
ابن سلمان يريد حماية البيئة؛ كيف ستكون النتيجة؟
[هادي الاحسائي]
لم يترك ولي العهد السعودي محمد بن سلمان مجالاً واحداً إلا وقدم له مشاريعه واقتراحاته الخاصة والتي تحمل برمتها "طابع اصلاحي"، ومن ناحية المبدأ الجميع متفق على هذه المشاريع لطالما أنها تخدم المملكة السعودية وشعبها، إن كانت مشاريع اقتصادية أو اجتماعية أو ثقافية، فالجميع يبحث عن الاصلاح والتطوير والتحديث، ولكن ما مدى فعالية المشاريع التي يقترحها ولي العهد السعودي؟.
مؤخراً اقترح الأمير الشاب مشروعاً هو الأضخم في العالم، ولا يوجد له نظير، يتمثل بحملة تشجير لم يشهد العالم مثيلاً لها، عبر مبادرتين، الأولى تحمل اسم "مبادرة السعودية الخضراء"، والثانية "الشرق الأوسط الأخضر"، والهدف من هذه المبادرات زراعة 50 مليار شجرة في منطقة الشرق الأوسط، 10 مليار شجرة منها ستتم زراعتها في السعودية لوحدها وفقا للمبادرة الأولى والباقي ستتم زراعتها في دول ومناطق لا أحد يعلم عنها شيء، فالمبادرة تم طرحها دون توضيح اين ستتم عمليات التشجير الضخمة هذه ومن اين سيكون التمويل ومن هي الدول التي ستمول وتشارك في هذه الحملة.
وقال بن سلمان بخصوص مبادراته: "المبادرتان سترسمان توجه المملكة والمنطقة في حماية الأرض والطبيعة ووضعها في خارطة طريق ذات معالم واضحة وطموحة، وستسهمان بشكل قوي بتحقيق المستهدفات العالمية".
ولي العهد أبرز انسانية منقطعة النظير في تصريحاته وتحدث عن مدى قلقه على المناخ العالمي، على اعتبار ان بلاده تنتج النفط، ولفت إلى أن مبادرة السعودية الخضراء ستعمل على تقليل الانبعاثات الكربونية بأكثر من 4 بالمئة من المساهمات العالمية، وذلك من خلال مشاريع الطاقة المتجددة التي ستوفر 50 بالمئة من إنتاج الكهرباء داخل المملكة بحلول عام 2030.
المشاريع جميلة من حيث المبدأ ولكن ان كانت نتائجها مشابهة لنتائج مشاريع "2030" الأخرى فعلى الدنيا السلام، لأن جميع مشاريعه الاصلاحية الاقتصادية والثقافية والاجتماعية واصلاحاته برمتها، لم تقدم اي جدوى للشعب السعودي، فملف حقوق الانسان تراجع بشكل مخيف في عهده وجرت حملات اعتقال لم تشهدها المملكة في العصر الحديث، بما فيها اغتيالات واعدامات خارج القانون، أما الاقتصاد فتراجع إلى مستويات مخيفة، وأصبح هناك عجز في الميزانية غير مسبوق، وحتى الاحتياطي السعودي بدأ ينفذ، اذا من أين سيمول ابن سلمان المشروع الجديد الذي ستبلغ تكلفته عدة مليارات.
قلق ابن سلمان على البيئة والمناخ مثير للضحك، كيف يمكن ان يكون كذلك وهو يمطر اليمن بعشرات الصواريخ ويتسبب بتلوث بيئي كبير جداً يؤثر على المناخ العالمي، أم ان طائراته تطلق الأكسجين عوضا عن ثاني أكسيد الكربون.
حرب اليمن ونتائجها الكارثية على الاقتصاد السعودي، كفيلة بعجز المملكة عن تنفيذ مشروع ضخم بحجم المشروع الذي يتحدث عنه ابن سلمان.
الواضح أن مبادرته الجديدة لها هدف واحد فقط، يتمثل في تلميع صورته في المجتمع الدولي بعد أن تشوهت صورته على خلفية جريمة اغتيال خاشقجي وملف حقوق الانسان وقضية لجين الهذلول وحرب اليمن وغيرها من القضايا التي دمرت سمعة السعودية وليس فقط سمعة ابن سلمان، والعالم اليوم اصبح على دراية كاملة بسياسة ابن سلمان ولن تنطلي عليهم مبادرته الجديدة، ولكن اذا كانت الولايات المتحدة الأمريكية ستقوم بتنفيذ المشروع بتمويل سعودي ربما نشهد تغييرا بكلام الساسة الأمريكيين تجاه السعودية وولي العهد على وجه التحديد.
الاتجاه نحو حماية البيئة هي مغازلة جديدة للرئيس الامريكي جو بايدن، الذي يظهر هو الاخر انسانية كبيرة وديمقراطية تشبه إلى حد كبير، ديمقراطية بوش واوباما وترامب. بكل الاحوال لننتظر ونرى ماذا سيتمخض عن مشروع ابن سلمان الجديد، مع العلم لدينا اعتقاد شبه مؤكد ان المبادرة ليست الا مشروع وهمي لن يجد طريقه للنور مثلها مثل بقية مشاريع "2030" الوهمية.ِ
ارسال التعليق