استقالة الحريري من الرياض وصاية على لبنان.. أم تهمة فساد؟
جاءت استقالة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري المفاجئة من الرياض أمس الأول لتفجر أزمة جديدة في لبنان الذي يعيش توافقاً سياسياً هشاً منذ تعيين الرئيس ميشال عون رئيساً للجمهورية ؛ وإدخاله في نفق مظلم خطير؛ بالنظر إلى المعطيات الإقليمية شديدة الحساسية.
وبنفس القدر ونظراً لترافق الاستقالة مع إقالات واعتقالات الداخل السعودي ؛ التي طالت 11أميراً و38 من الوزراء ورجال الأعمال؛ ضمن ما أطلقت عليه السعودية ملاحقة الفساد؛ فقد طرحت تلك الاستقالة في نفس الوقت سؤالاً كبيراً حول ملابساتها خاصة أن الحريري يحمل الجنسية السعودية، ومدى ارتباطها بتلك الموجة التي تشنها المملكة ضد من سمتهم المفسدين؛ وهو تفسير تعززه تقارير تحدثت عن صدور حكم قضائي بحق الحريري والأمير الوليد بن طلال للتنفيذ العام الماضي. وان بيان الاستقالة كتب للحريري في الرياض.. وأن الرياض أخرجت مسرحية الاستقالة لتجريده من حصانته تمهيداً لاعتقاله وابتزازه مالياً على طريقة الأمراء.. فهل جاءت استقالة الحريري من الرياض ضمن ملاحقة الفساد.. أم فرض وصاية على لبنان ضمن سياسات فرض الوصاية التي حاولت إتباعها السعودية وحلفاؤها مع قطر عبر مسرحية الحصار..؟!
لا شك أنها هي السابقة العربية الأولى التي يعلن رئيس حكومة استقالته من منصبه عبر كلمة يلقيها من دولة عربية أخرى ! . وهذا ما فعله الحريري عندما تقدم باستقالته من رئاسة الحكومة اللبنانية متخذاً من الرياض لا من بيروت منبراً للإعلان عن هذه الخطوة المفاجئة .
أما لماذا الاستقالة بحد ذاتها، فهذا يعود إلى نفس السبب المكرر الذي بموجبه كان على الحريري أن لا يقبل من الأساس رئاسة الحكومة اللبنانية أواخر العام الماضي، والمقصود به ، حسب الحريري ذاته : تدخل طهران في الشأن اللبناني عبر حزب الله .لا جديد إذن في الدافع المعلن لاستقالة رئيس الحكومة اللبنانية من منصبه .
تكذيب رواية الحريري
فقد كذب المغرد السعودي الشهير"مجتهد" ما تردد مؤخراً حول تعرض رئيس الوزراء اللبناني "المستقيل" سعد الحريري لعملية اغتيال، مشيراً إلى أنه ليس من مصلحة حزب الله اغتياله لكونه قيادة ركيكة ضعيفة لا تهدد مصالحه. وقال المغرد الشهير الذي يتابعه نحو مليوني شخص وصدق في العديد من التسريبات السابقة إن البيان الذي قرأه سعد الحريري السبت عبر لقاء متلفز أعلن خلاله استقالته من رئاسة الحكومة اللبنانية كُتب له، وأن الحريري ذاته غير مقتنع به أو بمحتواه.
والبيان الذي قرأه كُتب له وليس مقتنعا به ولا بمحتواه ولا مقتنع بإعلان الاستقالة من الرياض فكيف يعلن زعيم سياسي استقالته من عاصمة دولة أخرى؟
وأشار مجتهد إلى أن الوضع في لبنان كان يتجه إلى تقليص حجم المشكلات، ومن ثم لم يكن لديه ما يدفعه إلى اتخاذ قرار الاستقالة لافتاً إلى أن الهدف من ما حدث هو إعادة الحريري إلى الرياض وتجريده من منصبه.
وقال المغرد الشهير على "تويتر" إن القصة ليست إلا قراراً غير مدروس من قبل القيادة السعودية لتبرير إبقائه في الرياض وابتزازه مالياً حيث لا يستطيع إبقاءه في الرياض وهو رئيس للوزراء.لافتاً إلى أن الحريري يحمل الجنسية السعودية ويحق للنظام السعودي التعامل معه كمواطن من الناحية النظامية وما يتبع ذلك من إجراءات. وعاد مجتهد في تغريدة أخرى للتأكيد على أن السبب الحقيقي لرغبة الرياض في عودة الحريري إلى المملكة هو حشره مع الأمراء ورجال الأعمال الموقوفين بهدف ابتزازه واستعادة الأموال التي لديه في الخارج وليس مرتبطا بلبنان.
واعتبر المغرد السعودي الحديث الذي أثير عن تعرض سعد الحريري إلى محاولة اغتيال غير صحيح، مؤكداً أنه ليس من مصلحة حزب الله اغتيال الحريري لأنه مفيد للحزب كونه قيادة ركيكة بائسة ومضعفة جداً لأهل السنة على حد وصفه.
الهدف المملكة لا لبنان
وهو نفس الأمر الذي دفع أحد المواقع الإخبارية للتعليق على استقالة الحريري وملابساتها قائلا( لا يشك عاقل بتلازم فعل استقالة الرئيس سعد الدين الحريري التي أعلنها من الرياض ، مع ما تبعه بعد ساعات في السعودية من تنفيذ عمليات اعتقال لأمراء ووزراء ورجال أعمال تنفيذا لأوامر قضائية بذريعة مكافحة الفساد).
ولو أن الحريري سمع من بيروت أن بكر بن لادن صاحب شركة بن لادن العملاقة منافسة شركته “أوجيه” قد أصبح في الحجز، وأن الأمير الملياردير الوليد بن طلال أصبحت مهنته فجأة “تبييض الأموال” وينتظر المحاكمة بموجب القضاء السعودي، هل كان تجرّأ على القدوم طوعا إلى مصيره المحتوم؟.. واضح أن استقالة الحريري من الحكومة اللبنانية لم تكن هي الحدث المقصود سعوديا. فالحدث، هو ما كان وسيكون عقب الاستقالة، وليس في بيروت، بل في الرياض.
كما جدّدت مصادر أمنيّة عبر موقع "النشرة" أن كل ما تمّ بثّه عن التحضير لعمليّة اغتيال للحريري الابن، ليس إلا من باب التعمية والتغطية على ما أمرٍ ما. وكشفت هذه المصادر إلى أن لا معلومات لدى القطاعات الإستخباريّة كافة من مخابرات للجيش اللبناني وأمن الدولة والمعلومات في قوى الأمن الداخلي حيال أي اهتزاز أمني أو التحضير لعمل أمني يطول شخص رئيس الحكومة سعد الحريري.
إلى ذلك طمأنت المصادر الأمنيّة، إلى أن الوضع الأمني ممسوك بشكل جيّد وبعيد كل البعد عمّا يُقال في بعض وسائل الإعلام ويروّج له على بعض مواقع التواصل الاجتماعي من وجود احتمال لخضّة أمنيّة على خلفيّة "استقالة الحريري"، ولفتت إلى أنّ القوى الأمنيّة تعمل بشكل مضاعف منذ فترة طويلة لضرب من يعمل على الإخلال بالأمن الوطني.
خريطةِ طريقٍ سُعوديّة أمريكيّة
وفى هذا السياق استبعد موقع "شام "الإخباري إقدام سعد الحريري على خُطوةِ استقالته هذه لأن حياته كانت مُعرّضة للخَطر، فالرّجل كان يتجوّل في بيروت بشكلٍ طبيعي، ووقّع قبل أيّامٍ معدودةٍ عدّة مراسيم، أبرزها تعيين سفير لبنان جديد في سورية، مُضافًا إلى ذلك أن الجهة المُحتملة للإقدام على تنفيذ عمليّة اغتياله، أي حزب الله، كانت تُوفّر له الحِماية، ووَصل إلى رئاسة الوزراء عبر صَفقةٍ سياسيّةٍ مَعها.
وقال إنها تأتي في إطارِ خريطةِ طريقٍ سُعوديّة أمريكيّة تَستهدف “حزب الله”، الذّراع العَسكري القَوي لإيران الذي بات يُشكّل تهديدًا وجوديًّا لإسرائيل، وخطرًا كبيرًا على أمن السعوديّة واستقرارها بسبب دَعمه اللامحدود، الإعلامي والسّياسي، والعَسكري لتيّار “أنصار الله” الحوثي، وهو الدّعم الذي كَبّد السعوديّة خسائرَ بشريّة كبيرة في حُدودها الجنوبيّة، وبات يُهدّد هَيبتها بضَرب عُمقها بصواريخ باليستيّة مُتطوّرة بين الحين والآخر نَجح بَعضها في إصابة أهدافه، كان آخرها الليلة قبل الماضية على مدينة الرياض.
مقامرة غير محسوبة
وأضاف بان هناك تقارير تُفيد بأنّ المملكة وبالتّنسيق مع الرئيس ترامب، تَعكف حاليًّا على تَشكيل تحالفٍ عربيٍّ، على غِرار نَظيره في حرب اليمن، يكون رأس حِربة في الهُجوم المُتوقّع على “حزب الله”، ومن غَير المُستبعد أن تكون إسرائيل العمود الفِقري لهذا التّحالف.
وهو ما اعتبره موقع شام مُقامرة سعوديّة أمريكيّة غير مَحسوبة العَواقب، ودُخول إسرائيل ميدانها قد يُكلّفها غاليًا، فهذهِ الحَرب، قد تَكون آخر الحُروب في المِنطقة، تمامًا مِثلما كانَ عليه حال الحرب العالميّة الثانية، التي أنهت الحُروب الأوروبيّة إلى غيرِ رَجعةٍ، وقامَ على أنقاضها الاتحاد الأوروبي.
فلا نَعتقد أن إسرائيل، التي خَسرت جَميع حُروبها مُنذ عام 1973، ستَخرج مُنتصرةً منها، فمِحور المُقاومة استعدّ لها جيّدًا، وقُدرات حزب الله أضخم أضعاف المرّات بالمُقارنة مع نَظيرتها أثناء حرب عام 2006، مُضافًا إلى ذلك أن سورية وإيران والعِراق، وآلاف المُتطوّعين من مُختلف أنحاء العالم الإسلامي ستُشارك فيها، ولا نَنسى أيضًا حركة حماس التي استعادت علاقاتها كاملةً مع إيران.
ارسال التعليق