علاقات واشنطن مع الرياض... صفقة مع الشيطان
قالت صحيفة "شيكاغو تريبيون" الأمريكية إن شراكة أمريكا الطويلة الأمد مع السعودية باتت عبارة عن صفقة مع الشيطان، وقد حان الوقت للتخلي عنها".
وذكرت الصحيفة اليومية أنه حان الوقت لترك "السعودية" للذئاب، على خلفية انتهاكاتها وتقربها من روسيا والصين.
المقال الذي كتبته الدبلوماسية الأميركية السابقة والعضو في مجلس شيكاغو للعلاقات الخارجية اليزابيث شاكلفورد، طالبت فيه الولايات المتحدة بإنهاء علاقاتها مع السعودية وجعلها تواجه مصيرها، مؤكدة بأن السعودية لم تلتزم بتعهداتها بموجب هذه العلاقات. موضحة أنه لقد حان الوقت لترك الصفقة من جانب الولايات لمتحدة.
وأضافت ان الولايات المتحدة التي نصبت نفسها بطلة للديمقراطية وحقوق الإنسان لم تكن ذات بعد نظر أبدا، لتكون الضامن الأمني لنظام ملكي مسيء يعامل النساء كممتلكات ويضع الأمن في أيدي فصيل ديني متطرف.
ولفتت إلى أن الولايات المتحدة تبرر هذه الشراكة الوثيقة إلى حد كبير باسم الأمن، وبشكل أدق الوصول الآمن إلى النفط، إلا أن الحرب في أوكرانيا أظهرت أن هذا الوصول غير موجود بعد امتناعها عن التفاعل مع الطلب الأميركي، بالرغم من امتلاكها ثاني أكبر احتياطي نفطي في العالم، كما القدرة على زيادة المعروض في اوقات الأزمات.
"السعودية" ونشر الوهابية:
وأشارت “شاكلفورد” إلى أن الشراكة مع "السعودية" اعتبرت ضرورية لمواجهة المشاعر المعادية لأمريكا في المنطقة، وتحديداً من إيران.
واعتبرت أن التبرير كان سيفًا ذو حدين، حيث أن "السعودية" ساعدت في إثارة المشاعر المعادية لأمريكا أيضًا، على حساب مليارات الدولارات التي أنفقتها على الترويج للوهابية التي أرست الأساس لـ”القاعدة وداعش”، وفق قولها.
وأوضحت انه في مقابل هذه الفوائد المفترضة، كانت الولايات المتحدة هي الضامن الأمني "للمملكة". حيث لم توفر فقط الوجود العسكري ولكن أيضًا التكنولوجيا العسكرية، والمشورة، وطوفان من الأسلحة والمعدات.
100 مليار دولار قيمة السلاح "السعودي" في 10 سنوات:
وكشفت “شاكلفورد” أنه من عام 2009 إلى عام 2020، بلغت المبيعات العسكرية الأمريكية "للسعودية" أكثر من 100 مليار دولار.
وتم تسليم مئات الطائرات وعشرات أنظمة الدفاع الصاروخي باتريوت وآلاف المركبات المدرعة وأربع سفن حربية فرقاطة وعشرات الآلاف من الصواريخ. إضافة إلى أن الولايات المتحدة لديها أيضا آلاف من القوات في "المملكة".
وأكدت على انه حتى لو كانت الولايات المتحدة تعتقد أن مقايضة دعم الدولة القمعية كانت ذات يوم جديرة بالاهتمام، فمن الصعب إثبات القضية اليوم. حيث أصبحت "السعودية" ممثلًا أسوأ من ذي قبل، سواء في الداخل أو في الخارج.
قمع "ابن سلمان" الوحشي للمعارضة:
وفندت الكاتبة ادعاءات المدافعين عن الحفاظ على العلاقة الذين يشيرون إلى إصلاحات متواضعة في عهد "ولي العهد" محمد بن سلمان، الذي تولى منصب القيادة الفعلي في عام 2015 عندما اعتلى والده العرش. وأكدت على أن هذه الإصلاحات المزعومة سرعان ما تقوضت بسبب القمع الوحشي للمعارضة.
ونوهت “شاكلفورد” إلى أنه تم الإشادة بمحمد بن سلمان لسماحه للنساء بقيادة السيارة، لكنه سرعان ما قام بسجن العديد من الناشطات وكأنه يذكرهن بأنه يحتفظ بالسيطرة الكاملة.
وذكّرت أنه في عام 2017 أزال المنافسة داخل العائلة المالكة عندما احتجز مئات من المنافسين والمعارضين المحتملين لأشهر، وتعرض بعضهم للتعذيب.
واشنطن شريكة الرياض في جرائم اليمن:
وأوضحت الكاتبة أن محمد بن سلمان دافع عن سياسة خارجية أكثر عدوانية وإشكالية، بدلاً من المساعدة في تأمين مصالح الولايات المتحدة في المنطقة. حيث أدى دور النظام السعودي في العدوان على اليمن منذ عام 2015 إلى تفاقم الصراع، وذلك ربطا باستهداف الرياض المتكرر للأهداف المدنية، بما في ذلك الحافلات المدرسية والمستشفيات.
وأكدت “شاكلفورد” على أنه بما أن الولايات المتحدة كانت المورد الرئيسي للأسلحة "للمملكة السعودية"، فإنها مذنبة كشريك في هذه الجرائم. حيث تسبب الحصار "السعودي" المستمر للبلاد في معاناة إنسانية شديدة.
كما شددت على أن من مصلحة "المملكة" إبقاء إيران تحت نير نظام عقوبات صارم ومنع وصول واشنطن لاتفاق مع طهران، وذلك في تناقض صريح مع توجهات الأدارة الأميركية ومصالحها من الوصول إلى حل دبلوماسي.
وأشارت إلى ان الإدارات الأمريكية المتعاقبة تغاضت عن العبث السيء "للمملكة السعودية" بوعدها بأن قدرة "المملكة" في يوم من الأيام على إيصال النفط إلى السوق العالمية ستعزل الولايات المتحدة عن أضرار اقتصادية وأمنية فادحة في الوقت الذي نحتاج إليه بشدة.
وأوضحت انه منذ الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير/شباط، ارتفعت أسعار الغاز، ولا يزال اعتماد أوروبا على النفط والغاز الروسي العقبة الرئيسية أمام انضمام أوروبا إلى الولايات المتحدة في حظر واردات الطاقة الروسية.
ولفتت إلى أن هذا يعني أن أوروبا تواصل تزويد روسيا بالموارد اللازمة لخوض حربها، والتي تصل قيمتها إلى ما يقرب من مليار دولار في اليوم.
السعودية فشلت في مساعدة ضامنها الأمني:
وتابعت أنه مع ذلك، فشلت "السعودية" في الاستجابة لنداء أمريكا، عندما واجهت فرصة واضحة لمساعدة الضامن الأمني لها في مسألة بالغة الأهمية عن طريق ضخ المزيد من النفط للمساعدة في إمداد أوروبا وتخفيف الضغط عن أسعار الغاز العالمية.
وزعمت الكاتبة أنه في مارس/آذار، استجابت الولايات المتحدة لنداءات "المملكة" للحصول على صواريخ باتريوت إضافية لمساعدتها على صد هجمات "الحوثيين" في اليمن.
واختتمت "شاكلفورد" مقالها بالقول: "إذا لم تستطع السعودية الوقوف إلى جانب الولايات المتحدة ضد روسيا في مواجهة عدوانها الذي لا يمكن الدفاع عنه ضد أوكرانيا، فقد حان الوقت لأن تسأل الولايات المتحدة ما هي فائدة هذه الشراكة. إن دعمنا للمملكة لم يؤتي ثماره أبدًا، ولم يكن هذا أكثر وضوحًا مما هو عليه الآن".
ارسال التعليق