبية الكبرى التي فضلت التعامل مع قطر وتوسيع أنشطتها بها بنكا «إتش إس بي سي» و«جيه بي مورغان».

قبل ايام وفي يوم السبت 28 نيسان الماضي سلمان بن عبد العزيز مشروع مدينة القدية الترفيهية جنوب غرب العاصمة الرياض بقيمة عشرات مليارات الدولارات، لتصبح بمثابة النسخة السعودية لـديزني لاند أكبر مدن الألعاب والملاهي في العالم، وتشيّد على مساحة 334 كيلومتر مربع لتكون وجهة ترفيهية بمميزات عالمية، وينتظر تطوير المشروع وفق ثلاث مراحل، الأولى: لبناء مرافق المدينة، الثانية: القيام بأعمال التطوير والثالثة: لنمو المدينة حتى عام 2035؛ وذلك وفق "رؤية المملكة 2030" لمحمد بن سلمان والذي بحث موضوع انشائها مع الرئيس التنفيذي لشركة "والت ديزني" روبرت بوب ألن إيجر خلال زيارته الأخيرة لأمريكا .

معهد "ستوكهولم" الدولي لأبحاث السلام ومقرّه في السويد نشر قبل ايام تقرير يؤكد فيه ارتفاع الإنفاق العسكريّ العالمي العام الماضي إلى أعلى مُستوياته منذ الحرب الباردة، وتصدّرت الولايات المتحدة والصين قائمة الأعلى إنفاقاً، وحلّت السعودية في المرتبة الثالثة متقدّمة على روسيا، حيث أنفقت 69.4 مليار دولار عام 2017.

صندوق التنمية العقاري السعودي حذر العام الماضي من بلوغ نسبة المواطنين الذين لا يمتلكون منازل في المملكة الى 80% في حال لم يُعمد الى حلول إبداعية لحل المشكلة، وأن مشكلة الإسكان تعد أكبر المشاكل التي تواجه الشباب في السعودية والمنطقة العربية بأسرها، وهو ما أكده تقرير صندوق النقد الدولي - حسب يو بي آي .

جون سفاكياناكيس كبير الخبراء الاقتصاديين لدى بنك ساب يقول: لم يكن امتلاك منزل اكثر صعوبة منه في الوقت الحاضر بالنسبة لاغلب السعوديين فقد أفضى ارتفاع تكاليف الانشاء والمضاربة على الاراضي وغياب التمويل المصرفي وضعف المساعدة الحكومية الى تفاقم عجز في الاسكان يقدر بنحو مليون منزل ودفع أسعار الايجارات للصعود ويقول سماسرة ان نسبة ملكية المنازل تبلغ حوالي 20 % مما يجعلها الأقل بين الاقتصادات التي يحركها النفط في المنطقة الخليجية.. فهذا تحد يتعين على الرياض مواجهته – وفق رويترز .

تزامناً مع ذلك كشفت إحصائية جديدة أعدتها صحيفة «الاقتصادية» السعودية عن وصول قضايا الإفلاس التجاري في السعودية خلال الشهور السبعة الأخيرة الى نحو 140 قضية، مشيرة الى أن المحكمة التجارية في الرياض (وسط) استقبلت 84% من تلك القضايا، تليها المحكمة التجارية في مدينة جدة (غرب).

قبل ذلك وفي أغسطس/آب الماضي، قال تقرير بريطاني إن المملكة تواجه صعوبات اقتصادية بالفترة الأخيرة؛ ما يهدّد الشركات المتوسطة والصغيرة، التي تشكل نحو 90% من مؤسسات الأعمال في المملكة، بمواجهة «شبح الإفلاس».

صحيفة الرياض كتبت قبل فترة أن هناك 16 جهة حكومية بين وزارات وهيئات ومؤسسات في مدينة الرياض تسعى الى رفع نسبة تملك مواطنين للمساكن الى 60% بحلول 2020، وذلك ضمن برامج تحقيق رؤية المملكة 2030، في وقت كانت الهيئة العامة للإحصاء قد اعلنت مؤخراً أن 36% من السعوديين يمتلكون المنازل ما اثار السخرية لدى الأوساط الشعبية والعقاريين كونها تتناقض وما اعلنته حكومة محمد بن سلمان بداية العام الميلادي الجاري وسط إرتفاع كبير في أسعار الإيجارات التي وصلت قيمة الشقة فيها الى 80 ألف ريال يدفعها المواطن الذي لا يملك وحدة سكنية في بعض الأحياء البعيدة عن مركزيات المدن.

رئيس لجنة التثمين العقاري التابعة لغرفة تجارة وصناعة جدة عبد الله الأحمري أكد عدم دقة إحصاء الهيئة العامة وقال مازحا: «أعتقد أن الوزارة احتسبت الأراضي التي منحت للمواطنين دون أن يبنوا عليها نظرا إلى أنها خارج النطاقات العمرانية أو لأسباب أخرى».. ولو كان إحصاء"هيئة الإحصاء" صحيحا لما وجدنا قيمة إيجار الشقق تصل إلى 80 ألف ريال في عقد الإيجار السنوي إذ إن النسبة في حال صحتها ستجعل القيمة أقل من 30 ألف ريال».

تقرير نشرته صحيفة» لوس أنجلوس تايمز« الأمريكية يقول.. لقد سال لعاب أصحاب دور السينما والاستوديوهات في الولايات المتحدة وفي أماكن أخرى، بعد قرار ولي العهد السعودي بإفتتاح مدينة ديزني لاند في المملكة؛ ونقلت عن جون فيتيان الرئيس التنفيذي للجمعية الوطنية لمالكي دور السينما قوله: إنهم جميعًا يتنافسون كالمجانين للدخول الى السوق السعودية. واضاف التقرير: من السهل أن نرى لماذا تسعى هوليوود للتودد الى الأمير، على الرغم من التناقض الصارخ بين قيمها الليبرالية والأعراف المحافظة في السعودية، البلد التي لاتزال لا تحترم حقوق المواطنة خاصة النساء.. كل ذلك من أجل التسويق لصورة المملكة المشوه في العالم.

 المسؤول التنفيذي الأول في شركة AMC جوناثان تيتراولت، كشف إنه إضافة الى قائمة “سيرك دو سولي”، وهي الشركة الكندية التي ستقدم أول عرض سيركي هجين لها بمناسبة العيد الوطني في السعودية خلال الأشهر القليلة المقبلة، ستقوم شركة ناشيونال جيوغرافيك إكسبلورر ببناء 10 مواقع جديدة لعرضها الأشهر “أوشن أوديسي”، وستبدأ أعمالها في الرياض بافتتاح أولى مقرات عروضها في عام 2019. كما دخلت شركة فيلد إنترتينمنت للرحلات الحية ومقرها فلوريدا السوق السعودية لإنتاج فعاليات غير اخلاقية وهجينة على غرار ديزني على الجليد وديزني لايف ومارفل إكسبريانس ومونيستر جام.

مدينة “القدية” جنوب غربي الرياض التي يعمل "بن سلمان" جاهداً على إنشائها لتغيير ملامح المملكة المحافظة وتحويلها الى نسخة هجينة من التفسق الغربي مع الإبقاء على حرمان مجتمعنا أبسط حقوقه المشروعة في العيش السليم تحت طائلة المشاريع الترفيهية التي سيتم تنفيذها في غضون عشر سنوات والتي تقدر قيمتها أكثر من 46 مليار دولار وفق رؤية 2030، في وقت لم يُصرف حتى الآن دولار واحد لمعالجة أزمة البطالة التي يشكو منها كل بيت بالبلاد خاصة الوسط الشبابي قبل غيره، عبر إنشاء مؤسسات وشركات تتوافق مع الإختصاصات الجامعيّة الموجودة .