ابن سلمان يواجه مستقبلاً غامضاً
قالت صحيفة ‘‘لوفيجارو’’ إن قضية جمال خاشقجي كارثية بالنسبة للسعودية وولي عهدها ولعائلة آل سعود بأكملها. ونقلت الصحيفة الفرنسية عن مصدر من قلب دوائر القرار السعودي، أن هذه الجريمة أضعفت كثيراً محمد بن سلمان (MBS) وجعلت مستقبله غامضاً، في بلد يدفع فيه الخوف للصمت. وأشارت لوفيجارو إلى أن المسؤول السعودي الرفيع، قال: ‘‘إن ابن سلمان وعد بالكثير، غير أنه فشل تقريباً في كل شيء، بما في ذلك حربه ضد الحوثيين في اليمن وحصاره على قطر. كما أن السعوديين الذين انتظروا تقدماً بمجال السكن والصحة، لم يروا نتائج ملموسة. وحتى من أيدوا إصلاحاته في البداية- بما في ذلك النساء، اللواتي تم توقيف وتعذيب بعضهن- أصبحوا منتقدين لسياساته، لكن لا أحد يجرؤ على الكلام.
ففي مطارات الرياض وجدة، توجد عشرات الطائرات الخاصة لم يعد باستطاعة أصحابها مغادرة المملكة مع وضع سوار إلكتروني بأرجل بعضهم ومرافقة رجال الشرطة لبعضهم خلال تحركاتهم. ولايزال أمراء آخرون أو رجال أعمال، في باريس أو لندن ويرفضون العودة للسعودية، خوفاً من الاعتقال، كما حصل مع مئات الشخصيات الذين احتجزوا لعدة أشهر في فندق الريتز نهاية 2017، وتعرضوا للضرب. ومنذ عملية التطهير، لم يعد رجال الأعمال يريدون الاستثمار في بلادهم. أما بالنسبة للشركات الأجنبية فإنها تنتظر وسط تردد كبير. وهنا تبدأ مشاكل ابن سلمان. ‘‘فخلال حرب الخليج الثانية 1991 ورغم سقوط صواريخ سكود على الرياض، لم تغادر الأموال السعودية. لكنه منذ عام، أخرج العديد من السعوديين أموالهم، بعد فقدانهم الثقة بابن سلمان’’، بحسب المصدر السعودي، مُعتبراً أن عودة الثقة مرهونة بتغيير ابن سلمان لطريقته في الحُكم.
ونقلت الصحيفة الفرنسية عن دبلوماسي مقرب من دوائر القرار السعودي، أن ابن سلمان قويٌ ومعزولٌ بنفس الوقت داخل الأسرة الحاكمة، ووالده الملك سلمان بن عبد العزيز أخذ يضع بالاعتبار العداوات الكثيرة ضد ابنه داخل عائلة آل سعود. ولتهدئة العائلة الحاكمة، قام بــ‘‘تأطير’’ ولي العهد، فأعطى ضمانات لأخيه الأصغر الأمير أحمد بن عبد العزيز الذي وافق على العودة من منفاه في لندن. كما أن التعيينات الأخيرة، كتعيين إبراهيم العساف وزيراً للخارجية ومساعد بن محمد العيبان كمستشار للأمن الوطني، تُبين رغبة الملك بإعادة الثقة لبعض المخضرمين.
وأضاف المصدر السعودي: هـناك رغبة بتقليص صلاحيات ابن سلمان، فالملفّان السوري واليمني أصبحا تقريباً مع مساعد العيبان، أما بالنسبة لشقيقه الأصغر خالد بن سلمان - السفير بالولايات المتحدة السابق - فيلعب أيضاً دوراً متزايداً بالدبلوماسية السعودية. لكن واشنطن التي تعتبرُه متورطاً بجريمة اغتيال خاشقجي، لم تكن تريدُه كوزير للخارجية، وبالتالي فإن ابن سلمان بات يركز على قضايا محلية واجتماعية واقتصادية، بقرار من والده.
ونقلت ‘‘لوفيجارو’’ عن دبلوماسي آخر، قوله إن ‘‘ابن سلمان ارتكب خطأ باختيار أصدقاء وشباب، مع أنه كان بحاجة لمحترفين ذوي خبرة. وحتى وإن كانت السلطات الرئيسية مازالت بقبضته، إلا أن التغييرات المتكررة على رأس جهاز الحرس الوطني تظهر أن الجميع لا يسير بنفس الاتجاه. ورأت ‘‘لوفيجارو’’ أن الملك سلمان سيدعم ابنه محمد حتى آخر نفس غير أن الابن الوريث يواجه مشكلة أن ‘‘صورته باتت سيئة في أوروبا وكارثية في واشنطن، ولكن الكلمة الأخيرة ستكون للبيت الأبيض فإذا لم يفز ترامب في 2020، فإن الرئيس الأمريكي الجديد سيعارض تولي ابن سلمان العرش’’، بحسب المسؤول السعودي. وهذا الرأي يشاطره العديد من الخبراء. ويبدو دعم البيت الأبيض حالياً للرياض هشاً، فمع أن ترامب بحاجة لـ ابن سلمان في حملته ضد إيران وليتقبل العرب خطته للسلام (صفقة القرن)، لكن تأخر الصفقات التي وعد بها ابن سلمان قد يؤدّي لنفاد صبر ترامب. وخلال زيارة ترامب للرياض في مايو 2017، وعده ولي العهد بعقود بمئات المليارات من الدولارات، لكن بعد مرور أكثر من عام ونصف، بلغت العقود الموقعة 14 مليار دولار فقط. وتقول ‘‘لوفيجارو’’ موضحةً أن عدم استقرار السعودية، بات يقلق حتى جيرانها - خاصة حليفتها الإمارات - الذين راهنوا على ابن سلمان، وباتوا اليوم يتساءلون: هل سيصلُ حليفهم للعرش ؟. فإذا اختفى الملك سلمان بالأشهر القادمة، ماذا سيفعل آل سعود؟ هل سيجتمع ابن سلمان بهيئة البيعة التي تجاهلها بإزاحة ابن عمّه الأمير محمد بن نايف من ولاية العهد عام 2015؟. وتختتم ‘‘ لوفيجارو: وسط هذا المحيط المليء بالغموض، هناك شيء واحد مؤكّد، لقد خلق ابن سلمان لنفسه العديد من الأعداء.. فهل سيتغيّر من أجل البقاء؟
ارسال التعليق