
وتتواصل حكاية ماراثون النهب والفقر في بلاد الذهب الأسود
[جمال حسن]
أعلنت وزارة المالية السعودية عن فقدان نحو 111 مليار ريال من الإحتياطي العام للبلاد خلال الربع الأخير من العام الماضي، ليصل الى 358.7 مليار ريال (95.6 مليار دولار)؛ لكن الحقيقة تجافي هذا الرقم .
ففي شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي، سجل إحتياطي بلاد الحرمين إنخفاضاً أكثر من 61.7 مليار ريال (16.4 مليار دولار) مقارنة بشهر نوفمبر/تشرين الثاني الذي سبقه، فكيف يمكن أن يكون الرقم الذي اعلنته وزارة مالية آل سعود للربع الأخير من العام 2020 صحيحاً؟.
كما أن المملكة قد فقدت أكثر من 50 مليار دولار من احتياطياتها الأجنبية خلال شهري مارس/آذار وأبريل/نيسان من العام الماضي لوحدهما، ما دفع بسلطات النهب والإحتيال الى ضخ ما مقداره 40 مليار دولار لصندوق الدولة السيادي (صندوق الاستثمارات العامة) لضمان قسم من العجز في الموازنة العامة للبلاد.
وكشفت وثيقة رسمية لمؤسسة النقد العربي السعودي (البنك المركزي) عن عزم السلطة بسداد العجز حوالي 88% من عجز موازنة العام الميلادي الجاري عبر قنواتها الثلاث (السندات والصكوك والتمويل الحكومي البديل)، ما يشير الى أن بلاد الذهب الأسود مقبلة على إنهيار اقتصادي كبير سببه سوء الإدارة واستمراراية عمليات النهب من قبل سلمان ونجله وأمرائهم.
ولن تشير وثيقة "سما" الى ستراتيجية الاقتراض الخارجي التي بدأت تنمو بشكل متسارع يفوق التصور ما يشكل قلق كبير لدى المراقبين للشأن السعودي والمستثمرين السعوديين والأجانب، خاصة وأن الرياض تأخرت خلال العامين الماضيين من تسديد قروضها الخارجية الداخلية وإعادة جدولتها من جديد.
تزامناً مع الاعلان بهذا الكم الهائل من العجز في موازنة أكبر بلد مصدر للنفط في العالم والذي دفع بالكثير من الخبراء الى إعلان حالة الطوارئ لاقتصاد المملكة وتحذير المستثمرين والبنوك الراغبة في تقديم القروض للسلطة السعودية، تعلن الأخيرة عزمها استثمار 220 مليار دولار لتطوير الرياض خلال 10 سنوات، اعتبره الكثير من المراقبين أنه بابا جديد للنهب والسرقة من قبل سلمان ونجله.
ونقلت وكالة رويترز عن الرئيس التنفيذي للهيئة الملكية لمدينة الرياض "فهد الرشيد" قوله، إن الحكومة تخطط لاستثمار 220 مليار دولار في أكثر من 100 مشروع استثماري في العاصمة لتحويلها الى مدينة عالمية بحلول عام 2030.
فيما نقلت الجزيرة عن الرشيد قوله أن صندوق الاستثمارات العامة يعتزم استثمار 3 تريليونات ريال (800 مليار دولار) في قطاعات جديدة على مدار السنوات العشر المقبلة، دون إعطاء توضيحات بخصوص المشاريع التي سيتم الاستثمار فيها مما يدلل وبكل وضوح وجود مخطط قاتم لإستمرارية مارثون النهب والسرقة من لقمة عيش المواطن المغلوب على أمره من قبل السلطة الحاكمة.
وقبل أيام أنبرى "محمد بن سلمان" ولي عهد ال سعود متشدقاً بالقول: أن صندوق الاستثمارات العامة سيضخ تريليون ريال سعودي (267 مليار دولار) في الاقتصاد المحلي خلال السنوات الخمس المقبلة. مضيفاً أنه يستهدف استحداث 1.8 مليون وظيفة مباشرة وغير مباشرة حتى عام 2025؛ فيما البيانات الرسمية تشير الى فقدان الملايين من العمال والموظفين وظائفهم خلال السنوات الثلاثة الأخيرة .
كما يستهدف أبو منشار وفق إدعاءاته الى ضخ تريليوني ريال (533 مليار دولار) من 2026 حتى 2030، ليصبح مجموع الاستثمارات 3 تريليونات ريال (800 مليار دولار) في 10 سنوات. وفق ما نقلته رويترز والجزيرة قبل يومين.
وتغزو مواقع التواصل الاجتماعي بيانات كثيرة وبشكل يومي تعكس حجم الفقر الآخذ بالاتساع والنمو بين أبناء مملكة الذهب الأسود.. فهذا يعلن بيع كلاه لسد رمق أفراد أسرته وآخر يعرض شقته للبيع، وذاك يعرض فيلاه أو سيارته للبيع، وعسكري متقاعد يعرض "تبني" أبنائه (بيعهم) لتأمين لقمة العيش رغم خدمته لأكثر من 20 عاماً في جيش آل سعود و.... ما يعكس حجم الفقر وصعوبة أبناء الحجاز.
كما أن مقاطع الفيديو والصور الكثيرة المنتشرة في مواقع التواصل الاجتماعي تعكس حالة الفقر وارتفاع نسبة البطالة في المملكة منذ بدء العهد السلماني البأيس، لتواجه بلاد الحرمين أسوأ كارثة اقتصادي مع استمرارية انفاق مئات ملايين الدولارات على صفقات فاشلة أو رشاوى لهذا وذاك لكتم الحقيقة.
وكانت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية قد كتب قبل أيام من أن الوضع الاقتصادي لمملكة البترول مرهق وهي تواجه أسوأ أزمة مالية منذ عقود، خاصة بعد رفع الدعوم الحكومية وارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية والغذائية والوقود والطاقة الى جانب زيادة ضريبة القيمة المضافة، ما زاد الوضع سوءً للمواطن السعودي.
ورغم وقاحته اعترافه بالوضع الاقتصادي المأساوي الذي تعيشه بلاد الحرمين الشريفين، لكن محمد بن سلمان مصر على تنفيذ مشروعه 2030 الفاشل برأي كبار الخبراء الاقتصاديين، فقد أعترف قبل أيام من انخفاض كبير في الإيرادات النفطية للميزانية السعودية انخفضت الى 410 مليارات ريال، فيما كانت التوقعات تقدره بـ833 مليار ريال.
وقدر صندوق النقد الدولي أن صافي دين المملكة سيصل الى حوالي 30% من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام، بعد أن بلغ حوالي 20% خلال العام الماضي، مشدداً أنه سيصل الى أكثر من 50% بحلول عام 2022 في ظل مسلسل الفشل في سياسة الرياض العدائية إقليمياً ودولياً، وكذا مردودات "جائحة كورونا" وأزمة أسعار النفط.
وعبر عشرات آلاف المواطنين العاطلين عن غضبهم من سياسات الأرعن "بن سلمان" ووصفوه بـ”الفاشل” في ظل ارتفاع معدلات البطالة، وتفاعلوا مع هاشتاق “#عاطلون_في_بلد_النفط”، مغردين أن نجل سلمان ينفق مبالغ طائلة من عائدات البلاد النفطية على مشاريع فاشلة وصفقات أسلحة الخردة والعدوان على اليمن، ورحلات الترفيه والعقارات خارج البلاد.
وفي فضيحة جديدة، كشفت “صحيفة دوماني” الإيطالية، النقاب عن أن رئيس الوزراء الأسبق "ماتيو رينزي"، يعمل كمستشار غير مقيم في مؤسسة مبادرة مستقبل الاستثمار التابعة لإدارة صندوق الاستثمارات العامة الذي يخضع لإدارة ولي العهد، وذلك رداً للجميل في إقناع الرئيس الأمريكي السابق "دونالد ترامب" بدعم محمد بن سلمان بقضية مقتل خاشقجي.
وتكبّد الاقتصاد السعودي خسائر باهظة خلال العهد السلماني لم يشهدها منذ عام 2011 حيث هوت احتياطيات النقد الأجنبي لدى البنك المركزي السعودي لأقل مستوى رغم أنها أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم ، في ظل استمرار السلطة الحاكمة على السحب منه لسد فجوة المصروفات المالية الضخمة التي تصرفها على ترف وبذخ وسياحة سلمان ونجله وسائر أعضا الأسرة الحاكمة.
وأشار المراقبون وخبراء الاقتصاد الى عدة مؤشرات سلبية تقف وراء هذه الفاجعة الاقتصادية لبلد الذهب الأسود وشعبه المغلوب على أمره، حيث تقف السياسة الفاشلة والمتعنته لولي العهد الى جانب تهاوي الاحتياطيات النقدية، وتفاقم العجز، وزيادة الديون إلى أرقام قياسية، وتراجع أرباح البنوك، وانكماش الاقتصاد، وصفقات التسليح، وما يتم إنفاقه في مجال تبييض ما تبقى من ماء وجه سلمان ونجله أمام الرأي العام العالمي المطالب بمعاقبتها لجرائمها.
ارسال التعليق