حدث وتحليل
مواقف ترامب حول القدس.. تفضح عجز وتواطؤ آل سعود
[ادارة الموقع]
جاءت المواقف التي أطلقها الرئيس الأميركي دونالد ترامب حول القضية الفلسطينية والقدس واعتباره ان المدينة المحتلة باتت عاصمة لكيان العدو الاسرائيلي وهي خارج أي مفاوضات مقبلة حول الاوضاع في الاراضي المحتلة او لتسوية الصراع هناك، لتثير التساؤلات عن المواقف الخليجية ولا سيما السعودية منها، حيث قال ترامب "في كل مرة كانت هنالك مفاوضات سلام لم نغادر إشكاليّة الاعتراف بالقدس، لذلك قررت أن نزيلها من المفاوضات"، واشار الى ان "كثيرين قالوا له إن هذه الصفقة هي الأصعب من كل الصفقات".
هذا الكلام الصريح للرئيس الاميركي من المفترض ان يحرج القيادة في مملكة آل سعود وبالتحديد الملك سلمان بن عبد العزيز الذي سبق ان أعلن قبل فترة عن مواقف رنانة وبراقة من قضية القدس خاصة بعد بروز اشارات عديدة ان الادارة الاميركية اجلت المضي قدما بما يسمى بـ"صفقة القرن"، فحاول الملك السعودي الاستفادة من ذلك لبيع مواقف سياسية للشعوب العربية والاسلامية وبالتحديد للشعب الفلسطيني ورفع اسهم آل سعود ومملكتهم المتراجعة في الاوساط الشعبية وإبعاد التهم عن السعودية وبالتحديد عن ولي العهد محمد بن سلمان بالتورط الفاضح في بيع قضية القدس لصالح العدو الاسرائيلي، طمعا بتحقيق مصالح سياسية شخصية ضيقة تتعلق بتحقيق أحلام الطفل المدلل للملك سلمان بالجلوس على كرسي الملك لعشرات السنوات القادمة.
هل يجرؤ سلمان على الوقوف بوجه ترامب؟!
وبالسياق، سبق للملك سلمان ان قال إن "المملكة السعودية لن تقبل بأي خطة سلام تخفق في معالجة وضع الأراضي الفلسطينية وخاصة القدس الشرقية وحق العودة"، وبعد هذا الموقف أطلقت حملة ترويجية واسعة سياسيا واعلاميا للسعودية بأنها ترفض تضييع حقوق الشعب الفلسطيني والمقدسات هناك وغيرها من العناوين البراقة التي تهدف لتلميع صورة آل سعود وتصويرهم انهم يملكون الحرية والقدرة على رفع الصوت بوجه ما تتعرض له فلسطين من مخططات على رأسها صفقة القرن، إلا أن كلام ترامب الأخير عن إخراج القدس من المفاوضات وأنها باتت بشكل محسوم هي عاصمة لكيان الاحتلال الاسرائيلي، بحسب رأيه، يثير علامات استفهام حول كيف سيتصرف الآن الملك السعودي بمواجهة هذا الموقف الذي يستهدف القدس جوهر القضية الفلسطينية؟ هل سيجرؤ على الوقوف وقول لا للرئيس الاميركي؟ هل سيتمكن من معارضة الموقف الاميركي الصريح؟ هذه التساؤلات تفتح الباب للبحث في مدى الحرية التي تتمتع بها السعودية بمواجهة الاميركيين والإسرائيليين؟ وكيف سيكون موقف الملك الفعلي والحاكم بأمره في السعودية محمد بن سلمان الذي يقدم كل ما يطلب منه في سبيل خدمة الصهاينة لاعتقاده انهم سيدعمونه في الوصول والجلوس على كرسي الملك ومساعدته لتدعيم حكمه اكثر فاكثر في مملكة آل سعود؟
والاكيد ان مواقف ابن سلمان طالما كانت مؤيدة ومروجة لاقامة كيان اسرائيلي على ارض فلسطين المحتلة والعمل لانهاء الصراع على حساب حقوق الشعب الفلسطيني، والجميع يذكر مواقفه "المتقدمة" في هذا المجال والتي اطلقها بشكل خاص خلال زيارته الشهيرة الى الولايات المتحدة الاميركية ولقائه مجموعة من الحاخامات الصهاينة في دلالة واضحة على مواقفه الراسخة في هذا المجال، حيث تحدث ابن سلمان عن "حق" للصهاينة بإقامة كيانهم وضرورة قبول الفلسطينيين ما يعرض عليهم من دون تذمر، في اشارة واضحة الى موافقة السعودية على "صفقة القرن" قبل ان يظهر عجز الدول الخليجية ولا سيما مملكة آل سعود من تمريرها فلسطينيا وفشل ترامب من فرضها على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة المحاصر او باقي الاراضي المحتلة لا سيما بالضفة الغربية والقدس، ما استدعى الترويج الى تأجيل طرحها لظروف متعددة.
مكر ترامب.. وتآمر آل سعود
لذلك كله يبدو ان الرئيس الاميركي سعى الى اتباع بعض الاساليب الجديدة لتحقيق أهدافه صفقته، عبر تحقيقها بالمفرق بعد فشله في تحقيقها بالجملة دفعة واحدة، أي انه سيعمل على التقدم خطوة خطوة للوصول الى نفس الاهداف طالما ان طرح الخطة كاملة قد فشل، وهو لذلك عمد الى الحديث عن ان القدس بات خارج السياق ليحاول لاحقا فرض باقي بنود "صفقة القرن" عبر المفاوضات او اي شكل جديد من المحادثات المفترضة مع السلطة الفلسطينية او اي طرف فلسطيني آخر في سعي اميركي لاعطاء الشرعية للصفقة التي تتهاوى مع مرور الوقت.
والحقيقة ان السعودية ستكون من اكثر المتضررين من كل ما يجري، وخاصة الملك سلمان ونجله الحالم بالسلطة، لان القيادة السعودية أثبتت تورطها عندما سار ترامب وادارته بـ"صفقة القرن"، وعندما أراد تأجيلها رفعت الرياض سقف مواقفها ليتبين ان الامر لا اثر له على رأي الادارة الاميركية وان الحديث عن موقف سعودي مستقل هو شعار ليس إلا بهدف المتاجرة بهموم وقضايا الامة، بالاضافة ان العديد من الجهات الاعلامية والسياسية التابعة لآل سعود ستحاول في الفترة المقبلة القول إن الرياض رفضت الصفقة وان ترامب يواصل تطبيقها رغم عنها، إلا ان هذا الامر ايضا سيؤكد ان السعودية متورطة عبر اعطاء مواقف تحت الطاولة بالالتزام بالصفقة مع الاميركيين والاسرائيليين، بينما في العلن ستخرج لتنفض يدها مما جرى في محاولة لرفع المسؤولية التاريخية عنها، كما كانت تفعل دائما منذ عشرات السنين في كل التطورات التي تعلقت بالقضية الفلسطنية وبالاعتداءات والجرائم الاسرائيلية على الشعوب العربية والاسلامية.
ارسال التعليق