أكبر حقل نفط في السعودية أصبح "محاقاً"
في مطلع الأسبوع الفائت وبالتحديد يوم الاثنين الموافق "1/4/2019" أحدثت شركة أرامكو العملاقة هزة في الاقتصاد السعودي وصدمة كبيرة للشعب السعودي بعد سنوات طويلة من السرية المفروضة على إنتاج أكبر حقول النفط في العالم منذ تأميم قطاع النفط في السعودية قبل نحو 40 عاما، حيث كشفت الشركة أن حقل "غوار" الذي كان ينتج إلى سنوات قريبة نصف انتاج المملكة من النفط الخام، كشفت أن أقصى انتاج له اليوم يبلغ حاليا حوالي 3,8 مليون برميل يوميا، في حين كانت الأسواق تعتقد أنه يستطيع إنتاج 5 ملايين برميل يوميا.
إن حقل "غوار" معروف عالميا والجميع يحسب له حساب لما له من قدرة انتاج ضخمة كان يقال أنها الأكبر في العالم وأن ثروات المملكة تعتمد بغالبيتها على هذا الحقل، مما دفع المخططين العسكريين الأميركيين إلى التفكير في طريقة للاستيلاء عليه بالقوة، كما أثار هذا الحقل انتباه تجار النفط حيث كان سببا لظهور العديد من التكهنات.
وقال الكاتب خافيير بلاس في تقريره نشره موقع "بلومبيرغ" الأميركي إن سوق النفط أدرك أخيرا أن حقل الغوار بالسعودية -وهو أحد أكبر حقول النفط التقليدية في العالم- يمكن أن ينتج أقل بكثير مما يعتقد الجميع تقريبا.
وذكرت إدارة معلومات الطاقة -وهي وكالة حكومية أميركية تتولّى تقديم معلومات إحصائية وغالبا ما تُستخدم كمقياس من قبل سوق النفط- أن السعة الإنتاجية للغوار بلغت 5.8 ملايين برميل يوميا سنة 2017.
وفي كتابه "الشفق في الصحراء" أكد الخبير الاستثماري ماثيو سيمونز أن الرياض ستكافح من أجل زيادة الإنتاج بسبب النضوب الوشيك لحقل الغوار إلى جانب مجموعة من العوامل الأخرى.
وأورد الكاتب أن نشرة الإصدار لم تقدم أية معلومات حول السبب الكامن وراء انخفاض إنتاج حقل الغوار إلى أقل من الربع مقارنة بالـ 15 سنة الماضية، علاوة على أنه لم توضح النشرة ما إذا كان الإنتاج سيستمر بالانخفاض على نحو مماثل في المستقبل.
لقد قوبل كتاب سيمونز بردة فعل سلبية من قبل السلطات السعودية وكذبت كل ما جاء في الكتاب، لكن بعد ست سنوات وفي مارس 2010، كشفت احدى وثائق ويكيليكس التي تم نشرها عن بعض المحادثات السرية للدكتور سداد الحسيني ، نائب الرئيس السابق لشركة أرامكو للنفط والتي كشفت الستار عن حقيقة انتاج النفط في المملكة، حيث أكد المسؤول السابق في أرامكو في بيان حول محتوى كتاب سيمونز،قائلا إن إنتاج المملكة العربية السعودية من النفط قد يصل إلى 12-12.5 مليون برميل يوميًا بين عامي 2009 و 2010 ، لكن ذروة الإنتاج هذه لن تدوم طويلًا ويتطلب الحفاظ استثمارات ضخمة.
في عام 1948 ، اكتشف عالم جيولوجي أمريكي حقل غوار، التي يبلغ طوله حوالي 280 كم مربع، ومنذ ذلك الحين لعبت الولايات المتحدة الامريكية دورًا رئيسيًا في إجمالي إنتاج النفط في المملكة السعودية. الآن، ومع انخفاض إنتاج حقل غوار إلى أقل من أربعة ملايين برميل يوميًا ، سجل حقل النفط "برميان" في الولايات المتحدة إنتاجًا قياسيًا بلغ 4.1 مليون برميل يوميًا في الشهر الماضي، وبالتالي أصبح أكبر حقل لانتاج النفط في العالم، في المقابل، تفتقر هذه المقارنة إلى الدقة نظرا لأن الحقل السعودي يعتبر بمثابة الخزان التقليدي، في حين أن برميان عبارة عن تشكيل صخري غير تقليدي. ومع ذلك، يعكس هذا الأمر انقلاب موازين القوى داخل السوق.
يمكن لنشر معلومات حقل غوار أيضًا أن يبرز بعض التوترات الأخيرة بين الحكومتين السعودية والأمريكية حول قضايا النفط وأوبك. وفقًا للتقارير الشهرية لأمانة منظمة الأوبك انخفض إنتاج النفط في السعودية بثبات في الأشهر الأخيرة ، وفي فبراير 2019 انخفض بنحو 500000 برميل مقارنة بالشهر الماضي، وقد وصل إلى 10,136 مليون برميل في اليوم.
وفي الوقت نفسه ، يتوقع المسؤولون الأمريكيون أن تنتج السعودية كميات أكبر من النفط الخام للمساهمة في ممارسة الضغوط الاقتصادية على ايران، في المقابل نجد المملكة تحاول أقصى جهدها لمساعدة واشنطن في هذا الملف، إلا أن الوقائع على الأرض لا يمكن تغييرها، والحقيقة أن مؤشرات انتاج النفط في المملكة تتجه نحو الهبوط وهذا ما يفسر الجهود الأخيرة التي بذلتها السعودية لحل مشاكلها مع الحكومة الكويتية لإنتاج النفط من حقل النفط في المنطقة المحايدة بين البلدين.
في الختام يمكن القول أن أحد أهداف هذا التقرير المالي غير المسبوق، الذي نشرته أرامكو ، قد يكون للكشف عن الحقائق غير المباشرة والضغط على المملكة في موضوع الانتاج. كما يمكن استخدام التقرير للتحضير لتوزيع الأسهم في البورصات الدولية لأرامكو.
ارسال التعليق