غرابيب الإجرام تتشاطر كسر الخبز على طاولة وارسو لذبح القضية
[حسن العمري]
بقلم: حسن العمري
أشاد نائب الرئيس الأمريكي "مايك بنس" برمزية "كسر الخبز" بين رئيس وزراء الكيان الاسرائيلي "بنيامين نتنياهو" وقادة خليجين خلال افتتاح مؤتمر الشرق الأوسط في وارسو، قائلا إنه "يأمل أن يكون ذلك مبشرا بتعاون إضافي قادم".. "الليلة أعتقد أننا نبدأ عهدا جديدا، مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من دولة إسرائيل، مع قادة من البحرين، السعودية، والإمارات، جميعهم يكسرون الخبز، وسيتشاركون لاحقا في هذا المؤتمر وجهات النظر الصادقة حول التحديات التي تواجه المنطقة"- بحسب صحيفة "تايمز أوف إسرائيل"؛ ذلك المؤتمر الذي كان من المفترض أن يركز على دور ايران الاقليمي والدولي لكن هدفه الغامض هو تحقيق "صفقة القرن" التي رسمت معالمها على مائدة عشاء القصر الملكي بالبلدة القديمة في وارسو.
يروى أنه عندما إجتاح المغول مدينة بخارى إحدى بلاد خراسان آنذاك، عجزوا عن إقتحامها فكتب جنكيز خان لأهل المدينة المسلمين: أن من سلَّم لنا سلاحه ووقف في صفِّنا ، فهو آمن ومن رفض التسليم فلا يلومنَّ إلاَّ نفسه.. فانشق صف المسلمين إلى صفين إثنين، فمنهم رافضٌ له قائلين: لو إستطاعوا غزونا لما طالبوا التفاوض معنا!!، فهي إحدى الحسنيين، إماَّ نصرٌ من الله يُسَرُّ به الموحِّدون، و إماَّ شهادة نُغيظ بها العدو. أماَّ الصنف الثاني، فجُبِنوا عن اللِّقاء وقالوا: نريد حقن الدماء و لا طاقة لنا بقتالهم ألا ترون عددهم وعدتهم ؟؟!!.. فكتب جنكيز خان لمن وافق على الرضوخ والتسليم، أن أعينونا على قتال من رفض منكم، ونولِّكم بعدهم أمر بلدكم، فإغتر الناس بكلامه رغباً ورهباً من بطشهم، فنزلوا لأمره ودارت رحى الحرب بين الطرفين، طرف دافع عن ثبات مبادئه حتى قضى نحبه، وطرف وضيع باع نفسه للتتار فسيَّره عبداً من عبيده !!..
في النهاية إنتصر طرف التسليم والعمالة، ولكن الصدمة الكبرى أن التتار سحبوا منهم السلاح، وأمروا بذبحهم كالنِّعاج.. وقال جنكيز مقولته المشهورة: "لو كان يُؤمَن جانبهم، ماغدروا بإخوانهم من أجلنا ونحن الغرباء !!.."؛ فقال الحكماء: لا تقتلوا أسودكم فتأكلكم كلاب عدوِّكم !!..
رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي "نتنياهو"، كتب على تويتر: أن العلاقات التي تجمع إسرائيل بالدول العربية ما عدا سوريا ولبنان بأنها "علاقات جيدة جدا وتتحسن طوال الوقت.. نعمل يوميًا، ضد ايران وضد محاولتها التموضع في المنطقة بصورة مستمرة.. نستعمل ونوظف العديد من الوسائل فضلاً عن العديد من الجهات ضد العدوان الايراني، وضد محاولتهم التزود بأسلحة نووية، وصواريخ بالستية.. لقاء وارسو هو لقاء علني مع ممثلين عن دول عربية بارزة تجلس مع إسرائيل من أجل دفع المصلحة المشتركة قدما وهي عبارة عن محاربة ايران.. ما نقوم به هو إبعاد إيران عن سوريا". مثنياً على وزراء الخارجية العرب، الذين يقفون في المؤتمر، ويتحدثون مع "إسرائيل" بنفس الرسائل، ضد ذات العدو ايران- وفق وصفه. مختتماً لقاءات وارسو بقوله “إن اللقاء في الواقع هو لقاء مع ممثلين عن دول عربية رائدة، يتعاونون مع إسرائيل لدفع المصالح المشتركة للحرب ضد إيران”.
سرعان ما تلاقت الأقوال وتلاقحت الأفكار بين جانبي طاولة وارسو على كبح جماح الداعم الأساس للقضية الفلسطينية التي يسعون جاهدين لذبحها على مسلخ الغدر والخيانية المتتالية للأنظمة العربية الرجعية الموروثية، لينبري وزير خارجية البحرين خالد بن أحمد آل خليفة برأيه في مقطع فيديو خاص سربته صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" من إحدى جلسات مؤتمر وارسو، أنه "في المراحل الأخيرة رأينا تحدياً أكبر هو الأخطر والأهم من القضية الفِلَسطينية في تاريخنا الحديث وهو تهديد ايران"- حسب قوله. مضيفاً أن التحدي بدأ منذ عام 1979 (تاريخ انتصار الثورة في إيران.
كالببغاء رددوا ما قال أسيادهم وتناغموا معها متجاهلين إجرام الكيان الاسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني طيلة العقود السبعة الماضية، فسارعوا متناغمين مع رغبة راعي البقر ليقول وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد آل نهيان هو الآخر إنه "من حق إسرائيل قصف سوريا للدفاع عن نفسها من خطر ايران"؛ ليدعمه وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية عادل الجبير، بقوله "إن الحضور في مؤتمر وارسو أجمعوا على أن أبرز التحديات التي يواجهونها هي دور ايران المزعزع لأمن واستقرار المنطقة". بعد أن صرح وزير الخارجية الأمريكي "مايك بومبيو": أن العدوان الإيراني في منطقة الشرق الأوسط يشكل خطراً حقيقياً.. سنواصل العمل مع حلفائنا من أجل السلام في الشرق الأوسط- وفق قوله.
غرابيب إجرام وكيانات غدر ومكر تاريخ نشوءها شاهد حي على خياناتها لقضايا الأمة والإنسانية، إنسابت كإنسياب قطعان البقر في وادي الثروة يستحلبها راعي مجنون كلما جف ريقه وأحس بالجوع والعطش لتقدم له عروس عروبتها وقبلتنا الأولى قربانا في مسالخ قضايا الأمة على طبق اخلاص العمالة والغدر والانبطاح والذل والمهانة، يرقصون طرباً عند خيمتها بذبح قضيتنا المركزية ومحور أجتماع المسلمين مستبشرين لدى هبلهم الماجن مُراقص عاهرات التطبيع والنفاق والإرهاب وقردة العهر وسماسرة الخيانة؛ معلنين الولاء بالسمع والطاعة رافعين رايات الخزي والعار الملطخة بدماء الأبرياء من كبار وصغار هنا وهناك بفتنتهم الوهابية التكفيرية، فرحين بأنهم اضحوا كلاب عدو الأمة بقلادة نهب ثروات البلاد والعباد.
مراقبون رأوا أن الأهداف الأميركية المتوخاة من انعقاد "مؤتمر وارسو"، في بناء حلف دولي ضد ايران فشلت أما رفض دولي واسع تقدمه دول صاحبة القرار في مجلس الأمن والاتحاد الأوروبي، فأكتفت بلقاء بين حلفاء واشنطن تظهر فيه جبهة التحالف الاسرائيلي ــ الخليجي من السرّ الى العلن. ونتائج لقاء وارسو كشفت تقهقر القدرة الأميركية في بناء الأحلاف وعجز حلفائها عن إعاقة القوة الصاعدة في الشرق. ليعيد للذاكرة فشل طموح الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" إبان انفجار عدائيته ضد ايران في إلغاء الاتفاق النووي، هو بناء تحالف مع بعض الدول الخليجية وأيضاً باكستان وماليزيا أشبه بصيغة حلف الناتو ليتقهقر الى شيء هلامي لم ير النور بمسمى "الناتو العربي"، ساعياً لإستنساخ رديف للناتو على غرار مشروع "حلف بغداد" عام 1958 ضد جمال عبد الناصر وحركة التحرر العربي وقتها. لكن المفارقة التي تدل على مراهنة هشّة تتنافى مع أبسط القواعد الاستراتيجية، لتنهار أمامه السبل والأهداف التي اعلنها لمؤتمر وارسو كما أنهارت أحلامه السابقه ضد داعمو القضية المركزية للأمة، وهو يهرب مسرعاً من ساحة المعركة ضد الارهاب التكفيري الداعشي الذي أقاموه بمال وأفراد دول البترودولار في سوريا وأفغانستان حاملاً على ظهره الخيبة والفشل والإنكسار.
إنه مؤتمر الإذلال والعار ولحظات فارقة وخطيرة في تاريخ الأمة.. أعتصرت فيها قلوب الشعوب ألما وحسرة بفعل حكامها السفهاء من خيانة وما ألحقوا بها من عار وشنار....ألهذا الحد فقدنا الرجولة؟ كمشة من حثالة متسلطين على رقاب شعوبهم باعوا شرف الأمة ومقدساتها بوقاحة منقطعة النظير ومن دون أدنى ضمير يعبثون كما يريدون.. ألهذا الحد فقدنا الحياء؟ ألهذا الحد مات فينا الضمير؟...
ارسال التعليق