السعودية على بعد خطوات من التطبيع والاعتراف الرسمي بإسرائيل
علاقة السعودية بالكيان الإسرائيلي ليست وليدة عهد جديد على الإطلاق، وهذا الأمر بات لا يُناقش سوى في مصاديقه التي تؤكد وجود هذه العلاقة ودلالاتها التي باتت هي الأخرى معروفة وتستهدف مَنْ، وتخدم مَنْ، بالدرجة الأولى؟
ومن المؤشرات الحديثة على العلاقة الوطيدة بين الرياض وتل أبيب هو ما صرّح به رئيس الأركان الإسرائيلي "غادي إيزنكوت" لموقع "إيلاف" الإخباري وهو موقع اسسته السعودية وهي التي تموله عندما قال إن موقف إسرائيل مطابق تماماً للموقف السعودي تجاه قضايا المنطقة.
وأضاف: هناك توافق تام بيننا وبين السعودية التي لم تكن يوماً عدوّة لنا أو قاتلتنا أو قاتلناها، مشيراً إلى أنه كان في لقاء رؤساء الأركان في واشنطن، وعندما سمع ما قاله المندوب السعودي وجد أنه مطابق تماماً لما يفكر به إزاء قضايا المنطقة.
وأوضح إيزنكوت أن تل أبيب مستعدة لمشاركة المعلومات مع الرياض، لأن هناك الكثير من المصالح المشتركة بين الجانبين.
وعندما سئل عن الموقف الأمريكي بهذا الخصوص أجاب رئيس الأركان الإسرائيلي: توجد مع واشنطن فرص لتحالف جديد والقيام بخطة استراتيجية لوقف ما أسماه الخطر الإيراني وتبادل الخبرات والمعلومات الاستخبارية مع "الدول المعتدلة" لاسيّما السعودية.
ويروّج مسؤولون وإعلاميون مقربون من القصور الملكية كثيراً للتطبيع مع إسرائيل، فقد حضر الأمير "تركي الفيصل" رئيس الاستخبارات السعودي السابق، مؤتمر إسرائيلي داخل معبد يهودي في أمريكا، كما التقى العسكري السعودي السابق اللواء "أنور عشقي" مع مسؤولين إسرائيليين، في حين دعا الإعلامي السعودي "أحمد العرفج" إلى التطبيع مع إسرائيل، والتعايش معها في المنطقة.
وقبل فترة كشف عشقي الذي يشغل حالياً منصب مدير مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية في مقابلة مع موقع (RT) الإخباري عن طبيعة العلاقات السعودية - الإسرائيلية بالقول "قامت جريدة "هآرتس" العبرية بتحقيق صحفي واستطلاع للرأي العام بيّن أن 75 في المئة من الإسرائيليين يريدون السلام"، مشدداً على أن كل ما يدور بهذا الخصوص يجري بناءً على مبادرة التسوية التي تقدمت بها السعودية عام 2002 ". وأكد أن كل الأطراف المعنية على استعداد للتفاوض، ويقصد بهذه الأطراف إسرائيل والسعودية وأمريكا والسلطة الفلسطينية.
في مقابل ذلك، ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن أميراً من البلاط السعودي زار تل أبيب بهدف التنسيق بين الجانبين، فيما تحدث مسؤولون إسرائيليون عن تقدم في العلاقات مع الرياض وتوقعوا أن يظهر قسم منها إلى العلن قريباً، فيما كشفت الرسالة التي وجهها مؤخراً وزير الخارجية السعودية "عادل الجبير" إلى ولي العهد "محمد بن سلمان" عن محاولات لطمس القضية الفلسطينية والتطبيع مع إسرائيل، والتي تثبت أن كل ما يجري التداول فيه منذ زيارة الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" إلى الرياض في أيار الماضي حول السعي لتوقيع "معاهدة صلح" بين الرياض وتل أبيب وما تلى ذلك من تبادل زيارات بين الطرفين أصبح واضحاً وعلنيا.
وعلى الصعيد الاقتصادي، واصلت السعودية محادثاتها مع إسرائيل لإقامة علاقات تجارية بين الجانبين بحسب ما نشرته صحيفة "التايمز" البريطانية، التي قالت إن العلاقات قد بدأت عن طريق السماح بعمل الشركات الإسرائيلية في المملكة، والسماح كذلك للخطوط الجوية الإسرائيلية بالتحليق في المجال الجوي السعودي.
وذكرت الصحيفة أن وفداً سعودياً قاده لواء متقاعد قام بزيارة علنية إلى إسرائيل العام الماضي 2016"، مضيفة أن القادة الإسرائيليين الكبار متحمسون لتوسيع هذا التحالف. وزعمت الصحيفة أن الخوف من إيران يدفع السعودية إلى بناء علاقات مع إسرائيل.
وكان الجنرال "ياكوف أميدرور" المستشار السابق لرئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتانياهو" التقى علناً برئيس المخابرات السعودية السابق "تركي الفيصل" في معهد واشنطن العام الماضي. وأوضح الفيصل وقتها أنه "لا يوجد شيء يمكن أن يوقف دمج المال الإسرائيلي والعقل السعودي" وذلك حسب ما جاء في تقرير أعدته مؤسسة (PRI) الإعلامية الأمريكية بعنوان "إسرائيل تطور علاقات جديدة مع السعودية".
المثير في هذا السياق أن هذه التقارير لم تبق كلاماً في الهواء، وإنما سعى مسؤولون إسرائيليون، وفي مقدمتهم رئيس الحكومة "نتنياهو" إلى تأكيدها، عندما كرر القول بأن نوافذ التطبيع مع السعودية متوفرة من خلال ما يصفه بفكرة السلام الإقليمي.
ويعتقد المراقبون بأن السعودية ستعترف بإسرائيل قريباً، ومن ضمن أسباب الاعتراف سيكون تنفيذ مشروع "نيوم" على البحر الأحمر الذي أعلن عنه ولي العهد السعودي في وقت سابق.
ويبدو أنه ليس هناك لإسرائيل حليف أفضل من السعودية، فهي تحارب حزب الله، وحتى أنها عزلت رئيس الحكومة اللبناني "سعد الحريري" لأنه عاش بسلام مع حزب الله على مدى عام ونصف العام. وتطير إسرائيل فرحاً عندما تحتفل بإقالة الحريري، حيث ترى في هذه الخطوة محفزاً لتعزيز المواجهة ضد إيران، لأنها تفترض أن عدوا مشتركا سيتيح المجال لمفاوضات التسوية لطمس القضية الفلسطينية.
هذه المعطيات وغيرها تؤكد بما لايقبل الشك أن علاقة السعودية بإسرائيل قد قطعت أشواطاً نحو الاعتراف الرسمي بكيان الاحتلال وتطبيع العلاقات معه في كافة المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والتجارية والاستخبارية.
الخلاصة:
تؤكد الوقائع أن علاقة السعودية بإسرائيل قد قطعت أشواطاً نحو الاعتراف الرسمي بكيان الاحتلال وتطبيع العلاقات معه في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والاستخبارية، وهذا الأمر موثق بالحقائق والتقارير التي تحدثت عن زيارات متعددة بين الطرفين لهذا الغرض.
ارسال التعليق