علاقة واشنطن مع الرياض في أسوأ مراحلها
نشرت مجلة “فورين بوليسي” مقالا قالت فيه إن العلاقات الأمريكية السعودية تواجه مشكلة حقيقية بسبب تصرفات ولي العهد السعودي المتهورة، وأن الأمور يمكن أن تنزلق للأسوأ. وجاء في المقال الذي كتبه جون حنا، من مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، أن “الأكثرية من الحزبين في الكونجرس جعلت من الواضح رغبتها في عقوبة ولي العهد محمد بن سلمان، بسبب سلسلة طويلة من الانتهاكات، بما في ذلك دور السعودية في حرب اليمن، وقتل الصحافي المعارض جمال خاشقجي، وستتكثف هذه الجهود مع اقتراب الانتخابات الرئاسية في 2020، وسيتنافس الديمقراطيون الحالمون في خوض الانتخابات الرئاسية بين بعضهم بمهاجمة العلاقات الوثيقة للرئيس دونالد ترامب مع قيادة السعودية”.
وأضافت المجلة “ بوجود ابن سلمان على قمة الهرم، أصبح الكلام حول استخدام مناشير العظام على الصحافيين، وسجن وتعذيب المواطنين الأمريكيين، وانتهاك حقوق الناشطات الحقوقيات يملأ الإعلام. وحتى لو لم يستطع الكونجرس تمرير قانون واحد دون أن يستخدم الرئيس حق الفيتو، إلا أن الجهود المتواصلة شهرًا تلو آخر ومسودات قوانين وانتقادات عامة تستهدف المملكة تهدد بإلحاق الضرر بالعلاقة الاستراتيجية بين البلدين على المدى الطويل” . ويضيف الكاتب: “العلاقة بين البلدين فيها خلل، وتغيرات حقيقية في ديناميكية العلاقة تحدث الآن على قدم وساق، وهذه التغيرات يجب أن تدفع كل من يفترض أن أي حجم من السخرية من السعودية لن يعرض الشراكة الأمريكية السعودية للخطر للتوقف والتفكير، ويجب على إدارة ترامب الانتباه”.
ويرى كاتب التقرير أنه “مع أن الاعتبارات التي حكمت العلاقة الأمريكية السعودية لعقود لا تزال بشكل كبير لم تتغير، لكنها أصبحت على أرضية غير ثابتة“. ويؤكد التقرير أن ابن سلمان ارتكب سلسلة من التصرفات المتهورة والمزعزعة للاستقرار، كان يجب أن تثير قلق الإدارة الأمريكية وكلها تقريبًا، قوبلت باستهتار من الإدارة، من احتجاز رئيس الوزراء اللبناني رهينة، إلى ابتزاز مليارات الدولارات من أمراء ورجال أعمال كبار، ومن سجن وتعذيب ناشطات حقوقيات، إلى تدمير العلاقة مع كندا بسبب تغريدة أو تغريدتين، وكانت الإدارة غائبة في الأوقات التي كان يجب أن تحاسب فيها السعودية، وأن يتم منع ولي العهد المتهور من ارتكاب حماقات سيكون مفعولها سلبيا”. ويذهب الكاتب إلى أنه “مع موت خاشقجي المأساوي ، أصبح واضحا بأن مقاربة ترامب وزوج ابنته جاريد كوشنير في إدارة الأمور مع السعودية على أساس الصفقات قد ضلت الطريق بشكل كبير، فإعطاء محمد بن سلمان صكا مفتوحًا ليمارس أحلك ما يجول في خاطره مقابل مليارات لشراء الأسلحة وأسعار نفط متدنية، وموقف أقل عدائية من الخطة الأمريكية للسلام في الشرق الأوسط والمحكوم عليها بالفشل أصلاً.. لم يكن حكيمًا، ولا مقايضة سياسية مستدامة في السياسة الخارجية الأمريكية”.
ويضيف الكاتب: “لثني الكونجرس عن مساره المعادي للسعودية فإن على الإدارة أن تسعى لتحقيق بعض الأهداف قصيرة الأمد، وأولها أن تصل إلى اتفاق خاص وصريح مع ولي العهد، يمنعه من القيام بمفاجآت، أو القيام بأعمال عسكرية دون استشارة سابقة (مثل اليمن). لا لحصار الجيران (مثلما فعل مع دولة قطر)، لا لقطع العلاقات مع الديمقراطيات الغربية (مثل كندا). وحيث يمكن أن تتأثر المصالح الأمريكية بسبب سياسات سعودية يجب أن تخبر أمريكا بذلك، ويجب أن تقنع الإدارة أعضاء الكونجرس الرئيسيين بأنها حصلت على التزامات من محمد بن سلمان بأن السعودية ستكون متحفظة ومسؤولة من الآن فصاعدا”.
ويرى الكاتب أن على أمريكا إيصال رسالة للسعوديين ليدركوا أن وضعهم في واشنطن الآن سيئ جدًا، وأن من المهم جدًا أن يبدأوا في المشاركة في الدفاع عن أنفسهم، وليس واضحًا مدى إدراك المسؤولين في الرياض لمدى غضب الكونجرس، وإلى أي مدى يمكن للوضع أن يسوء. أن أهم شيء هو أن على الإدارة أن تضغط على ولي العهد لاتخاذ إجراءات مباشرة وسريعة ليثبت أن صفحة جديدة قد فتحت على سلسلة الأفعال غير الملائمة التي ارتكبت، خاصة بعد مقتل خاشقجي. وقد يكون أقوى فعل يمكن لابن سلمان أن يفعله هو إطلاق سراح بعض الأفراد المشاهير من السجن، الذين اعتقلوا دون مبرر، وفي كثير من الأحيان قالت التقارير إنهم تعرضوا للتعذيب، ومن بينهم المدون رائف بدوي وأخته سمر، وعدة ناشطات حقوقيات، والأمريكي السعودي وليد فتيحي، كما أن سلطة العفو عن هؤلاء بيد ولي العهد والملك، ورغم تركيز الكونجرس على أهمية حقوق الإنسان، إلا أن الإدارة لم تجعل من أولوياتها مناقشة الأمر مع السعوديين، ولم يفعل ذلك ترامب ولا وزير خارجيته مايك بومبيو” . ويختم الكاتب موضوعه: “شكرًا لتصرفات محمد بن سلمان المتهورة، فقد دخلت العلاقات الأمريكية السعودية أسوأ فترة لها منذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001”.
ارسال التعليق