انكماش اقتصادي فظيع.. وسبعة آلاف شركة صناعية تخسر أموالها
أشار تقرير لصحيفة “فايننشال تايمز” إلى الصعوبات الاقتصادية التي يواجهها السعوديون بسبب السياسات التي ينتهجها ولي العهد السعودي، وقالت الصحيفة البريطانية في تقريرها إنّ رجال الأعمال السعوديين يعيشون ما أسمتها آلام إصلاحات ولي العهد محمد بن سلمان، وبينما يُعبّر بعض المطبلين عن تفاؤلهم برؤية ولي العهد 2030، تشتدّ مخاوف آخرين بعد مقتل الصحفي جمال خاشقجي.
وأضافت الصحيفة إنّ الشركات السعودية هي التي تحملت وطأة التغييرات الشاملة التي أطلقها ابن سلمان، فبعد انخفاض أسعار النفط في 2014، لم تُدفَعْ عشرات المليارات من الدولارات من العقود الحكومية. ونقلت الصحيفة عن مسؤول تنفيذي أجنبي أن هناك نحو سبعة آلاف شركة صناعية في السعودية، يخسر الكثير منها المال أو بالكاد تكسبه.
وذكر التقرير أنه في جدة أغلقت محلات أبوابها، وكُتب عليها «للإيجار»، كما يشتكي التجار من انخفاض المبيعات، والخروج الجماعي لأكثر من 1.7 مليون أجنبي، وارتفاع التكاليف بسبب السياسات الحكومية.
وأفاد التقرير بأنّ مخطط ابن سلمان كان يقوم على التوجه نحو القطاع الخاص، إلا أن هذا المشروع زاد من مصاعب الحياة. وصرّح محامٍ سعودي من مدينة جدة (اشترط مثل كثيرين تحدثت إليهم الصحيفة عدم الكشف عن هُويته خشية التعرض لملاحقة النظام) بأن «المشكلة الأساسية هي السيولة، وليست استمرارية هذه المشاريع، إنها نقص المداخيل. لقد تسارعت وتيرة عمليات الإغلاق خلال العام المنقضي».
ويقول التقرير إن السعودية تعيش تغييرات دراماتيكية، تُمرر بالقوة، منذ أن أطلق ابن سلمان رؤية 2030 لتحديث البلاد. وذكر التقرير أن الشركات السعودية أبرز المتضررين من قرارات ابن سلمان، بسبب التخفيضات الكبيرة بدعم الطاقة، إلى جانب إحداث ضريبة؛ ما أثر بشكل مباشر على إنفاق العائلات السعودية.
علاوة على ذلك، أدّى الارتفاع الكبير في تعريفة جلب العمال الأجانب، الذين كانوا يشغلون 90% من القطاع الخاص، إلى ارتفاع التكاليف وتراجع الأرباح، وهو ما أحدث حالة خروج جماعي للوافدين، إلى جانب تراجع الطلب الاستهلاكي، الذي أدى بدوره إلى حالة انكماش اقتصادي.
ويرى أشخاص مقربون من البلاط الملكي في السعودية أن ولي العهد كان يراهن على تطوير القطاع الخاص باستخدام أدوات الدولة، خاصة صندوق الاستثمارات العامة، مع تجاهل الشركات التقليدية التي كان ابن سلمان ينظر إليها بازدراء، لأنها حققت الثراء بفضل العقود الحكومية والعمالة الأجنبية الرخيصة.
وتغيرت هذه الحسابات منذ اغتيال خاشقجي في إسطنبول، حيث إن المستثمرين الأجانب الذين كان ابن سلمان يحاول التقرب منهم، أصبحوا يفكّرون بالمخاطر السياسية للاستثمار في المملكة.
وتقول الصحيفة البريطانية إنه خلال الشهر الماضي، أفاد صندوق النقد الدولي بأن الإصلاحات الاقتصادية «بدأت تسفر عن نتائج إيجابية»، لكن هذا التقدم يتّسم بالهشاشة؛ إذ يعتمد كثيراً على أسعار النفط والإنفاق الحكومي.
وسجّل اقتصاد المملكة نمواً قدره 2.2% خلال العام الماضي، بعد الركود الذي عرفه في 2017، لكن ووفقاً لتوقعات صندوق النقد الدولي، فمن المحتمل أن يتراجع هذا النمو خلال العام الحالي ليبلغ 1.9%. ومع ذلك، لم تحرز الرياض أيّ تقدّم على مستوى الإصلاحات الأخرى، مثل برنامج الخصخصة الذي قطعت وعداً بتطبيقه.
ونقلت الصحيفة عن أحد المصرفيين السعوديين المتقاعدين قوله إن «استياء بعض الشركات لا يتعلّق بالإصلاحات في حد ذاتها، ولكن بوتيرة الإصلاح المالي وتباطؤ الإصلاح الاقتصادي».
ويقول واحد من العائلات الثرية إن «العديد من التعديلات ألحقت الضرر بمجال العقارات من نواحٍ عديدة، كما تسبب رحيل عدد هائل من العمال الأجانب في خلق فراغ. علاوة على ذلك، يتركز جميع الأشخاص ذوي النفوذ الواسع في الرياض».
ارسال التعليق