تقارير حقوقية: السلطات السعودية اعتقلت أكثر من 33800 مواطن بينهم عسكريين
* جمال حسن
قالت منظمة العفو الدولية "أمنستي" في آخر تقرير لها قبل أيام، إن السلطات السعودية زادت من وتيرة استهداف معارضيها منذ تولي محمد بن سلمان ولاية العهد، مؤكدة أن الحديث عن انفتاح في السعودية يجب ألا يحجب الاعتداءات الخطيرة على حقوق الإنسان الجارية في السعودية والتي تتخذ شكل قمع عنيف للمجتمع المدني، إذ يتم استهداف المعارضين السياسيين والمدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين ومهاجمتهم بهدف إسكاتهم.
وقالت المسؤولة عن الحريات العامة والفردية في منظمة العفو الدولية كاتيا رو، إن "ولي العهد محمد بن سلمان تذرع بإصلاحات ومشاريع إنفتاح وتحديث للبلاد، ومنها الترخيص للنساء بقيادة السيارات".. لكن الحقيقة هي أنه أراد أن يوفر إطاراً إضافيا لقمع معارضيه وكذا الناشطين في المجتمع المدني حيث أغلقت الكثير من الجمعيات وزج بأعضائها في السجون ووجهت لهم اتهامات واهية وعامة يتم من خلالها إسكات كل صوت معارض.
وأكدت التقارير الحقوقية الدولية عن إرتفاع مفرط في نسبة الاعدامات التي تنفذها السلطات السعودية وسط كتمان غربي إنتفاعي من مال البترودولار المنهوب من سفرة المواطن بغية تبييض وجه ولي العهد السعودي، تضامناً مع تزايد وتيرة القيود المُشددة على حرية التعبير، والتمييز القانوني والاجتماعي بين شرائح المجتمع السعودي على أساس طائفي وعرقي ومناطقي، وسط تواصل حملة الاعتقالات التي تطال رجال أعمال وكتاب ومفكرين ورجال دين ونشطاء من الجنسين وغيرهم، حيث تم اعتقال المئات من المدافعين عن حقوق الإنسان ومنتقدي السلطة، وحكم على بعضهم بالسجن لمدد طويلة بمحاكمات جائرة، فيما هناك العشرات آخرين يقبعون في المعتقلات دون محاكمة منذ سنوات مع استمرار تعرض المحتجزين للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة الذي أصبح “أمراً شائعاً”.
وتواصل السلطات السعودية قمع النشطاء السلميين والمعارضين، ومضايقة الكتّاب والمعلقين على الإنترنت، وغيرهم ممن يمارسون ابسط حقوقهم في حرية التعبير بإبداء آراء معارضة لسياسات "محمد بن سلمان" الطائشة والقمعية، لافتة الى أنه “بعد مرور عامين على صدور قانون الجمعيات، لم يتم إنشاء أي منظمات مستقلة لحقوق الإنسان في المملكة بموجب قانون “مكافحة الإرهاب” المزعوم، والذي صدر في أكتوبر الماضي، ويحمل في طياته “استخدام تعريف غامض وفضفاض جدا لأعمال الإرهاب، ما يسمح لولي العهد السعودي باستخدامه كأداة لزيادة قمع حرية التعبير – وفق "امنيستي" و"هيومن ووتش رايتس"، وكذا المدافعين عن حقوق الإنسان وحتى اولئك الذين أنبروا في المعارضة للتطبيع القائم على قدم وساق مع الكيان الاسرائيلي، وإنتقاد السلطة لصمتها المطبق لما يجري من قتل ومجازر بحق الفلسطينيين العزل في غزة وغيرها وولي العهد السعودي يؤكد على حق المستوطنين الصهاينة في الدفاع عن أنفسهم ودويلتهم أمام "الإرهاب الفلسطيني" - حسب وصفه خلال حديثه لوسائل الاعلام الأمريكي في زيارته الأخيرة للولايات المتحدة قبل أن تختفي أنبائه عن الشارع السعودي بعد أحداث حي الخزامي بالرياض.
هذا وعبّرت دراسة جديدة صادرة عن مركز أبحاث الأمن القوميّ الإسرائيليّ، عن شكوكها العميقة من قدرة الحاكم الفعليّ للسعوديّة "محمد بن سلمان" في إخراج ثورته (الإصلاحات الاجتماعيّة والاقتصاديّة) التي أعلن عنها الى حيّز التنفيذ، بإعتبارها الطريق السهل للاستئثار بالسلطة - حسب رأي مُعّد الدراسة الباحث الكبير في المركز "يوئيل غوجانسكي".
ورأت الدراسة أن التغييرات الظاهرية الاجتماعيّة هي مسعى لأبن سلمان للسيطرة الكاملة على مقاليد الحكم وكسر التوازنات التي كانت قائمةً بين فروع عائلة آل سعود، أوْ بكلماتٍ أخرى، يعمل وليّ العهد أبن الـ32 عامًا على نقل السلطة من الحكم الاسري الى حكم الشخص الواحد، وأنّه من أجل الوصول لهذا الهدف لم يتورّع عن اعتقال سياسيين ورجال دين ومُثقفين، وزجّ العديد منهم وحتى من الأمراء في السجن في حملةٍ مكثفّةٍ وسريّةٍ، وبدون شفافيةٍ بالمرّة. وهو ما يحصل حالياً في المملكة وسط إلهاء الشارع السعودي برؤية (2030) التي أعلن عنها في نيسان/ أبريل عام 2016، مشددة أنّه بعد سنتين من الإعلان عن رؤية (2030) ما زال الوضع بالمملكة صعبًا: النمو يُراوح مكانه، أيْ ما زال صفرًا، فيما تزداد نسبة البطالة، وإن فتح دور السينما وإقامة الحفلات الماجنة والراقصة المختلطة في شوارع المملكة، والسماح للنساء بالحصول على رخصةٍ لقيادة السيارة هي أكاذيب ليس إلا حيث لازال السعوديون يعانون من تفرقة بين الرجال والنساء، ومنع الفعاليات السياسيّة وتُدار وفق رؤية الشخص الواحد.
وقبل أيام أعادت منظمة هيومن رايتس ووتش الدولية لحقوق الانسان إنتقاداتها اللاذعة للسلطات السعودية لاعتقالها آلاف الاشخاص لفترات طويلة وبشكل مفرط دون محاكمة، معتبرة ان النظام القضائي يشهد تدهورا كبيرا في البلاد- واكدت إنه تم اعتقال أكثر من 33800 مواطن سعودي بينهم علماء وناشطين وناشطات ومفكرين ومعارضين للتطبيع وعسكريين برتب عالية لمعارضتهم الحرب على اليمن أو فرارهم من ساحات الحرب، خلال الأعوام الثلاثة الماضية وإحتجازهم لفترات طويلة في السجون دون إدانة أو ملف قضيتهم قيد المراجعة القضائية، بما في ذلك 9492 شخصاً لأكثر من عام و770 شخصا آخرا لمدة تزيد عن ثلاث سنوات دون محاكمة؛ داعية المدعي العام السعودي الى توجيه الاتهام الفوري أو إطلاق سراح جميع المتهمين المحتجزين بصورة تعسفية.
وكشفت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، أن السلطات السعودية اعتقلت قبل أيام عدة ناشطين في مجال الدفاع عن حقوق المرأة بينهم نساء، وذلك قبيل بضعة أسابيع على بدء سريان قرار السماح للنساء بقيادة السيارات في المملكة، لكنها نقلت عن ناشطين قولهم انه "اتصل الديوان الملكي بناشطين بارزين... وحذّرهم من مغبة الادلاء بتصريحات اعلامية".
من جهتها نقلت وكالة الانباء السعودية الرسمية (واس) عن متحدث باسم جهاز أمن الدولة، أن الموقوفين السبعة اعتقلوا بشبهة "التجاوز على الثوابت الدينية والوطنية والتواصل المشبوه مع جهات خارجية بهدف النيل من أمن واستقرار المملكة وسلمها الاجتماعي والمساس باللحمة الوطنية".
وأكد ناشطون أن السلطات السعودية شنت في أول أيام شهر رمضان حملة اعتقالات جديدة شملت شخصيات بينهم ناشطون وناشطات في مجال حقوق الإنسان منهم الدكتور محمد الربيعة، والدكتور إبراهيم المديميغ، والناشط عبد العزيز محمد، والناشطات لجين الهذلول، وعزيزة اليوسف، وإيمان النفجان،وولاء شبر فضلا عن نورة فقيه شقيقة المعتقل منصور فقيه؛ مشيرين الى أنها تواصل ابتزاز النشطاء عبر اعتقال أهاليهم للضغط عليهم كما هو الحال مع الناشط السعودي المقيم في بريطانيا عبد الله الغامدي حيث تواصل السلطات السعودية احتجاز والدته وشقيقه لحوالي الشهرين دون السماح لذويهما بالتواصل معهما.
ارسال التعليق