ثلاث سنوات عجاف في ظل حكم سلمان الأسوَد وطموحات ابنه الأشد سواداً
قبل نحو ثلاث سنوات وتحديداً في 23 يناير 2015 وصل "سلمان بن عبد العزيز" إلى سدّة الحكم خلفاً لـ"عبد الله بن عبد العزيز"، ومنذ ذلك التاريخ وحتى يومنا هذا أُبتلي البلد بسلسلة من المآسي والكوارث على كافة الأصعدة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والأمنية ،والتي انعكست بدورها مآسي وكوارث على حياة المواطنين .
والمضحك المبكي ما يطلبه آل سعود من الشعب للاحتفال بذكرى تنصيب سلمان ملكاً في وقت لم يعد هناك ما يبرر بقاءه في الحكم، فضلاً عن التركة الثقيلة التي سيخلفها بعد مماته والتي تشابكت خطوطها إلى درجة لم يعد بالإمكان تصور تفكيكها طالما بقيَ هذا النظام ممسكاً بالسلطة، خصوصاً وإنّ ولي العهد "محمد بن سلمان" لم يدع خطيئة صغيرة ولا كبيرة إلّا اقترفتها إرضاءً لنزواته وحلمه الجهنمي في مواصلة هذه الحقبة السوداء بعد وفاة أبيه الطاعن في السن والذي يعاني من الأمراض والخرف.
وفي الذكرى المشؤومة الثالثة لما يسميه آل سعود "البيعة لسلمان" تدعو السلطات الشعب للاحتفاء بهذه المناسبة، وكأن ما حصل ويحصل من دمار وتراجع مخيف على كافة المستويات يمكن أن يُغطى بغربال، وكأن الهزائم المتتالية والفشل المتكرر لايرضي سلمان وابنه ومن تورط معهم في تحطيم طموحات الشعب وما يسعى لنيله، بل لابدّ من الاحتفال بأفراحهم ومسرّاتهم التي لم تكن لتكتمل دون هذا الكم الهائل من التخلف والنكوص الذي يليق بآل سعود ومن يسير بركبهم ويدور في فلكهم.
ويمكن القول بأن آل سعود تمكنوا وبدرجة لا يضاهيها شيء من إرجاع البلد إلى الوراء عقوداً من الزمن بفعل سياستهم البائسة التي بلغت الذروة في الانحطاط في عهد سلمان وابنه محمد، والشواهد على ذلك أكثر من أن تحصى، وهي موثقة بالأدلة الدامغة التي تكشف أن آل سعود يستحقون بجدارة أن يتصدروا قائمة أكثر الزعماء تخلفاً وأشدهم جهلاً وأبعدهم غوراً في اقتراف المنكرات والنزول إلى الحضيض وما دون الحضيض.
ومن هذه الشواهد الأزمات التي ورّطوا بها البلاد والتي لها أول وليس لها آخر سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي وفي كافة الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدينية.
فالصراعات القبلية على السلطة التي تنخر أوساط الأسرة الحاكمة والتي كان آخرها اعتقال عدد من الأمراء والوزراء والاستحواذ على ممتلكاتهم وثرواتهم شاهد على التفكك السياسي الذي انعكست آثاره السلبية على باقي القطاعات في البلاد لاسيّما الوضع الاقتصادي الذي تدهور هو الآخر نتيجة الفساد المستشري في أوصال الحكومة جراء التخبط والشره المتحكم بذوات الحكّام لاسيّما ولي العهد الذي لا يقر له قرار ما لم يفرغ خزينة الدولة على ملذاته ومشاريعه الصبيانية، في وقت يطلب فيه البلاط الملكي من المواطنين الالتزام بالتقشف وتحمل أعباء الضرائب التي أرهقتهم في بلد يفترض أن يكون في أفضل حالاته لما يمتلك من ثروات هائلة، لكنها للأسف وقعت بيد طغمة لاتفقه من الحكم سوى الاستهتار بالمقدرات وتبذير المال العام في سبيل العيش بترف وانحدار أخلاقي وقيمي لأنهم لايؤمنون بالحساب وبيوم تشخص فيه الأبصار، يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلّا من أتى الله بقلب سليم ويد بيضاء من ظلم الناس والتفريط بحقوقهم والتلاعب بمصائرهم لخدمة فئة ضالة جاءت في غفلة من الزمن وساعدتها الظروف غير المتزنة على التسلط على رقاب الناس وسومهم بالباطل بوسائل وطرق يندى لها جبين الإنسانية وتشمئز منها النفوس الطاهرة والعفيفة والصابرة على هذه المحنة التي ألمّت بالبلد منذ عقود ولازال أصحابها جاثمون على صدور الشعب الذي يتمنى زوالهم سريعاً باستثناء من باع ضميره وأَنِست نفسه بالباطل بعد أن هانت عليه "ومن هانت عليه نفسه فلا تأمن شرّه" كما ورد في الحديث الشريف.
ومن المآسي التي كلّفت البلد والشعب الكثير هي السياسة الحمقاء التي انتهجها آل سعود تجاه المنطقة والعالم والتي لازالت فصولها الدامية تقرح جفون وقلوب الأحرار وكل من يعتز بإنسانيته لِما يرى من هول المصائب التي تسببت بها هذه الشرذمة سواء من خلال حربهم الضروس ضد اليمن أو بدعمهم للجماعات الإرهابية أو بتآمرهم على قضايا الأمة المصيرية وفي مقدمتها قضية فلسطين والقدس الشريف وتفريطهم بثروات البلد لإشعال الفتن هنا وهناك، الأمر الذي انعكست تداعياته المدمرة على حاضر ومستقبل المنطقة برمتها وأضعفت الاقتصاد الوطني إلى حدٍّ أرغم السلطات على الإقرار بالعجز الهائل في الميزانية والذي دفعها لاتخاذ إجراءات أقل ما يقال عنها أنها مجحفة وبعيدة كل البعد عن التخطيط السليم، بحجة التقشف تارة والإصلاح المزيّف تارة أخرى.
ولابدّ من التأكيد على أن سلمان قد باع نفسه لخدمة أهداف وسياسات واشنطن الرامية لتمزيق المنطقة والاستحواذ على مقدراتها والتحكم بمصيرها، والدليل الواضح على ذلك ما بذخه على الرئيس الأمريكي وابنته "إيفانكا" ومنحهم مئات المليارات من الدولارات في ليلة وضحاها بعد أداء رقصة "العرضة" الشهيرة التي شارك فيها ترامب واضعاً يده بيد سلمان ومن حولهم أمراء البلاط الملكي وهو يتقهقق ضحكا من سفاهة ال سعود.
هذه الحقائق وغيرها الكثير تجعل المراقب يتساءل: ما هو المنجز الذي حققه سلمان طيلة السنوات الماضية كي يحتفى به وبوصوله الى الكرسي؟ أو بالأحرى ما هو الشيء السيء والمعيب والمخزي الذي لم يرتكبه هذا الشخص ومن معه وعلى شاكلته كي يتم الاحتفال بتسلطه على رقاب الناس؟ لكن حقاً ما قيل "إذا لم تستحِ فافعل ماشئت"، فسلمان مصداق بارز لهذه المقولة القصيرة في كلماتها ولكنها تلخص حقيقة هذا الشخص وتغني عن ذكر الكثير من سوءاته وسيئاته وما تحتها وما حولها من نزعة متعفنة تأخذ بناصيته وتغريه بالاستمرار في السلطة لمواصلة التسلط على الناس وهتك الحقوق وانتهاك الحرمات حتى آخر لحظة من حياته.
ارسال التعليق