
أهداف بن سلمان من التقرب من دمشق في هذا التوقيت!
[فيصل التويجري]
مع اندلاع الأزمة السورية عام 2011، توترت العلاقات بين الرياض ودمشق ثم قطعت نهائياً. وخلال هذه السنوات، قامت السعودية بدعم الجماعات السياسية والارهابية المعارضة لدمشق، بل وأرسلت الآلاف من الإرهابيين الوهابيين التكفيريين من المملكة خاصة ودول اخرى للتخلص منهم في سوريا. الا انه في بداية العام الجديد كشف الاعلام السوري عن تواصل حصل بين بشار الجعفري، مندوب سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة، مع نظيره السعودي عبد الله المعلم والوزير المستشار عن السعودي فهد بن عبد الله المبارك، على هامش حفل السعودية برئاستها للقمة العشرين.
وفي فبراير الماضي، انتشرت تقارير تفيد بأن السعودية كانت تستعد لإعادة فتح سفارتها في دمشق. وأكدت هذه التقارير بدأت السعودية مساعيها للتقرب من النظام السوري منذ عامين، وذلك عبر وزير الخارجية العماني السابق يوسف بن علوي، وفالح الفياض عضو تحالف البنا العراقي، إضافة الى التنسيق مع روسيا من أجل فتح سفارتها في دمشق. كما وأشارت التقارير إلى أنه قبل لقاء الجعفري والمعلم، وجهت السعودية دعوة رسمية للقيادة السورية لعقد اجتماع مع نظرائهم السعوديين في ديسمبر الماضي وحضر هذا الاجتماع موسى عبد النور نقيب الإعلاميين السوريين ووزير التربية والتعليم السوري عماد موفق العزب.
وفي السياق كشفت مصادر مطلعة أن محمد بن سلمان دعا، قبل شهرين، وزارة الخارجية السعودية للاستعداد لعودة السفير السعودي إلى دمشق. كما وجه الوزارات المعنية بوضع الخطط اللازمة لاستئناف العلاقات التجارية والاقتصادية مع دمشق. ويضاف الى هذه الخطوة، ما قامت به السعودية الشهر الماضي عندما اختارت شخصيات مستقلة في وفد السوري المعارض في خطوة يراها مراقبون أن الرياض تريد تقليص الدور التركي ومحاولة لإرضاء الرئيس السوري بشار الأسد.
وحول العلاقات السعودية السورية نشر الصحفي البريطاني والخبير في شؤون الشرق الأوسط ديفيد هيرست تقريراً كشف فيه عن "خطة إسرائيلية خليجية لإضفاء الشرعية على النظام السوري وبشار الأسد نفسه وإعادة سوريا إلى جامعة الدول العربية لمواجهة النفوذ الإقليمي الإيراني التركي". وأكد هيرست في تقريره: إن السعودية والإمارات ومصر أعدوا خطة بالتعاون مع إسرائيل للترحيب بعودة الرئيس السوري بشار الأسد إلى جامعة الدول العربية وذلك بهدف تهميش النفوذ الإقليمي لتركيا وإيران. ونقل الموقع عن مصادر خاصة قولها إن "رئيس الموساد الاسرائيلي يوسي كوهين التقى الشهر الماضي بمسؤولين سعوديين وإماراتيين ومصريين لمناقشة سبل مواجهة النفوذ التركي في المنطقة، وانتهوا إلى خطة إعادة الأسد إلى الجامعة العربية". وتم الاتفاق على المبادرة الدبلوماسية في اجتماع سري عقد في إحدى عواصم الخليج الشهر الماضي، شارك فيه كبار المسؤولين في أجهزة المخابرات من أربعة بلدان، بما في ذلك يوسي كوهين، مدير الموساد، بحسب ما صرحت به لصحيفة ميدل إيست آي مصادر خليجية على اطلاع بتفاصيل اللقاء.
الا أنه على المقلب الآخر يشكك العديد من المراقبين في تغيير نهج السعودية تجاه دمشق، مشيرين إلى أن البيانات الإخبارية حول التقدم في العلاقات السعودية السورية ليس له أي معنى حتى اللحظة لان النظام السعودي قام بطعن سوريا في خاصرتها عبر دعم الإرهابيين بالسلاح والمال من اجل تفتيت سوريا وتقسيمها كما أن النظام السوري يتهم الرياض بسفك دماء السوريين وتدمير بيوتهم والبنى التحتية للبلاد. فما هو هدف السعودية من التقرب من سوريا في الوقت الحالي؟
وبحسب مصدر سعودي، فإن من أهم الأهداف السعودية من التقرب من دمشق هو تمهيد الطريق أمامها للانضمام إلى عملية تطبيع العلاقات مع إسرائيل بوساطة روسية. وزعم المصدر الذي طلب عدم الكشف عن اسمه لأسباب أمنية: أن "السعودية وسوريا وبسبب الرأي العام السائد في هذه الدول لا يمكنهما الانضمام بسهولة إلى عملية تطبيع العلاقات مع إسرائيل وهناك عقبات في طريقهما ليس من السهل إبعادهم ". وبحسب المصدر، فانه "بالنظر إلى أن موسكو، من جهة، لها تأثير كبير على عملية صنع القرار السياسي والاقتصادي في سوريا، ومن جهة أخرى، تربط بن سلمان علاقة خاصة بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لذلك يرى المصدر ان بوتين بإمكانه الاملاء على دمشق ودفعها للتطبيع مع إسرائيل الأمر الذي سيسهل على الرياض اعلان التطبيع مع إسرائيل تحت عنوان "أن عضواً مهما في محور المقاومة قد طبع مع إسرائيل"، في مقابل أن تقوم الرياض بإعادة اعمار سوريا وسحب إرهابيها من جميع النقاط السورية. وبحسب المصدر فإن "تحقيق هذا السيناريو سيخرج السعودية من كل الأزمات والمشاكل التي تواجهها حاليا، وهذه هي رغبة بن سلمان النهائية".
في الختام، على ما يبدو أن بن سلمان لا سيفشل في مسعاه الاخير هذا ايضا ، فليس متوقعا بأي شكل من الأشكال ان يغدر ويطعن الرئيس السوري بالذين وقفوا معه منذ اللحظات الأولى في الأزمة التي كادت أن تقضي على سوريا كدولة.
ارسال التعليق