حكم إعدام الشاب علي النمر: ثغرات جمّة ونقص في الأدلة
نشرت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان على موقعها الإلكتروني تحليلًا قانونيًا أجرته لقضية حكم الإعدام الصادر بحقّ الشاب السعودي علي نمر ومعتقلين آخرين، معلنةً أنها أرسلته إلى عدد من الجهات المعنية في الداخل والخارج.
وافاد موقع المنظمة ان ذلك يأتي في ظل المخاوف على حياة المحكومين بالإعدام ومنهم بالاضافة الى الشاب علي النمر والشيخ نمر باقر النمر كل من محمد الشيوخ ومحمد الصويمل وعلي آل ربح وداوود المرهون وعبدالله الزاهر، بعد تصديق حكم الإعدام عليهم، ومن أجل إيضاح الانتهاكات القانونية والإجرائية التي شابت هذا الحكم.
وكانت المنظمة قد كشفت في تقرير لها بالتعاون مع أطراف قانونية دولية، عن عيوب صادمة تتصل بالجوانب الإجرائية التي تعرض لها الشاب علي النمر خلال الإعتقال والمحاكمة وصولًا إلى إصدار حكم الإعدام بحقه.
واوضحت المنظمة أن التحليل الذي صدر تحت إشراف الخبير المستقل ظفر جوندال، قد أثبت ثغرات كبيرة في ملاحقة وإدانة علي آل نمر، التي تنتهك معاهدات دولية متعددة، كما دعا إلى إخضاع القضاة المعنيين إلى إجراءات تأديبية جدية.
وبعد إصدار التقرير، أرسلته المنظمة إلى المئات من المنظمات الحقوقية حول العالم، وإلى قرابة ألف جهة إعلامية دولية، كما أرسل للعديد من السفارات في السعودية وإلى بعثات الدول الممثلة في مجلس حقوق الإنسان في جنيف في الأمم المتحدة وإلى الاتحاد الأوروبي والمفوضية السامية لحقوق الإنسان.
كذلك، أرسلت المنظمة نسخًا ورقية للتحليل القانوني إلى الحكومة السعودية وعدد من المسؤولين، ومنهم وزير العدل وليد الصمعاني، ووزير الخارجية عادل الجبير، ورئيس هيئة حقوق الإنسان بندر بن محمد العيبان، ورئيس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان مفلح القحطاني، وإلى الديوان الملكي، وإلى بعثة السعودية في الأمم المتحدة في جنيف.
وفي ظل المخاوف الجدية على حياة النمر والأشخاص الذين خضعوا لإجراءات مماثلة في التوقيف والتحقيق وإصدار الحكم، فإن المنظمة مستمرة في العمل على عدد من التحاليل القانونية لأحكام الإعدام، مع جهات قانونية متنوعة، لإظهار الخروقات والانتهاكات التي تتعارض مع القوانين الداخلية والدولية.
وهنا نصّ التفصيل القانوني لحكم إعدام علي النمر:
في إطار مساعي المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان في الدفاع عن ضحايا الانتهاكات الحقوقية في السعودية، وبعد مراسلات مع أطراف قانونية، تم التوصل إلى تحليل قانوني للحكم القضائي والوثائق المتعلقة بقضية الشاب علي النمر. التحليل كشف عن عيوب صادمة متصلة بالجوانب الإجرائية التي تعرض لها خلال الاعتقال والمحاكمة حتى إصدار الحكم، فضلا عن أوجه قصور خطيرة تتعلق باختصاص القاضي.
إن التحليل القانوني تم تحت إشراف الخبير المستقل القاضي ظفر جوندال، وهو خبير في مكافحة الإرهاب، وحقوق الإنسان، ولديه خبرة أكثر من عقدين في المجال القانوني، كقاض في هيئة المحلفين في القضايا الجنائية في المحاكم البريطانية وكعضو محكمة الاستئناف، كما أنه تشريعي وخبير في معهد القانون المستدام ومقره لندن، ومحاضر في المركز الإفريقي لمعاهد القانون الدولي للتميز القانوني، إضافة إلى تدريبه مئات القضاة والمدعين العامين في أفغانستان.
علي آل نمر، هو شاب سعودي ناشط شارك في المظاهرات المطالبة بالديمقراطية خلال الربيع العربي في المملكة العربية السعودية 2011-2012.
اعتقل بشكل عنيف في العام 2012، بعمر 17 عاما، وحكم عليه بالإعدام لاحقا، بعد محاكمة سرية في المحكمة الجزائية المتخصصة بالإرهاب، ثم أيدت محكمة الاستئناف والمحكمة العليا الحكم بالإعدام الصادر بحقه وهو يواجه حاليا خطر الإعدام الوشيك.
تبدأ تحليلات جوندال بوضع أطر الالتزامات القانونية للمملكة العربية السعودية بالنسبة لمختلف المعاهدات الدولية والإقليمية التي أصبحت المملكة طرفا فيها، مع التركيز بشكل خاص على اتفاقية الأمم المتحدة بشأن حقوق الطفل والتي انضمت لها السعودية عام 1996، والتي تحظر عقوبة الإعدام على الأطفال القاصرين دون 18 عاما وقت حصول الجريمة، كما أنها تشدد على أن يكون احتجاز أو سجن القاصرين هو الإجراء الأخير مع ضمان حصولهم على المساعدة القانونية اللازمة والتواصل مع أولياء أمورهم.
وينتقل جوندال إلى التحليل التفصيلي لحالة علي النمر، بالاستناد إلى وثائق القضية الرئيسية. استنتاجات تحليل الخبير كانت مفاجئة، ويمكن تلخيصها فيما يلي:
– النقص في الأدلة: كان هناك غياب لأي أدلة ملموسة لإثبات التهم. لم تقدم شفويا أو خطيا أو ماديا أدلة علمية. كما أنه لم يكن هناك أدلة مادية وملموسة على جريمة موصوفة ومبرهنة.
– القاضي منحاز وغير كفء: إن قرار القاضي لا يتوافق مع معايير كتابة الأحكام. كل عنصر في الجريمة يجب أن يكون مرفقا بإثبات بالدليل والملف. وبسبب غياب أي دليل ملموس، فإن القاضي استند في قراره على تخميناته وأهواءه، كما أنه استند على الفتاوى التي تعكس وجها معينا من الإسلام. كذلك فقد فشل القاضي في عدة مهمات قانونية، ومنها ضمان وصول المتهم إلى محاميه والمحاكمة العادلة.
– حكم غير مناسب: إن الحكم لا يعكس بأي شكل مدى خطورة الجريمة وفقا للمعايير القانون الدولي أو الشريعة.
– الاعتراف بالإكراه: قدمت الاعترافات بجميع التهم بعد تعرضه للتعذيب. أكد للقاضي أنه تعرض للإكراه، إلا أن القاضي قَبِل الاعترافات ورفض التحقق في مدى صلاحيتها. إضافة إلى ذلك فإن سلطات التحقيق ليست مخولة بالقيام بالتحقيق، كذلك لم يكن هناك أي جهة مستقلة أو محايدة.
– نقص في الوصول إلى المحامي: منع علي من الوصول إلى محاميه خلال اعتقاله، وخلال التحقيق والمحاكمة. كما أن القاضي لم يقم بواجباته في التأكد من وصول المتهم إلى محاميه. حيث منع علي من الالتقاء بمحاميه داخل وخارج المحكمة وخلال وجوده في التحقيق. كذلك منع المحامي من الوصول إلى ملف أو سجل التحقيق ما منعه من الدفاع.
باختصار، وجد الخبراء أن الحكم انتهاك صارخ للمادة 37 و 40 من اتفاقية حقوق الطفل، كما أنه انتهاك للأحكام الرئيسية للإعلان العالمي لحقوق الإنسان (المادة 10 و11)، والمنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة والملزمة لكافة أعضائها.
وقد أثبت التحليل المستقل ثغرات كبيرة في ملاحقة وإدانة علي آل نمر، التي تنتهك معاهدات دولية متعددة، ويدعو التحليل إلى إخضاع القضاة المعنيين إلى إجراءات تأديبية جدية.
وعلاوة على ذلك، حث جوندال المملكة العربية السعودية على اتخاذ التزاماتها الدولية على محمل الجد.
إننا في المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، نرى أن هذه المراجعة المستقلة للقضية تخلق دافعا لإلغاء الحكم على علي النمر، ودعوة لإعادة محاكمته وفق مبادئ المحاكمة العادلة وتحت إشراف مراقبين محايدين، كما أن ذات الشي ينطبق على المحكومين بالإعدام الآخرين والذي تسنى للمنظمة متابعة قضاياهم (الشيخ نمر النمر، علي آل ربح، محمد الشيوخ، داوود المرهون، عبدالله الزاهر، محمد الصويمل، أشرف فياض وحسين أبو الخير). كما أننا نتفق مع الخبير المستقل على ضرورة اتخاذ إجراءات تأديبية بحق القاضي، وكافة المتواطئين في تعذيب علي.
ارسال التعليق