الاخبار
الاربش يستحق التخليد ولكن ....
كنّا قد كتبنا في مقالنا السابق الأسبوع الماضي، وفي هذه الزاوية، عن عدم استبعادنا لزيادة عمليات تفجير المساجد في المملكة العربيّة السعوديّة، وازدياد تأزم الوضع وبلبلة الأمن، وللأسف سرعان ما ثبت ما توقّعناه.
السعودية أكّدت أنّها أحبطت العمليّة الإرهابيّة التي أوقعت أربعة ضحايا من المصلّين في مسجد شيعي بـ “الدمام”، ونجحت في إفشالها والتي قام بها انتحاري تنكّر بزيّ نسائي.
لكنّ العديد من وسائل الإعلام ذكرت أنّ اللجان الشعبية وبعض الشباب من المتطوعين هم الذين منعوا هذه العملية، وشاهدنا الفيديو الذي تداولته مواقع التواصل الاجتماعي والفضائيات، ويظهر فيه والد الشهيد البطل، الشاب عبد الجليل الأربش، الذي صدّ الانتحاري، يتحدث برباطة جأش وبعزيمة، حامدا الله على أنّ ابنه منع حدوث مجزرة كبيرة.
لقد شاءت الصدف هذه المرّة، تواجُد الشاب الشهيد في المكان ومنع مصيبة كبيرة، وهو يستحق من السلطات السعودية تخليد ذكراه، بإطلاق اسم المسجد على اسمه، أو أي مكان آخر، وهذا أضعف الإيمان. لكن هل نضمن في كل مرّة كشف ومنع مثل هذه الاعتداءات؟ وهل في كلّ مرّة ستسلم الجرّة؟!. مع إيماننا بأنّ الامتحان والمحكّ الحقيقي يكمن في منع مثل هذه العمليات مسبقًا، والحفاظ على أرواح الأبرياء، من خلال استتباب الأمن والأمان، الذي سيستنزف طاقات السعودية من خلال الجهود الكبيرة والتدابير التي ستتخذها.
لا زلنا عند تخوّفنا من تكرار مثل هذه السلوكيات، وبصراحة لا نشعر بالتفاؤل من بيان داعش، الذي “يدعو أهل التوحيد في جزيرة العرب أن يهبّوا لنصرة دين الإسلام من رجس الرافضة المشركين وحُماتهم المرتدين، من طواغيت آل سلول، ومن زيّن لهم أفعالهم”.
رئيس مجلس إدارة قنوات “المجد” الفضائيّة، الدكتور حمد الغماس، قال إنّ تفجير العنود وتفجير مسجد القديح يذكرنا ببداية الخراب في العراق، إنّها نفس الأيادي المخرّبة، يمينها داعش ويسارها إيران”.
لا نعتقد بوجود اتصال مباشر بين داعش وإيران، حتى لو تقاطعت المصالح في الوقت الحالي، لأنّ داعش لها أهدافها، وقد هدّدت سابقا باستهداف المملكة وأمنها، وربما تزامنت الظروف السياسية وتحديدا الحرب على اليمن لتحقيق مثل هذه الممارسات الإرهابية التي لا تعرف
ملّة أو طائفة محدّدة، وفي خضم المعركة الطائفية والفتنة، ووجود أعداء للمملكة، تنقلت كرة الاتهام في ملعبي داعش وإيران، وضاعت الجريمة بين حانا ومانا، فـ “الشعي” يتّهم “الوهابي”، و”الوهابّي” يتّهم “الصفوي”، والكلّ بريء !.
لذلك يجب العمل على استمرار تكاتف الجهود والوحدة الوطنية بين أبناء الشعب السعودي، والتحلّي بروح الأخوية التي لمسناها، وهي أهمّ خطوة للتصدّي للإرهاب الذي بدأ يخترق المملكة.
لكن هذه الخطوة تحتاج إلى طرق وآليات عمليّة، منها عدم غزّ الرؤوس كالنعامة في الرمال وبعد وقوع كل حادثة إرهابية الخروج والتصريح بأنّ السعودية في خير، لأنّ هناك ثغرات ومشاكل تزيد من هوّة الانقسام بين السُنّة والشيعة، يجب وضعها على الطاولة ومناقشتها، وهذا ما أكّده الدكتور والكاتب توفيق السيف، في مداخلته على “خليجيّة مباشر”، الذي انتهز الفرصة المؤلمة متطرقًا إلى إشكاليّة و”ثغرة” من هذه الثغرات، وهي عدم دفن الشهداء الذين سقطوا في الدمام بل في “الأحساء” لأنّ المشايخ في الدمام، وبعض الجهات الحكوميّة لا تسمح بدفن الشيعة في الدمام، وهذه واحدة من الثغرات”، التي لن نخوض في أحكامها وفتواها!.
“السيف” أكّد وجود بعض الشخصيات السعودية بعينها، التي تنفخ في نيران الانقسام الاجتماعي، وتلاقي الدعم أو المجاملة من الجهات الحكوميّة.
ارسال التعليق