ما سر الابتهاج السعودي بأنباء تقدم المعارضة التركية في الانتخابات؟
ابتهجت صحف ووسائل إعلامية سعودية وإماراتية بعد أن أظهرت النتائج غير الرسمية للانتخابات المحلية في تركيا تقدم مرشح حزب الشعب الجمهوري، أكرم إمام أوغلو، على منافسه مرشح حزب العدالة والتنمية الحاكم، بن علي يلدريم، لرئاسة بلدية إسطنبول، إلى جانب خسارته في العاصمة أنقرة وعدد من المدن الكبرى في البلاد.
وإذا ما أعلن فوز أكرم إمام أوغلو ببلدية إسطنبول، الأسبوع المقبل، فإنه بذلك ينهي هيمنة حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه الرئيس، رجب طيب أردوغان، عليها منذ العام 2002.
وكانت لافتة شماتة صحفٍ سعودية وإماراتية بحزب أردوغان عقب هذه النتيجة، خاصة أن علاقتهما مع تركيا تعيش مرحلة فتورٍ يصل إلى حد القطيعة منذ نحو 3 سنوات.
صحيفة عكاظ الرسمية السعودية كتبت: "هل تشهد تركيا نهاية أرطغرل وقيامة أتاتورك؟".
وأضافت في تقرير لها، اليوم الخميس: "كانت خسارة تحالف حزب العدالة والتنمية للانتخابات المحلية في الحواضر التركية الكبرى مفاجأة غير سارة لمن كانوا يعولون على الخطاب الشعبوي ودغدغة المشاعر الدينية والقومية للاستمرار في تحقيق مكاسب سياسية".
وتابعت: "لقد كان فقدان المناصب القيادية في الحواضر الكبرى بمثابة زلزال عنيف هز أركان سلطة الرئيس، رجب طيب أردوغان، الذي يكاد يفقد جاذبيته، وبمثابة النكسة لحزب العدالة والتنمية الذي فقد زخمه الانتخابي المعتاد، ما يتطلب البحث في البواعث والأسباب، حيث تكثر الاجتهادات بحسب زاوية الرؤية ودرجة التجرد في الحكم على مجريات الأمور".
قناة "سكاي نيوز عربية" التي تبث من الإمارات قالت في تقرير لها، نُشر أمس الأربعاء: "بدا حزب العدالة والتنمية غير مستوعب للهزيمة، وانتابته حالة غريبة، في حين كان خصومه على الدوام يتقبلون الهزيمة بصدر رحب، فلماذا يرضى أردوغان وحزبه الهزيمة لغيرهم ولا يقبلونها لأنفسهم؟".
أما صحيفة "الاتحاد" الإماراتية فقد أرجعت في تقرير لها، يوم الثلاثاء الماضي، نتيجة الانتخابات التركية إلى "الأزمة الاقتصادية التي مرت بها الدولة التركية، فكان لها العامل الأكبر في تحقيق مكاسب المعارضة الأخيرة"، موضحة أن "تحول النظام إلى رئاسي بدلاً من برلماني أدى إلى تحمّله تبعات كافة التأثيرات السلبية على الدولة التركية، خاصة مع وجوده رئيساً واحتلال حزبه كافة مفاصل الدولة".
كما ذهبت صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية إلى اعتبار أن النتيجة وضعت حزب الرئيس التركي في خطر، متهمة إياه بـ"التفرد بالسلطة"، الأمر الذي أدى إلى "تدحرج العملة التركية نزولاً ككرة ثلج في العام الماضي، وارتفاع مستوى البطالة".
الموقف الإماراتي السعودي من تركيا ليس مستغرَباً؛ فهما يجاهران بالعداء لها بسبب موقفها من الأزمة الخليجية الذي أثار غضب دول حصار قطر؛ الثلاثي الخليجي السعودية والبحرين والإمارات، بالإضافة إلى مصر، حيث أعلنت أنقرة دعماً كاملاً للدوحة، وأمدتها بالأغذية، وأرسلت قوات عسكرية إلى هناك.
ومنذ ذلك الحين لم تُخفِ الإمارات تحديداً عداءها لتركيا؛ فقد شهدت العلاقات بين البلدين حرباً باردة وصلت إلى حدّ التلاسن، إذ بدا الصراع والتوتّر والتنافس بينهما جليّاً، وتحاول كلّ دولة منهما زيادة نفوذها، خاصة في الشرق الأوسط وأفريقيا، وأن توجّه ضربات ناعمة تُضعف غريمتها.
وامتدَّت الحرب إلى محاولات إماراتية لإيجاد موطئ قدم لها في المؤسَّسات المالية التركية الخاصة، والانضمام إلى اللوبي المالي بالبلاد المعارض لحزب الرئيس أردوغان؛ في محاولة لإضعاف حكومته.
كما حاولت الإمارات التأثير في الاقتصاد التركي وسمعة أردوغان من خلال الضغط على رجل الأعمال التركي، رضا ضراب، أثناء اعتقاله في دبي عام 2015، ليتّهم الرئيس التركي بالتورّط في التحايل على العقوبات الأمريكية ضد إيران.
ويرى الباحث في العلاقات الدولية، بوستان جميل أوغلو، أن الأزمات السياسية بين تركيا والسعودية والإمارات هي التي جعلت وسائل الإعلام في تلك الدولتين تحتفي بخسارة حزب أردوغان للمدن الكبيرة في الانتخابات المحلية الأخيرة.
وقال أوغلو، إن هذه الدول تريد أن تنتقم إعلامياً من تركيا؛ بسبب ما تعرّضت له -خصوصاً السعودية- من ضغوطات كبيرة من قبل الرئيس التركي وحكومته عقب مقتل الصحفي جمال خاشقي في قنصلية بلاده بإسطنبول.
وأضاف: "من الطبيعي أن مثل هذه الخلافات والمشاكل السياسية مع السعودية والإمارات تجعل إعلام الدولتين يرى أن هذه الانتخابات هزيمة كبيرة لأردوغان، بل ويهاجم تركيا بقوة". وأشار إلى أن ما حدث في الانتخابات ليس خسارة لحزب العدالة والتنمية، بل فوز مربح للشارع التركي الذي اختار من يمثله بديمقراطية، على عكس الدول التي لا تجري فيها انتخابات، أو يتحكم فيها حزب واحد لسنوات طويلة".
ارسال التعليق