مالذي دفع بن سلمان للرد على كندا بهذه الطريقة؟!
[ادارة الموقع]
توتر سعودي كندي أرخى بظلاله على عناوين الصحف في شتى أرجاء العالم، نظراً لحساسية الموقف وازدواجيته من قبل كلا الطرفين، فكندا التي طالبت المملكة بإطلاق سراح ناشطين معتقلين وأرادت أن تسوق لنفسها بأنها تدافع عن حقوق الانسان، هي نفسها التي مدت آل سعود بصفقة أسلحة تبلغ قيمتها 15مليار دولار وذلك بعد أن تمت الموافقة على تصدير أكثر من 70% (قرابة 11 مليار دولار) من الأسلحة المتفق عليها وهي تشمل عربات مدرعة بالإضافة إلى قطع غيار ومنظومات الأسلحة المرتبطة بها، حيث سيتم تجهيز تلك المدرعات بالأسلحة الرشاشة والأسلحة المضادة للدروع.
وتم تعطيل هذه الصفقة لأكثر من عامين على يد ستيفان ديون وزير الخارجية حينها لاعتقاده بوجود انتهاكات لحقوق الإنسان في السعودية وهذا الأمر يمنع كندا من تزويد الرياض بالسلاح، ومع ذلك تمت الصفقة فيما بعد وما اعتبره جميع الحقوقيون حينها أنه انتهاك صارخ لحقوق الانسان لكون السعودية سوف تستخدم العربات المصفحة التي أرسلتها لها كندا في قمع المواطنين البحرينيين وهناك اثباتات بأن الأسلحة الكندية استخدمها آل سعود بقصف المدنيين في اليمن.
على الجانب الآخر ثارت السلطات السعودية كالبركان بعد أن نشرت السفارة الكندية بالرياض تغريدة على تويتر عبرت فيها عن قلق بلادها البالغ إزاء الاعتقالات الإضافية لنشطاء المجتمع المدني ونشطاء حقوق المرأة في السعودية، ومن بينهم الناشطة سمر بدوي، وحثت السفارة على الإفراج فورا عن جميع النشطاء السلميين في مجال حقوق الإنسان، وفور انتشار هذه التغريدة في الصحف، أعلنت السعودية استدعاء سفيرها في كندا واعتبار السفير الكندي لديها غير مرغوب فيه، كما جمدت كافة التعاملات التجارية والاستثمارية الجديدة مع كندا، واعلنت السعودية انها تحتفظ بحقها في اتخاذ اجراءات أخرى.
والسؤال لماذا الآن، ومالذي تغير؟!
اذا أردنا تحليل سير الأحداث السياسية في المنطقة من ايران مرورا بالعراق وسوريا وصولا إلى تركيا، أضف على ذلك ما يجري في اليمن والداخل السعودي، سنجد أن تصرف بن سلمان بهذا الشكل له دلالاته الخاصة.
قد نستغرب أن ولي العهد لم ينبس ببنت شفة قبل حوالي الثلاثة اشهر عندما صرحت الولايات المتحدة الامريكية تصريحا أقوى من تصريح كندا حول معتقلي الرأي والنشطاء في المملكة، ففي 23/5/2018 أعربت الخارجية الأمريكية عن قلقها بشأن سجن واعتقال ناشطين وناشطات في السعودية من المدافعين عن حقوق المرأة، وقالت متحدثة باسم الخارجية الأمريكية حينها إن "واشنطن قلقة بشأن سجن واعتقال عدة ناشطين وناشطات في السعودية"، مؤكدة أن "إدارة البيت الأبيض تتابع الأمر عن كثب"، وأضافت المتحدثة: "ندعم فسح المجال لمنظمات المجتمع المدني وحرية التعبير في السعودية"، حسب "رويترز".
ولكن الأمير الشاب حينها لم يستطع الرد على كلام الخارجية الأمريكية كما فعل في الأمس مع الخارجية الكندية، وهنا نستقي من كلام الصحفي عبد الباري عطوان لنحلل سبب ذلك، يقول عطوان: هذا الرجل، أي ترامب، لا يستأسد الا على العرب، وفي منطقة الخليج فقط، حيث يرضخون لإملاءاته، ويطيعون أوامره، ويلبون كل مطالبه المالية الابتزازية، ومعايراته بالحماية دون أي مقابل، ايثارا للسلامة فقط، وتطبيقا لنظريته بأنهم لا يستمرون أسبوعا في الحكم دون الحماية الامريكية. إذا ولي العهد يستطيع البقاء دون الحماية والدعم الكندي ولكنه هل يستطع البقاء دون الحماية الأمريكية؟!، خاصةً وأن قدماه لم تطأ بعد بلاط العرش، وهناك سببين آخرين يقودان بن سلمان للرد على كندا بهذا الشكل القاسي والحاد.
أولاً: يريد بن سلمان تقديم نفسه على أنه صاحب موقف ولا يسمح لأحد بالاقتراب من سيادة بلده وشؤونها الداخلية، ولكونه لا يستطيع مواجهة الولايات المتحدة فلا ريب في مواجهة كندا والظهور بموقف القوة لطالما ان كندا لن تؤثر عليه كما هو الحال بالنسبة لواشنطن، ناهيك عن كونه لن يقدر على القيام بما تفعله أنقرة وطهران اليوم مع واشنطن.
ثانياً: يريد بن سلمان ايصال فكرة لجميع الدول الاقليمية والكبرى انه لن يسمح لأحد بالتدخل في حملات اعتقاله وطريقة ادارته للحكم، وفي هذا الصدد قالت وكالة "بلومبرغ" الأمريكية، إن القرار السعودي، يظهر "الوجه الصارم" للأمير محمد بن سلمان، الذي لن يتسامح مع أي معارضة أو محاولات للتدخل في الشان الداخلي السعودي، ونقلت "بلومبرغ" عن كريستيان أولريتشسين، الزميل في معهد بيكر للسياسة العامة بجامعة "رايس" في ولاية تكساس الأمريكية، والمتخصص في شؤون الشرق الأوسط، "قطع العلاقات الدبلوماسية السعودية مع كندا يظهر كيف ستكون المملكة الجديدة التي يؤسسها محمد بن سلمان".
وتابع:"يكشف هذا أن محمد بن سلمان والمملكة لن تتسامح ولن تكون مضطرة لتحمل أي شكل من أشكال الانتقاد في تعاملها مع شؤونها الداخلية أو أي شكل من أشكال التدخل الخارجي".
ارسال التعليق