محمد بن سلمان: العودة إلى نقطة الصفر
بقلم: نزار حسين راشدالإنكار هو سيكولوجية دفاعية يلجأ إليها المتهم للهروب من مواجهة نفسه أو الآخرين، وذلك حين يعي فداحة ما ارتكبه! وفي بعض الأحوال يكون الإنكار نكوص لحالة من السذاجة الطفولية!
وفي حالة ولي العهد، ربما يكون الأمر شيئا من هذا وشيئا من ذاك، ولكنه في كل الأحوال ليس صحوة ضمير، فهذه ليست أعراض الصحوة، التي تقود في العادة إلى الإنسحاب والإكتئاب والتواري وليس التجرؤ واليوفوريا وتأكيد الحضور!
إلا أن ما يحدث في الكواليس السعودية، ربما يكون استشارة ساذجة بالاستناد إلى الفهم الخاطيء للمنطوق القانوني الذي يعلق تأكيد استكمال عناصر الجريمة، على وجود الجثة!
وفي الحقيقة فإن هذا الشرط يكون في حالة غياب الملابسات الأخرى التي تؤكد وقوع الجريمة، وفي حالة جريمة القنصلية، تضافرت الشواهد على حدوث الجريمة، ولم يعد العثور عليها شرطا لتأكيد وقوع الجريمة، لا بل اتخذ الموضوع مسارا مختلفا آخر، هو تحديد كيفية التخلص منها، الأمر المستند إلى حقيقة وقوعها خلف أي ظلّ للشك!
في القضاء الجنائي الأمريكي اختفاء شخص بلا اثر يعد قرينة ظريفة لاحتمال مقتله، ولا يمكن تأكيدة في غياب الأدلة الأخرى المرتبطة بالزمان والمكان، إلا في حالة العثور على الجثة، اما في جريمة القنصلية فقد ارتكبت في حيز ضيق محدود الزمان والمكان، فالحالة هنا معكوسة تماما اي أن الجثة ليست الدليل الوحيد على وقوع الجريمة بل غيابها هو تأكيد على حدوثها، حيث دخل شخص حيّا إلى حيز مكاني في زمن محدد، ولم يخرج حياً مرة أخرى، وتواترت الدلائل المادية على قتله وبطريقة محددة!
لماذا إذن يُوحى إلى ولي العهد السعودي بالإنكار امام سمع وبصر العالم، وفي محفل دولي جامع ومشهود؟الإجابة ببساطة تتخلص في ثلاثة عناصر، السذاجة والكبْر والتشجيع الأمريكي! فالديكتاتوريات الملكية ترى نفسها دائما فوق المحاسبة والقانون، فكيف إذا لقيت تشجيعا وتواطؤا من رئاسة دولة راعية عظمى؟
لقد راهنت تركيا على موقف أمريكي نزيه فخذلها ترمب الذي يتقاسم مع ولي العهد صفات الكبر والنزق والاعتقاد أنه فوق المحاسبة! وهذا سر الغضب التركي العارم من الموقفين السعودي والأمريكي!
أعتقد أن ترمب هو الذي بحاجة إلى استشارة عقلانية موزونة عوضا عن مشورة بومبيو المتهافتة والركيكة!
وهكذا نجد الضعف والركاكة والتعاطي الساذج والهروب من الحقائق، ليس فقط في كواليس الديكتاتوريات العاتية فقط، وإنما في كواليس الديمقراطيات العالية أيضا!
هذا هو عالم أمريكا الذي نعيش فيه ويلعب في اوراقه سياسيوها بلا وازع ولا مبدأ!
ارسال التعليق