لم يكن النقد الذي يقدّمه الاقتصادي عصام الزامل نقد هواة أو نقداً سطحياً، بل كان نقد عارفٍ وخبير، وربما، هذا ما أخاف السلطات السعودية ودفعها لمحاولة التخلّص منه عبر اعتقاله التعسفي عام 2017.

الزامل، الشاب المجتهد المولود عام 1979، كان قد صُنِّفَ من قبل مجلة “فوربس” على أنه أحد أهم الشخصيات في السعودية، وهو حائزٌ على عددٍ من الجوائز ومكرّمٌ من قبل سلمان بن عبد العزيز بجائزة شباب الأعمال عام 2009.

مسار الزامل الأكاديمي والمهني يجعل من الصعب تبرير اعتقاله التعسفي، فالاقتصادي الذي تخرّج عام 2002 من جامعة “تولين” الأميركية بشهادة في الهندسة الكيميائية ساهم في العديد من الإنجازات على المستوى الاقتصادي، وأبرز مساهمته:

   عمل في شركة “أرامكو” وساهم في تطويرها   أسّس شركة “رمال” الرائدة في مجال تكنولوجيا المعلومات   أنشأ تطبيق “بروفايس” الذي يقيس القدرة الإنتاجية وكفاءة العمال   أسس موقع ” Arank” لتسويق خدمات الاستضافة المقدمة من شركته   أنشأ موقع “Awamer” المختصّ بالتداول التلقائي للأسهم في الأسواق السعودية   كان عضواً لمجلس الإدارة ومؤسساً لفرع المنطقة الشرقية لشركة “عقل”   كان عضواً في اللجنة التنفيذية لرجال الأعمال الشباب وغرفة التجارة

مع انطلاق الثورات في العالم العربي، دعم الزامل التغيير والإصلاح في البلاد، وقد تسبّب له هذا الدعم بالكثير من المضايقات، لكنّ اعتقاله التعسفي أتى على خلفية انتقاداتٍ صدرت عنه بعد إطلاق “رؤية 2030″، وأبرز انتقاداته التي جاءت في تغريدة له، والتي يُشاع أنها سبب اعتقاله، كان انتقاده لقرار طرح 5% من أسهم شركة “أرامكو” الحكومية للاكتتاب العام، وهو قرار صد عن محمد بن سلمان ضد خطّته “للإصلاح الاقتصادي”.

كما شملت التهم المزعومة الموجّهة للزامل دعم احتجاجات الشباب ضد الحكومة والتشكيك في نزاهة القضاء السعودي.

في سبتمبر/أيلول من العام 2017 اعتُقِل الشاب الذي إذا ما نظرنا إلى مؤهلاته فإنه كان من المفترض أن ينال منصباً وزارياً على أقل تقدير، ليُحتَجَزَ ثلاث سنوات قبل أن يُحكَم عليه بالسجن 15 سنة، وتخسر البلاد باعتقاله عقلاً مفكّراً وقلماً نيّراً.

إنّ اعتقال الزامل ومحاكمته بهذه الطريقة يؤكد استهداف الحكومة السعودية للعقول المفكرة والأصوات الحرّة، فهي لا تتوانَ عن مواصلة اعتقال الشخصيات المؤثرة في المجتمع خشيةً من هذا التأثير، وفي محاولة لكتم هذه الأصوات.