التطبيع الخليجي مع العدو.. خيانة مكشوفة بمواجهة الموقف الفلسطيني
[من الصحافة]
المتابع لأخبار دول وأنظمة الخليج العربية يلاحظ تطورا واضحا ومكشوفا في التقارب بينها وبين كيان العدو الاسرائيلي، ما يظهر ان العلاقات ليست وليدة ساعتها وإنما هي قائمة عبر الزمن وتتطور مع توافر الظروف في المنطقة والعالم لتظهيرها رويدا رويدا أمام الرأي العام. ويبدو ان الحديث والتحضير الفعلي لتطبيق "صفقة القرن" التي يحمل لواءها الرئيس الاميركي دونالد ترامب، تعتبر فرصة مؤاتية وذهبية للعمل على تعزيز هذه العلاقات الخليجية الإسرائيلية والسعي لتطبيعها في مختلف المجالات لا سيما في ظل إشغال الشعوب العربية والإسلامية في المخاطر التي تتعرض لها القضية الفلسطينية جراء هذا المخطط الأميركي الإسرائيلي بتواطؤ خليجي للقضاء على قضية الأمة المركزية ومحاولة شطب حقوق الشعب الفلسطيني لا سيما حق العودة.التطبيع بكل الاشكال والاساليب..
ويمكننا مؤخرا رصد فتح قنوات متزايدة للتطبيع بين الانظمة الخليجية والكيان الاسرائيلي، منها ما يتعلق:
-بالشؤون الثقافية، كاستضافة البحرين لوفد اسرائيلي بحجة المشاركة في اجتماعات لجنة التراث العالمي لمنظمة التربية والثقافة والعلوم (يونيسكو) التي استضافتها المنامة في الفترة بين 24 يونيو/حزيران الماضي وحتى الرابع من يوليو/تموز الجاري برعاية الملك حمد بن عيسى آل خليفة.
-بالشؤون الدينية، حيث تم ملاحظة وجود سعي سعودي إماراتي لشراء موقع داخل مدينة القدس المحتلة بهدف التشويش على عمل لجان الوقف الديني هناك التي يديرها النظام الاردني، وذلك للعمل على نقل الوصاية على المقدسات من الاردن الى السعودية بحسب ما تنص عليه "صفقة القرن".
-بالشؤون العسكرية، حيث انتشر خبر زيارة وفد عسكري اماراتي(بالتحديد من سلاح الجو الاماراتي) مؤخرا الى كيان الاحتلال بهدف الاطلاع على قدرات أحدث المقاتلات الأمريكية اف 35 المتوجدة لدى سلاح الجو الإسرائيلي، وأكدت المعلومات ان "المسؤولين الإسرائيليين قدموا عرضا أمام الوفد الإماراتي لقدرات المقاتلات بما يسمح بتشكيل الانطباع الكامل لدى الوفد عن الطائرة".
-بالشؤون الأمنية، حيث كشفت صحيفة "إنتليجانس أون لاين" الفرنسية عن اجتماع سري انعقد مؤخرا في مدينة العقبة الأردنية وذلك في إطار تنسيق الجهود المشتركة من أجل إتمام "صفقة القرن"، وضم ممثلين عن جهاز الاستخبارات الاسرائيلي (الموساد) وأجهزة استخبارات عدد من الدول العربية ومن بينها رئيس الاستخبارات السعودي خالد بن علي الحميدان(علما ان الحميدان هو عضو في مجلس الشؤون السياسية والأمنية بالسعودية الذي يرأسه ولي العهد محمد بن سلمان)، ما يؤكد التنسيق الكبير القائم بين الرياض وتل ابيب خاصة فيما يتعلق بصفقة القرن والسعي لتطبيقها والموافقة السعودية على ذلك.
-بالشؤون السياسية، حيث سجل منذ فترة حصول تطور ملحوظ في المواقف السياسية المتقاربة والمتطابقة والمتناغمة بين السعودية واسرائيل، خاصة بعد اطلاق ابن سلمان مواقفه اللافتة التي تدعي الحق للاسرائيليين باقامة كيانهم على ارض فلسطين، وما تبع ذلك من حملات سعودية للترويج للتقارب بين الطرفين، بالاضافة الى وجود تسريبات عن حصول لقاء مؤخرا بين ابن سلمان ورئيس حكومة العدو الاسرائيلي بنيامين نتانياهو من دون ان يصدر اي نفي حول ذلك من أي جهة سعودية، فالصمت في مثل هذه الاحوال قد يفسر على انه موافقة ضمنية لها دلالاتها القوية.
أمثلة حية.. خدمة لمصالح افراد
وما سبق ذكره هو مجرد امثلة حية على هذه العلاقات، بالاضافة الى تسجيل تعاون كبير بين الدول الخليجية وكيان الاحتلال في مختلف المجالات، منها على سبيل المثال فتح المجال الجوي امام الطائرات الهندية المتوجهة الى اسرائيل بما يفتح الباب امام تعاون محتمل في كل ساعة بين الاجهزة السعودية والاسرائيلية للحديث عن أمن الطيران وغيره من الامور المتلازمة، بالاضافة الى رفع شركة "عال" الاسرائيلية الصوت والمطالبة بمساواتها بالشركات الهندية وفتح المجال الجوي السعودي امامها.
كل ذلك يتلاقى مع الكثير من الحالات التي تم فيها استقبال الوفود الاسرائيلية الرياضية والثقافية والاقتصادية في العديد من دول الخليج من دون إقامة أي اعتبار للأبعاد السياسية التي تترتب على هذا الامر، ومن دون اي اعتبار للدماء العربية والاسلامية التي سُفكت من قبل الصهاينة على مر عشرات السنين، فبعض الحكام في الخليج وعلى رأسهم محمد بن سلمان ومن خلفه ولي عهد ابو ظبي محمد بن زايد، هدفهم الاول والاخير تحقيق مصالحهم السياسية والذاتية الآنية الضيقة ولو كان ذلك على حساب دماء وهموم وتضحيات شعوب المنطقة، وهؤلاء الحكام يريدون من الامة طي صفحة العداوة مع "اسرائيل" وكأن المسألة مجرد خلافات في وجهات النظر او مجرد خلاف سياسي او ثقافي عابر.
وانطلاقا مما سبق ذكره نجد حكام الخليج لا سيما في السعودية والامارات يعملون للضغط على الفلسطينيين وبالتحديد السلطة في رام الله برئاسة محمود عباس للقبول بصفقة القرن وطمس القضية الفلسطينية خدمة للاحتلال الاسرائيلي، وبالسياق يُحكى عن ضغوط تشارك فيها قطر وأساليب من الترهيب والترغيب تتعلق بإعمار قطاع غزة واستغلال حاجات اهالي القطاع المحاصر الانسانية والحياتية للضغط وتمرير هذه الصفقة، الامر الذي يصطدم بحائط الرفض الفلسطيني الصلب الذي لا يقبل المساومة على الحقوق والثوابت ايا كانت الضغوط والصعوبات.
ارسال التعليق