هل الدعم الايراني لفلسطين يبرر التطبيع السعودي مع الكيان الإسرائيلي؟!
سبعون عاماً تمر على النكبة في فلسطين من قبل كيان الاحتلال الاسرائيلي، تناقضت الصور على نحو يجزم بامتداد الصراع الفلسطيني الإسرائيلي إلى عقود أخرى، فلا الإسرائيليون بوسعهم أياً كانت بشاعة المذابح التي يرتكبونها إنهاء القضية الفلسطينية بإرهاب وقتل، أو بصفقة قرن، ولا الفلسطينيين أياً كانت فواتير الدم التي يبذلونها بمقدورهم التنازل عن وجودهم نفسه والحق في الحياة بكرامة، فمسيرات العودة التي قام بها الفلسطينيون من قطاع غزة باتجاه الداخل الفلسطيني والضفة، اثارت جميع وسائل الاعلام في العالم العربي والاسلامي لكن بعض اعلامنا العربي مع الأسف استخدم بعض المصطلحات والتسميات التي اصابتنا بالكثير من الذهول والصدمة حيث عبروا عن الشهداء الفلسطينيين بالقتلى!
لا غرابة في ذلك، فربما سيأتي يوم ونسمع من هؤلاء ايضاً انّ القتلى الصهاينة يصبحون شهداء، ذلك لأن في الأمر أسباب علينا ان نتفهمها، ومن جملة هذه الأسباب ان هذا الذي يجري رغم كل هذه الضوضاء، هذا الدم المسال على الأرض الفلسطينية انما هو "متاجرة ولأن هؤلاء ارتبطوا بإيران"، حيث يقول أحد الإعلاميين على القنوات السعودية أن "الآن الذي يحدث والدماء التي تسيل في غزة والتي سالت قبل ذلك هي متاجرة للإسلام السياسي الشيعي لإيران ولتحقيق نصر مزيف لها على جثث الفلسطينيين"، فبنظرهم الذين استشهدوا هم ليسوا بفلسطينيين، وليست هذه ارض فلسطين، وليس هذا عام النكبة الذي احتلت فيه فلسطين عام 48، وليس ذلك بسبب نقل السفارة الأمريكية من تل ابيب الى القدس، كل ذلك ليس موجود في قاموس الاعلام السعودي والمسؤولين هناك، انما الذي يجري بنظرهم خيانة لبعض الفلسطينيين لصالح الهلال الشيعي في ايران.
فهو مؤلم للمملكة العربية السعودية ان تقوم إيران بدعم الفلسطينيين، وهو مؤلماً ايضاً ان تكون أغلبية حركات المقاومة في فلسطين والعالم العربي قريبة من إيران، فبنظرهم يجب ان يكونوا قريبين من السعودية، والسعودية قريبة من أمريكا، وامريكا قريبة من العدو الإسرائيلي، لا بل حليفة العدو الصهيوني، يعني المطلوب ان يتحالف الفلسطينيون مع الذين احتلوا ارضهم وان تصبح إيران عدواً لهم.
هنا نتوجه الى العالم العربي بسؤال وهو كالتالي "هل تدركون ان هذا الأمر هو ليس من فراغ؟"، ويجيب بعض المحللين هنا ان ذلك نتيجة تفكير وتنظير استراتيجي وربما قائم ايضاً على أسس عقائدية تدين بها الوهابية، وهنا نشير الى كلام الضابط السابق في المخابرات السعودية أنور عشقي حيث يقول" ان إسرائيل بالنسبة للمملكة السعودية وبالنسبة لدول مجلس التعاون الخليجي هي عدو مظنون وايران عدو مضمون، فلا نغلب العدو المظنون على العدو المضمون الأول لم يوجه صواريخه نحو مكة المكرمة، ولم يرسل الإرهابيين للتفجير في المدينة المنورة وغيرها من المدن، لكن الثاني فعلها، اما بالنسبة لقتل الإسرائيليين للفلسطينيين نقول ان الفلسطينيين ليسوا سعوديين وبالتالي إسرائيل ليست عدوة للسعودية"، ويعتقد بعض المحللين ان هذا الكلام بالحقيقة هو كلام رسمي وليس كلاماً عادياً، فعندما يقول أنور عشقي ان إسرائيل للسعودية ولدول مجلس التعاون الخليجي عدو مظنون فهو يتكلم باسم هؤلاء وبالتالي ان بعض الظن اثم.
القدس التي يُسأل عنها الأمير الشاب عن قرار واشنطن بنقل سفارتها اليها، فيرد متهرباً لأنه كما يقول رجل إيجابي لا يحب الحديث عن القضايا التي تثير الخلاف، ولكن على المقلب الأخر يقول عندما ذكر الفلسطينيون امامه خلال لقائه مع رؤساء منظمات إسرائيلية في زيارته الأخيرة الى أمريكا "ان عليهم (أي الفلسطينيين) ان يخرسوا فقد اضاعوا الفرصة تلو الأخرى للحل"، اذا المعادلة التي تحدث عنها أنور عشقي وتركي الفيصل وعادل الجبير وغيرهم من الشخصيات يأتي كل ذلك في سياق متسلسل ومترابط لا ينفك عن فراغ ولا يأتي بالصدفة وما يقوله اليوم محمد بن سلمان (MBS) في المقابلات العديدة التي يجريها مع الصحف العالمية كنيويورك تايمز وغيرها انما هو نتيجة اجترار لكل الأفكار الصهيو-أمريكية وترجمة لها.
عندما يتحدث الملك سلمان في الجامعة العربية الأخيرة ويسميها بالقدس، يذكرنا بكلام الشاعر العراقي الكبير مظفر النواب الذي يقول " دعي النفط ولم يدعى العراق"، وها هم العرب اليوم يكررون أنفسهم ومعزوفتهم، تارة مؤتمر عن القدس وتارة أخرى مؤتمر باسم فلسطين... والكل يتغنى بالقدس وترامب يترجم كل هذه الآمال والأحلام وهذه العناوين الى ميدان العمل المباشر. ابن الملك سلمان يبيع فلسطين بالكامل ويخرج علينا يضحك على البعض في وسائل الاعلام ان هذا المؤتمر باسم القدس او القمة باسم القدس، متاجرة بن سلمان بالقدس والقضية الفلسطينية رحب به الاعلام العبري والقادة الصهاينة بل اخذ البعض منهم يهللون له ويدعون القيادة الإسرائيلية الى دعوته لحضور احتفال " استقلال إسرائيل"، ويقول محللون هنا ان طرح اسم بن سلمان او النابغة الكبيرة" كما يطلق عليه في السعودية لا يتحرك عن فراغ، فهو يمهد لأرضية ويمهد لخطواته وربما سنراه قريباً كما يقول الصهاينة يشارك في عيد الاستقلال ال 70 للكيان الإسرائيلي.
ختاماً، العدو أصبح صديقاً، والصديق أصبح عدو، المقاومة خيانة والشهداء قتلى وكل هذا الذي يجري انما هو في خطاً متسارعة لكي يخضع الجميع امام ما يريده ترامب، ويدفعون المزيد من مليارات الدولارات يومياً في سبيل تحقيق ذلك. هذه هي مواقف بعض العربي مع الأسف الشديد، لكن هل هناك ما هو ابعد من ذلك؟ ربما سوف نرى ما هو ابعد من ذلك في القريب والقريب العاجل جداً.
ارسال التعليق