حقوق المرأة السعودية بين الوهم والواقع
بقلم: محمود البازيجريئة كانت رهف حين هربت من هذا المجتمع الظالم. وشجاعة كانت حين تخلت عن لقبها “القنون” لإن عائلتها تبرئت منها. إلا أن قصة الفتاة السعودية ليست قصة فردية تنتهي بمجرد الوصول إلى كندا بل هي قصة تروي الواقع العربي والإسلامي، تروي الظلم الذي تتعرض له النساء في مجتمعاتنا باسم الدين تارة وباسم الوطنية تارة أخرى. قصة رهف هي من القصص القليلة جدا التي استطاعت أن تجد لنفسها حيزا في الرأي العام العالمي رهف من القليلات اللائي استطعن الفرار ورواية قصتها التي فضحت العنف الذي تتعرض له النساء في بلداننا.
بينما كنت اتجول في صفحات الانستغرام فوجئت بالكم الهائل من الشتائم والتكفير الذي تعرضت له الفتاة السعودية.
وفي صفحات أخرى تمّ اتهام رهف بالعمالة وغيرها من التهم لفتاة كل ما فعلته هو الفرار من واقع مظلم بحثا عن الحرية.
نعم نحن المسلمون وقحين بحق، نتهم الآخرين بالعنصرية وسوء معاملة اللاجئين في الوقت الذي تخاف فيه بناتنا بالعودة إلى بلادهن لإنه لا قانون يحميها ولا بلد تستطيع تقديم شكوى لحمايتها. النساء في السعودية مجبرات على القبول بما يسمى “الولاية” وهي لا تستطيع استصدار أي وثيقة رسمية دون موافقة ولي أمرها.
لا يقتصر الظلم على النساء في السعودية وحسب بل يمكن القول أنه في أغلب البلدان الإسلامية سن الزواج بالنسبة للفتاة هو 15 عام أو أقل. وهو أمر مخجل بحق حيث يتم حرمان النساء من حقها بالحياة وحقها بالتمتع بطفولتها وعندما نقابلهم بالحجة أن الفتاة ان كانت عاقلة للزواج تعالوا لنعطيها حق الرأي وحق قيادة السيارة وحق أن تمتلك حساب بنكي وأن تسافر وغيره ينتفض أولئك ليقولوا لك إنها عاقلة فقط في الأمور الجنسية.ميراث النساء في البلدان العربية وبعض الدول الإسلامية هو نصف ميراث الرجل. لا تستطيع المرأة أن تكون رئيسة لبلدها في بعض بلداننا لإنهن بحسب حجة البعض “ناقصات عقل ودين”. الدية المعمول بها في بعض البلدان الإسلامية لا تساوي بين المرأة والرجل. فإذا تمّ قتل امرأة على سبيل المثال فإن المبلغ الموصوف بالدية هو نصف المبلغ المقرر للرجل. لا تتمتع المرأة بحق الطلاق المستقل بل إن هذا الحق مقرر للرجل وحده متى ما شاء يستطيع تطليق المرأة وتركها تواجه مصيرها في مجتمعات تعاني المرأة فيها من الظلم والبؤس. لا توجد قوانين تجرّم العنف الأسري الذي تتعرض له النساء ولا يوجد قوانين لحماية النساء من التحرش الجنسي.
اذا عدنا مرة أخرى إلى السعودية، فالسعودية تعتقل اليوم الناشطات السعوديات (لجين الهذلول، ايمان النفجان، عزيزة اليوسف، حصة آل شيخ، عائشة المانع، مديحة العجروش وولاء آل شبر) هذا الاعتقال تمّ دون توجيه تهم محددة للناشطات السعوديات وهو مستمر إلى حين كتابة هذه المقالة ولم تُعتقل الناشطات إلا لمطالبتهن بالحقوق المدنية العادية للمرأة في السعودية وهي أبسط الحقوق كحق قيادة السيارة الذي يتفاخر ولي العهد محمد بن سلمان اليوم بمنحه للمرأة السعودية. النساء في السجون السعودية يتعرضن للتعذيب الممنهج والتحرش الجنسي والصعق بالكهرباء بحسب رويترز ومنظمة هيومن رايتس ووتش والعديد من منظمات حقوق الإنسان وعندما طالبت منظمة بريطانية مستقلة بزيارة المعتقلات لم تحصل على موافقة لهذا الطلب.
لقد كان عارا للعالم الحرّ أنه لم يقف بجانب كندا خلال أزمتها مع السعودية إثر مطالبتها للحكومة السعودية بإطلاق صراح المعتقلين في السجون السعودية. ومع ذلك فإن الرئيس دونالد ترامب يستطيع تصحيح خطأه التاريخي، وهو بنفس الوقت لديه مسؤولية أخلاقية هو وإدارته بالمطالبة بحماية المعتقلات السعوديات لإن اعتقال وتعذيب الناشطات السعوديات ليست مسألة داخلية سعودية بل هي مسألة تهم الرأي العام العالمي وهي بالطبع تتعلق بحرية الرأي وحق الحياة التي تتمحور حولها القيم الأمريكية العريقة. إن لم يقم الرئيس ووزير خارجيته بالمطالبة بإطلاق صراح المعتقلات فإن الكونغرس الأمريكي اليوم مطالب بتحمّل مسؤولياته. ونحن بدورنا لن نسكت ولن ندع أقلامنا جانبا حتى تأخذ العدالة مجراها.
ارسال التعليق