«طويق البرمجي» .. ذباب والبعوض إلكتروني يستهدف المعارضين
تستعد السلطات السعودية لإطلاق أضخم جيش إلكتروني في العالم يستهدف المعارضين، ولكن بطريقة شديدة السرية بحيث لا يتم توجيه اللوم لها. إذ يواصل الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز، استعداداته لإطلاق معسكر «طويق» البرمجي، وذلك تحت إشراف مباشر من المستشار السابق بالديوان الملكي سعود القحطاني المشتبه به في قضية اغتيال الصحافي السعودي جمال خاشقجي، والذي يشغل منصب رئيس الاتحاد السعودي للأمن السيبراني. ويهدف المعسكر إلى استقطاب عناصر جديدة لتعليمهم أسس البرمجيات المختلفة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لتمكينهم من مواجهة المعارضة السعودية.
كما وسيعمد المشروع الجديد لفتح آلاف الحسابات المؤيدة للسعودية أو حسابات وهمية ضد قطر وتركيا وإيران وسياساتها في المنطقة. وتأتي هذه المساعي بعد تزايد الضغوط الدولية على السعودية، وتحديداً بعد حادثة مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في إسطنبول وانخفاض قدرات ما يسمى بـ ”الذباب الإلكتروني” على مواقع التواصل الاجتماعي، الأمر جعل القحطاني يسعى إلى إنشاء معسكر جديد تحت مسمى «معسكر طويق».
وكان خاشقجي قد اشتكى لأحد أصدقائه من مضايقات ما يعرف بـ ”الذباب الإلكتروني” له على مواقع التواصل الاجتماعي. ومصطلح الذباب الإلكتروني يشيع بين أوساط المعارضين السعوديين ويشار به إلى المجموعات التي تعمل بتوجيه الحكومة السعودية لمهاجمة المعارضين على مواقع التواصل الاجتماعي. الاتحاد السعودي للأمن السيبراني كان قد أكدّ في وقت سابق أنّ هذه الخطوة تهدف إلى إعداد مبرمجين قادرين على تطوير الويب والتطبيقات في مختلف المنصات وتجهيزهم لسوق العمل، وذلك لبناء قدرات وطنية احترافية في مجال التقنيات المتقدمة وفقاً لأفضل الممارسات والمعايير العالمية.
المعسكر الجديد بدأت انطلاقته في 31 من شهر يناير ليستمر لمدة 14 أسبوعاً، وهو برنامج مكثف لتعليم أساسات تطوير الويب والتطبيقات للمبتدئين بدون أي مقابل مادي، مع توفير السكن لهم طوال فترة المعسكر.
وتؤكدّ مصادر خاصة لـ ”عربي بوست” ، بأنّ من يتم اختيارهم والموافقة عليهم للدخول إلى المعسكر يتم إخضاعهم إلى ثلاث مراحل أساسية لاجتيازها. وتتمثل المرحلة الأولى في التعليم والتدريب، ومن ثمّ ينتقل المشاركون إلى المرحلة الثانية وهي دخولهم في منافسات بينهم لاختيار الأفضل منهم، ومن ثمّ ربط صاحب الأكثر كفاءة وخبرة بالمعسكر للعمل به. وسيعمل المشاركون في المعسكر ومن تمّ اختيارهم على الكثير من برامج التواصل الاجتماعي وعلى رأسها: «تويتر، فيسبوك، سناب، ومواقع الدردشة»، لاستكشاف المغردين من معارضي السعودية، وذلك من أجل الدفاع عن السعودية والهجوم على كل من يعارض السياسات السعودية.
وتؤكدّ المصادر بأنّ المعسكر الجديد سيعمل على تشكيل مجموعات في مواقع التواصل الاجتماعي في مدن مختلفة كالرياض والدمام وجدة، حيث سيشكل المعسكر عدة مجموعات وفرق مختلفة عبر الأشخاص الذين تمّ تجنيدهم واستقطابهم وتأهيلهم في المعسكر للكشف عمن ينتقد أو يعارض السياسة السعودية في مواقع التواصل الاجتماعي. وخضعت هذه الفرق المشكلة إلى 14 أسبوعاً من التدريب المتواصل الذي استمر ما يقارب تسع ساعات يومياً وعلى مدى خمسة أيام في الأسبوع، حيث تشمل هذه التجربة التعلّم المبني على مشاريع ومهمّات وتحدّيات تضمن تجهيز الفرق على أحدث اللغات البرمجية إلى جانب تقديم الدعم والتوجيه اللازم لهم في تلك المجالات.
وذكر المصدر الذي رفض الكشف عن اسمه أنّ عدد من تمّ استقطابهم حتى هذه اللحظة في تلك الفرق بلغ ما يقارب الـ 1000 فرد، فإذا ما نجحت فكرة المعسكر، فإنّه سيتم استقطاب المزيد من الأشخاص للعمل ضمن فرق أخرى في مدن مختلفة في السعودية. ثلاثة أسماء مهمة كانت من ضمن المشرفين على تدريب الفرق والمجموعات المختلفة داخل المعسكر عرفت «عربي بوست» هوياتهم هم المهندس ياسر العصيمي وفيصل السيف وراكان الصقر. هؤلاء الثلاثة ألقي على عاتقهم تدريب هؤلاء الأفراد والعناصر المختارة، فإذا ما أثبت العنصر أو الفرد كفاءته في التدريب والعمل، واجتيازه مجموعة من الاختبارات والتحديات سيكون أحد الموظفين الرسميين في الاتحاد وسيعطى راتباً يصل إلى 15 ألف ريال سعودي.وتأتي أهمية الفكرة بعد أن فقد الجيل القديم مما يعرف بـ”الذباب الإلكتروني” لقدراته نتيجة للضغوط الدولية التي مورست على السعودية عبر الإعلام، إضافة إلى سلسلة الانتقادات الواسعة التي طالت السعودية في مواقع التواصل المختلفة عقب قضية مقتل الإعلامي المعارض جمال خاشقجي. كما أنّ الاتحاد السعودي للأمن السيبراني، أثبت عدم قدرته على تقديم خطاب سياسي مقبول وعقلاني عبر مواقع التواصل الاجتماعي خاصة وأنّ الكثير من الحسابات التي كان يستخدمها أفراد وعناصر الاتحاد كانت حسابات وهمية، الأمر الذي فجّر فضيحة كبيرة للرياض جعلت العديد من الأطراف تشكك في مصداقية هذه الحسابات وطبيعة الخطاب المقدّم أمام الجمهور العام. ومن هنا فإنّ «معسكر طويق» لا يزال يسعى إلى استقطاب مزيد الأفراد وذلك ضمن برنامج يمتد لـ 14 أسبوعاً مكثّفاً. كما أنه يحاول أن يتعلم من أخطاء مركز اعتدال ويشبه المعسكر في عمله مركز «اعتدال» الذي أطلقه ولي العهد السعودي قبل حوالي سنتين ويديره القحطاني أيضاً. لكن فشل المركز في تحقيق أهدافه، ولم يستطع استقطاب عناصر مؤهلة لمواجهة المعارضة السعودية عبر وسائل التواصل الاجتماعي خاصة بعد مقتل الصحفي جمال خاشقجي. وقالت المصادر إن فشل العناصر السابقة في تحقيق أهداف الدفاع عن السعودية عبر الواجهات القديمة وانكشاف ضعفها من الناحية التقنية والثقافية دفعت بالديوان الملكي السعودي إعادة التفكير بأسلوب جديد لتدوير وإنعاش فكرة «الذباب الإلكتروني» بطابع مختلف. ومن هنا جاءت فكرة معسكر طويق في إطار الدفاع عن السياسات السعودية والردّ والهجوم على مناوئي وخصوم السعودية بطريقة مختلفة.
ارسال التعليق