السعودية تعترف بضعفها العسكري
على وقع استباحة جماعة الحوثيّ، الأجواء السعوديّة بشكل شبه يومي، باستهداف عدة منشآت حيوية واستراتيجية في مختلف أنحاء المملكة، وفشل الجيش السعودي في صدّ تلك الهجمات، لجأت السعودية إلى القوات الأمريكية، لحفظ ماء وجهها. ولم تجرؤ السعودية على قول إنها هي التي وجهت الدعوة إلى القوات الأمريكية بالعودة، واكتفى البيان بأنه «تمت الموافقة على استقبال القوات الأمريكية، لرفع مستوى العمل المشترك في الدفاع عن أمن المنطقة واستقرارها، وضمان السِّلم فيها»، في حين كشف «البنتاجون» أنه تلقى دعوة من المملكة لإعادة نشر قواته على أراضيها، بعد 16 عاماً من مغادرتها.
وبسماح السعودية بإعادة نشر القوات الأمريكية على أراضيها تؤكّد بذلك تصريح الرئيس دونالد ترامب، حين قلل من قدرة السعودية على حماية نفسها دون دعم الولايات المتحدة لها ولجيشها، وأن ذلك مرهون بدفع الأموال لواشنطن مقابل الحماية. وكان آخر وجود للقوات الأمريكية على الأراضي السعودية عام 2003، بعد انتهاء غزو العراق، حين سلموا قاعدة الأمير سلطان الجوية إلى القوات السعودية عقب إقامتهم فيها منذ حرب الخليج الثانية عام 1991، حيث استدعتهم المملكة حينها.
ولم تخض القوات السعودية أي مواجهة عسكرية قوية، تختبر فيها قدرتها على حماية حدود البلاد وأجوائها، ولكن مع دخول الحرب ضد اليمن، واشتداد هجمات الحوثيين، فشل سلاح الجو السعودي الذي يمتلك منظومات دفاعية جوية أمريكية متطورة، في حماية أجواء البلاد. ويبدو أن الهدف غير المعلن من عودة القوات الأمريكية هو حماية أجواء السعودية، وفق ما أكده موقع «بي بي سي بالعربي»، حيث بيّن أن الجيش الأمريكي نشر في قاعدة الأمير سلطان بالسعودية بطاريات صواريخ «باتريوت» الدفاعية، ويعمل عليها 500 عسكري أمريكي. وتشمل المعدات التي جلبها الجيش الأمريكي إلى قاعدة الأمير سلطان، طائرات حربية وأنظمة دفاع صاروخي بعيدة المدى، وفق شبكة «سي إن بي سي» الأمريكية الإخبارية. كذلك أكد مسؤولون أمريكيون أن النشر يركز على القدرات الدفاعية، مع بطاريات «باتريوت» للدفاع الصاروخي والطائرات المقاتلة التي تهدف إلى الدفاع عن القوات الأمريكية على الأرض، مع إقرار إمكانية استخدام الطائرات بشكل هجومي.
الخبير العسكري اللواء يوسف الشرقاوي وصف عودة القوات الأمريكية إلى السعودية بالاستدعاء من قِبل سلطات المملكة لحمايتها، في ظل اشتداد الهجمات الحوثية على المنشآت السعودية، وزيادة التوتر مع إيران.
ويؤكد الشرقاوي: أن «السعودية منهكة من حرب اليمن المستمرة منذ سنوات، فضلاً عن عدم احترافية قواتها في التعامل مع أنظمة الدفاع الجوي الأمريكية (باتريوت) في صدّ الهجمات المعادية، لذلك تم طلب الحماية». ويقول الشرقاوي: «رغم امتلاك السعودية أنظمة باتريوت متطورة، وشرائها للقبة الحديدية من إسرائيل، فإنها فشلت في التعامل مع الأهداف القادمة من اليمن، وهنا استحضرت الخطر المتواصل على بلاده، فلجأت إلى الأمريكان». ويوضح أن إعادة انتشار القوات الأمريكية بالسعودية تعدّ حرباً بالوكالة تقوم بها الولايات المتحدة بتوجيه من المملكة، بفضل الأموال التي تدفعها لهم، وهو ما أكده الرئيس ترامب.
ويردف الخبير العسكري بالقول: «كله بثمن، ترامب لم يرسل جنوده ومعدات عسكرية متطورة إلى السعودية بلا مقابل، بكل تأكيد حصل على مليارات الدولارات، وهذا حديث غير سري، فدائماً ما يحرج الرئيس الأمريكي السعودية، ويبتزها على الهواء مباشرة». وتعتمد السعودية على منظومتي صواريخ «هوك» و»باتريوت» الأمريكيتين لحماية أجوائها، وتعمل على تطويرهما باستمرار.
وكان مسؤول سعودي كشف مؤخراً، أن الأحداث الأخيرة أظهرت أن البلاد مكشوفة من حيث نظام الدفاع الصاروخي. من جانبها اكدت صحيفة «وول ستريت جورنال» في تقرير أعدّه جوردون لوبولد ونانسي يوسف، أن عودة الانتشار الأمريكي بالسعودية بعد الانسحاب منها عقب غزو العراق، يأتي في ظل توتر الأوضاع بمياه الخليج. ويقول الكاتبان: «تشهد منطقة الخليج وضعاً غير مسبوق، حيث أعلنت الولايات المتحدة مؤخراً إسقاط طائرة مسيَّرة تتبع للحرس الثوري، وكذلك تتهم واشنطن طهران باستهداف ناقلات النفط، وخطفها».
ويوضح الكاتبان أنَّ تزايد سخونة الأحداث في الخليج وتطوّرها دفعا الولايات المتحدة إلى تعزيز وجودها العسكري، من خلال عودة قواتها إلى السعودية، والتمركز في قاعدة الأمير سلطان الجوية. ويفسر الكاتبان عودة القوات الأمريكية، بأنها ضمن حماية المملكة، في ظل التهديد الإيراني المتواصل. ويبيّن التقرير أن قرار «البنتاغون» يأتي وسط المواجهة بين إدارة الرئيس ترامب والكونجرس بشأن بيع الأسلحة للسعودية، ودعم الولايات المتحدة للحملة العسكريّة التي تقودها السعودية في اليمن، خاصة بعد اغتيال الصحفي جمال خاشقجي.
ارسال التعليق