عندما يتم الالتفاف على أموال الشعب لخدمة مآرب آل سعود.. الميزانية نموذجاً
ذكرت مصادر محلية منها صحيفة "المرصد" الالكترونية أن وزارة المالية تجنبت احتساب الأموال المستردة من موقوفي "قضايا الفساد" ضمن إيرادات ميزانيتي عامي 2017 أو 2018، فيما قالت صحيفة "عكاظ" إن الأسباب التي أدت إلى اتخاذ هذا القرار هي عدم سيولة تلك الأموال واحتياج عودتها من الخارج لوقت طويل كونها توجد صور أصول وأموال مجمدة خارج المملكة، زاعمة أن الأموال المستردة من الفساد ومن الخارج سيتم إنفاقها على مشاريع التنمية في مختلف المجالات.
وهنا تتبادر إلى الذهن عدّة أسئلة يمكن إجمالها على النحو التالي:
- إن الذين تمت التسوية معهم على خلفية "قضايا فساد" يمتلكون ثروات طائلة من بينها شركات وحسابات في البنوك الداخلية والأجنبية.
ووصلت حصيلة الأموال التي تم خصمها من الأمراء والوزراء الموقوفين الى مئات المليارات من الدولارات. ومن بين المحتجزين الملياردير "الوليد بن طلال" ووزير الحرس الوطني "متعب بن عبد الله بن عبد العزيز" ووزير المال السابق "إبراهيم العساف" وهو عضو في مجلس إدارة شركة "أرامكو" العملاقة للنفط، ووزير الاقتصاد السابق "عادل فقيه" والأمير السابق لمنطقة الرياض "تركي بن عبد الله"، و"خالد التويجري" الذي كان رئيساً للديوان الملكي في عهد الملك عبد الله. فما هو المسوّغ القانوني لعدم احتساب الأموال المسترجعة من هؤلاء ضمن ميزانية العام القادم، وهي مبالغ طائلة تم شفطها من ميزانيات الدولة من سنة 1980؟!
- لماذا لا تدرج الأموال المستردة من الخارج ضمن إيرادات الموازنة كي تكون ضمن خزينة الدولة، أم أنها ستذهب إلى حسابات وجيب بن سلمان الذي يسعى للاستحواذ على كل شي وتشييد امبراطوريته المالية التي كان آخرها شراء أغلى قصر في العالم والذي قدرت قيمته بأكثر من 300 مليون دولار في العاصمة الفرنسية "باريس".
ولاننسى أن نشير هنا أيضاً إلى أن بن سلمان كان قد اشترى في وقت سابق يختاً من ملياردير روسي بقيمة 500 مليون دولار (أي ما يقارب 2 مليار ريال). وهذا اليخت الذي يبلغ طوله 133 متراً يشتمل على غرف نوم وصالونات استراحة وقاعات اجتماعات ومسابح ومهبط مروحيات "هليكوبتر" وكل أنواع الخدمات وتظهر عليه الحداثة والفخامة بشكل واضح.
- ذكرت وزارة المالية إن العجز في ميزانية عام 2017 وصل إلى 230 مليار ريال، حيث بلغت الإيرادات 696 مليار ريال والمصروفات 926 مليار ريال.
فإذا كان الأمر كذلك، فلماذا لا تضاف الأموال المستردة من الخارج ومن قضايا الفساد إلى ميزانية 2018 لمعالجة هذا العجز إن كانت الحكومة حريصة فعلاً على تلافي هذا الخلل وخدمة البلد والمواطنين كما تزعم.
- ذكرت وزارة المالية أنها ستواصل بيع السندات البنكية التجارية وفرض ضرائب على قطاعات كثيرة من بينها قطاع الأراضي والمحروقات بهدف سد العجز في الميزانية، وهذا الأمر يقودنا مرة ثانية إلى التساؤل عن السبب الذي يدعو لمعالجة هذا العجز بهذه الطرق التي ترهق كاهل المواطن أو تصب بنهاية المطاف في صالح فئات دون أخرى، ولماذا لا تتم المعالجة بطرق أخرى وفي مقدمتها الاستفادة من الأموال المستردة من الخارج ومن قضايا الفساد؟
هذه المعطيات وغيرها تكشف بوضوح انعدام الشفافية في طرح الميزانية أمام أنظار الشعب، وهذا يعني بالتالي أنه لا يمكن التأكد من أن الأموال العامة تُستخدم بكفاءة وفعالية، فضلاً عن الأدلة والوثائق الدامغة التي تثبت تورط آل سعود بسرقة أموال الشعب بطرق ملتوية وتحت ذرائع واهية شتى.
ليس هذا فحسب؛ بل هناك من يشكك بصحة الأرقام التي وردت في الميزانية ويؤكد بأنها تنطوي على أكاذيب مفضوحة لا يمكن الوثوق بها أبداً سواء ما يتعلق بالإيرادات النفطية أو غير النفطية، وكذلك المصروفات والدَيْن العام والسندات ونسبة النمو الاقتصادي والتضخم. وكل هذا ممكن وعادي في ظل نظام لايعرف معنىً للشفافية، ويتعمد إخفاء الموارد المالية بالكامل والتي تشتمل على إيرادات الغاز والمعادن الثمينة والطيران المدني والحج والشركات الحكومية وتحصيل القروض والاستثمارات السيادية ودخل المحروقات في الداخل الذي يتجاوز 60 مليار، وغيرها من الموارد، وهي كثيرة جداً.
وكما في السابق يتكرر التلاعب بأرقام المصروفات التي تنفق لخدمة البلاط والمرتبطين به، حيث تُقلّص هذه الأرقام وتُخفى المصروفات الهائلة للأسرة الحاكمة أو لا يتم ذكرها إطلاقاً في الميزانية، ومنها البنود السرية في الديوان الملكي مثل الهبات المالية وبناء القصور وترميم عقارات العائلة المالكة بعشرات أو مئات المليارات، لأن حساب الديوان مفتوح وبلا حدود، وهذا ليس غريباً على آل سعود لأنهم يعتبرون الأموال والثروات ملك صرف لهم ورثوه عن آبائهم وأجدادهم ينفقونه كيفما يشاءون دون حسيب أو رقيب.
ويعتقد المراقبون أن التفسير الأرجح وراء هذا التخبط والعبث بأموال الشعب يكمن بعدم الحرص على مصالح البلاد أولاً، ونهم آل سعود في سرقة أموال المواطنين، وبذخهم الذي لايعرف الحدود على الملذات، بالإضافة إلى سوء التخطيط وعدم الاستعانة بالمتخصصين وأصحاب الخبرة لرسم سياسات مالية واقتصادية ناجعة تأخذ على عاتقها تطوير البلاد وخدمة المواطنين. وهنا لايمكننا أن نغفل السياسات المتهورة لآل سعود وشخص بن سلمان على وجه التحديد والتي أدت إلى ضياع ثروات البلد ومن بينها الحرب على اليمن ودعم الجماعات الإرهابية والمتطرفة في المنطقة والعالم.
ارسال التعليق