النظام البحريني...دبابة التطبيع مع العدو الصهيوني...والأخير يرد بقذائف الاهانة والإذلال نحو المطبعين!!
تتسارع خطوات هرولة النظام البحريني نحو التطبيع مع الكيان الصهيوني، فبين الحين والآخر يفاجئ الأمة، سيما الشعبالفلسطيني المظلوم، بمواقف جديدة وصادمة في إطار تلك الهرولة المتسارعة الخطى، فبينما يواصل الشعبالفلسطيني نزف الدماء على أيدي الغزاة الصهاينة- اذ سقط له أكثر من ألف من الشهداء والجرحى- على خلفية احتجاجات العودة المتواصلة، أعلن وزيرالخارجية البحريني خالد بن أحمد آل خليفة، في آخر موقف من التطبيع والتعاون مع العدو، وليس أخيره " انه طالما أن إيران أخلت بالوضع القائم في المنطقة، فأنه يحق لأية دولة في المنطقة، منها إسرائيل" أن تدافع عن نفسها بتدمير مصادر الخطر" على حد قوله ومزاعمه.جاء هذا الموقف في تغريدة للوزير البحريني على موقع توتير، تعليقاً على العدوان الصهيوني على سوريا.
ويبدو أن تصريح الوزير البحريني الآنف، أدهش حتى الأوساط الإعلامية الصهيونية، فهذه الأوساط، استدلت به بما اعتبرته تغيراً استراتيجياً وتاريخياً في الشرق الأوسط لأن التأييد والحماس الذي عبر عنه هذا الوزير للعدوان الصهيوني على سوريا فاق حتى حماس وتأييد أقرب حلفاء العدو، الولاياتالأمريكية المتحدة نفسها!! فعلى سبيل المثال لاحظ المحلل الصهيوني في القناة العاشرة بالتلفزيون العبري، باراك رافيد، أنه لم يسبق لوزير خارجية عربي أن قال هذا الكلام عن "إسرائيل" الآن لننقل هذا الحلف مع دول عربية من المكان الموجود فيه تحت الطاولة إلى المجال العلني، وإذا ضُيعّت هذه الفرصة الآن سيكون تضييع تاريخي على وصفه.
أكثر من ذلك أن وزير الاتصالات الصهيوني أيوب قرّا المقرب جداً من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، والمكلف ملف هرولة أنظمة الخليج نحو أحضان العدو، قال في تغريدة له على توتير تعليقاً على موقف وزير الخارجية البحريني " أنَّ هذا الدعم مقابل ما وصفه بالعدوانية الإيرانية يعكس الائتلاف الجديد الذي يُنسج في الشرق الأوسط، مؤكداً في الوقت عينه على ان اسرائيل هي جزء مهم داخل هذا الائتلاف،وذلك بفضل ما اعتبره أيوب القرّا نشاطاً مباركاً يقوم به رئيس الوزراء نتنياهو في هذا المجال" على حد قوله وتعبيره.
واللافت أيضاً أن تصريحات الوزير البحريني جاءت متزامنة مع مشاركة فريقي البحرين والإمارات في سباق الدراجات الذي أقامه الكيان الصهيوني في الأرض المحتلة احتفاءاً بالذكرى السبعين لاغتصاب فلسطين، أي ذكرى النكبة عند الفلسطينيين وأبناء الأمة، حيث خصصت وسائل الإعلام الصهيونية حيزاً بارزاً لمشاركة هذين الفريقين وفي الوقت الذي يتساقط فيه الجرحى من أبناء غزة بالمئات برصاص الجيش الصهيوني، كما أشرنا في بداية الحديث، وذلك في عمليات العدوان الصهيوني على احتجاجات العودة المتواصلة في غزة ! ما يعني ذلك دلالات مهمة نذكر منها ما يلي:
1. إن خطوات ومواقف النظام البحريني المتجددة نحو تعزيز التطبيع مع العدو الصهيوني، تؤكد ما كان يصرح به نتنياهو وغابي آيزنكوت رئيس الأركان الصهيوني وبقية المسؤولين الصهاينة، بأن العلاقة بين الكيان الغاصب والنظام البحريني وبقية الأنظمة الخليجية التي تقف مع النظام البحريني، كالنظام السعودي ونظيره الإماراتي، تجاوزت مرحلة التطبيع إلى التحالف والتنسيق الأمني، فهذه الأنظمة مع الكيان أصبحت منظومة أمنية تنسق وتتعاون فيما بينها ضد مصالح الأمة وضد مصالح الشعب الفلسطيني وحقوقه ولذلك نلاحظ أن المسؤولين الصهاينة يرددون دائماً أنهم في لقاءاتهم مع السعوديين والبحرينيين والإماراتيين لم يسمعوا منهم كلمة فلسطين أو الشعب الفلسطييني، كما لم يذكروا القضية الفلسطينية، لدرجة أن هؤلاء المسؤولين يقولون أن الخليجيين_المقصود المسؤولين_نسوا تماماً القضية الفلسطينية، وبات الاهتمام المشترك ينصب على ما يسمونه التحدي الإيراني...والى ذلك فأن ردة فعل أيوب القرا وزير الاتصالات الصهيوني التي أشرنا اليها قبل قليل تؤكد وتعزز هذا الرأي،حيث اعتبر كما مر بنا، أن قيام هذا الحلف هو من انجازات بنيامين نتنياهو موجهاً خطابه على ما يبدو إلى الداخل الصهيوني لتعزيز مكانة حزب الليكود عبر صدقية رؤيته في جلب هذه الأنظمة إلى أحضان الكيان الصهيوني دون إعطاءها أي مكاسب تذكر..يضاف إلى ذلك، أن ما يعزز هذه الرؤية، هو التقارير المتواترة والاعترافات بمشاركة أجهزة الأمن الصهيونية والعسكرية في حماية هذه الأنظمة، وفي العدوان على الشعب اليمني، فعلى سبيل المثال، أن النظام السعودي استعان بأجهزة أمن وشركات أمنية صهيونية لادارة مواسم العمرة في مكة المكرمة، بالإضافة إلى ذلك أن تقارير متواترة حول أن ثمة تواجد مكثف للموساد الصهيوني في الأمارات، وهو تواجد قديم يرجع إلى زمن اغتيال القائد في حركة حماس الشهيد المبحوح.
2. إن النظام البحريني وبقية الأنظمة الخليجية التي تقف في خندقه رهنت وجودها واستمرارها في الحكم بالدور والوظيفة اللذين تؤديهما هذه الأنظمة خدمة للصهيونية وللولايات المتحدة، وبالتالي فأن مسؤولي هذه الأنظمة باتت مجبرة، ومفروض عليها بحكم هذا الرهان الذي اوقعت نفسها فيه القيام بمثل هذه الأدوار والوظائف المنافية لمصالح شعوبها ولمصالح الأمة الإسلامية بشكل عام، ماساهم ذلك، بفضح تلك الأنظمة وحقيقة فلسفة وجودها واستمرارها متسلطة على رؤوس أبناء هذه الشعوب المحرومة والمظلومة، واللافت أن هذه الأنظمة تصرفت بجرأة ووقاحة كبيرة في تأدية أدوارها المشار إليها، بحيث باتت لا تكترث لمشاعر الأمة ولا لحرمة مقدساتها وقيمها، وهو ما يعتبر تطوراً خطيراً، يجب أن تلتفت إليه طلائع شعوب الدول الخليجية، وطلائع الأمة برمتها من علماء ومثقفين وإعلاميين وأصحاب الخبرة وما إلى ذلك، لأن استمرار السكوت على هذه الوقاحة من شأنه أن يشجع هذه الأنظمة على الدور التخريبي، وبذل كل الإمكانات المالية والجغرافية والأمنية والعسكرية في هذا الإطار.
الأخطر من ذلك، هو أن قصي الأمة، أن مهمة وادوار هذه الأنظمة لا تتوقف عند التنسيق الأمني والعسكري مع العدو الصهيوني وحسب، وإنما تتعدى ذلك إلى ما يميله العدو عليها، في إطار تمكينها هذا العدو من النفوذ والانتشار في جسم شرائح هذه الأمة، وفي الحقيقة ان العدو شرع في هذا المشروع، وما نلاحظ من أصوات شاذة في هذه الأمة، تتحدث بالطائفية تارة وبإثارة الفتن تارة أخرى هو دليل على عملية التنجيد الصهيوني للبعض من ضعاف النفوس، والدليل على ذلك أيضاً هو ما يقوم به بعض جلاوزة النظام البحريني من نواب جعلهم آل خليفة ممثلين لهذا الشعب النبيل بالتعيين وبالتزوير، أمثال النائب السلفي خالد الذي يغرد بين الحين والآخر، مثيرا للفتن الطائفية خدمة للأجندات الصهيونية والأمريكية والبريطانية.
واللافت حقاً أن النظام الخليفي، وبقية الأنظمة الخليجية التي تقف في نفس الخندق الذي يقف فيه لا تقدر الخطر الذي يتهددها وينذر بزوالها، نتيجة رهن وجودها وحياتها بخدمتها الأجندات والمشاريع الصهيونية والأمريكية، فهي غبية أو حمقاء أو معدومة الإرادة والاختيار، ويبدو لي أن كل هذه الأمور متجمعة في هذه الأنظمة، لأنها بمقدار ما تقوم به من تنفيذ أو القيام بما يُملى عليها من ادوار ووظائف في إطار المشاريع الأمريكية والصهيونية، فأنها تساهم بأكثر من هذا المقدار من صنع خطر داهم وجدي ضد نفسها، لأنها كما أشرنا تساهم في رفع وعي الأمة بعمالتها وبكشف خيانتها، وبالتالي زيادة عزلتها وبعدها عن هذه الأمة، التي إن انفجرت يوماً وقررت الثأر لنفسها فسوف تكنس كل هؤلاء الخونة وخدمة الاستعمار والصهيونية، صحيح أن الأمة وخصوصاً الشعوبالخليجية ساكتة الآن وتتحمل صلف ووقاحة وخيانة آل خليفة وآل زايد وآل سعود، لكن الرفض لهذه السياسات والغضب منها يعتمل في نفوس أبناءها، وينتظر الشرارة التي تفجر براكين الثورة في صدور هؤلاء الرافضين، وحينذاك يتبرأ الأمريكان والصهاينة من حماية هذه الأنظمة كما تبرؤوا من حماية مبارك وصدام والقذافي وزينالعابدين بن علي، ولم تشفع لهم خدمتهم الجمة للصهاينة والاميركان ولا خياناتهم الكبرى لقضايا أمتهم، إنما رمتهم الأمة في مزابل التأريخ وفي مزابل النسيان وبئس المصير، وكذلك سيكون حال آل خليفة وإخوانهم آل سعود وآل زايد ومن لف لفهم.
3. البعد المهم الآخر في هذه الهرولة المتسارعة التي يقوم بها النظام الخليفي، هو أن هؤلاء المهرولين كلما سارعوا في هرولتهم إلى حد الجري، كلما ازداد العدو وأمريكا صلفاً وغطرسة واحتقاراً وإذلالا لهذه الأنظمة، وهناك أدلة كثيرة، ولكن اكتفى بذكر مثالين على ذلك، الأول حصل في نهاية عقد التسعينات حيث كان المقبور آرييل شارون يومذاك رئيس الحكومة الصهيونية، وكان يعقد اجتماعاً مصغراً، أو ما يسمى باجتماع الحكومة الأمنية، الذي يعمل به حتى اليوم، والحكومة الأمنية المصغرة تلتقي لبحث المسائل الأمنية المهمة والطارئة وتتكون من رئيسالوزراء ووزراء الداخلية والخارجية والدفاع ورئاسة أركان الجيش بالإضافة إلى رؤساء أجهزةالأمن، وفي حينها نسيت الحكومة المصغرة، أنها مازالت على الهواء مباشرة وفي حالة بث حي_يقطع البث الحي عند شروع الحكومة بالاجتماع وانتهاء مراسم البروتكول المعروفة وشرع وزير الخارجية بذكر الأخبار، مبتدءاً من مصر وحسني مبارك فقاطعه يومها شارون قائلاً له اترك مبارك لا يهمنا ماذا يقول، خبرنا عن نصرالله، (أمين عام حزب الله) ماذا يقول فهذا الرجل عندما يقول يفعل، وانتشر هذا المقطع من التصريح يومها في كل أو في أغلب وسائل الأعلام.
أما المثال الآخر، فهو تعليق وزير الدفاع الحالي أفيغدور ليبرمن على تغريدة وزير الخارجية البحريني خالد بن أحمد آل خليفة، التي نحن بصدد الحديث عنها حيث قال ليبرمن "مَنْ الذي أيّد قرار ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران؟ " إسرائيل والسعودية ودول الخليج".وأضاف :" لذا أعتقد أن الوقت قد حان لتلك الدول المعتدلة أن تخرج من الحجر وتبدأ بالتحدث علانية.ومثلما يوجد محور الشر، فقد حان الوقت لأن يكون في الشرقالأوسط أيضاً محوراً للدول المعتدلة" على حد قوله.داعياً هذه الدول إلى اتخاذ موقفاً أكثر تشدداً من إيران " الشيعية " بحسب قوله، في إشارة تحريضية واضحة، ومحاولة للضرب على وتر الفتنة الطائفية.
لاحظ أيها القارئ العزيز، أن ليبرمن لم يخاطب هذه الأنظمة من موقع الحلفاء أو الأصدقاء على أقل تقدير، ولم يخاطبهم بلغة الاحترام، إنما خاطبهم بلغة الازدراء والاحتقار، فلسان حال ليبرمن يقول بحسب ما تفسره لنا الجملة التي خاطبهم بها..لقد حان الوقت لخروجكم أيها الجرذان من الحجر، لقد حان الوقت لخروجكم أيها الجبناء الأذلاء من الحجر..وإذا كان هناك غير تفسير لجملته فليخبرني وأكون له شاكراً، اعتقد أن أغلب المحللين ومن له باع باللغة العربية يتفق معي على أن الخطاب الذي توجه به ليبرمن نحو هذه الأنظمة، هو خطاب استعلائي تقصد فيه احتقارها وإذلالها وتشبيهها بالجرذان، ولكن بصورة غير مباشرة، وهذه قضية معروفة، المستعمر والمستكبر لايحترم العملاء والخائنين لأوطانهم وشعوبهم، بل يعتبرهم أدوات، ينفذ بهم مآربه ومشاريعه، ومن ثم يرميهم في مزابل النسيان، ومن هذا المنظار اعتبر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن دول الخليج مجرد أبقار حلوبة متى ما يجف حليبها يجري ذبحها، بينما الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الابن، عندما اخبروه أثناء الاحتلال الأمريكي للعراق، بفتك المقاومة العراقية بالقوات الأمريكية الغازية، والحاقها المزيد من الخسائر في المعدات والأفراد، قال بوش لو كنت مكانهم، أي المقاومين العراقيين، لفعلت مثلما يفعلون، أي انه لو كانت أمريكا نفسها تتعرض للاحتلال، مثلما يحصل للعراق، لقاومت الاحتلال، فالمحتلون يحترمون ويقدرون المقاوم ويزدرون الخائن والعميل، وكذلك اليوم هو حال الأنظمة الخليجية، فهل ستؤوب هذه الأنظمة إلى رشدها، وتعود إلى شعوبها، وتحصل حينذاك على العزة والكرامة، وتتخلص من المصير المحتوم أي السقوط المخزي لها، أن هي ظلت تهرول وتقدم شهادات حسن السلوك للأميركان والصهاينة ومن لف لفهم!؟
عبد العزيز المكي
ارسال التعليق