اعتقال النشطاء لإرهاب البقيّة.. "نُصرت بالرعب" شعار داعش الذي يُطبقه آل سعود
من جديد يُثبت آل سعود أنّ لا أمان لهم، ومن جديد أيضًا يؤكدون أنّ القوانين التي يُصدرونها ما هي إلا للتمويه وإشغال الرأي العالمي أولًا عن المآسي التي تدور داخل المجتمع ، ومن جهةٍ أخرى محاولةً لترويض المجتمع ليبقى تحت حكم هذه العائلة.
الترويض الذي يأمل منه آل سعود إبقاء المواطنين تحت سيطرتهم وفي حال لم ينجح؛ يعود أمراء هذه العائلة إلى معتقداتهم القبلية التي كبروا عليها واستوطنت أفئدتهم، وآخر ما تفتق عنه ذهن العائلة المالكة أنّ كل من لم يقبل الترويض يجب إخفائه من المجتمع بدايةً حتى لا تكون المعارضة كالداء الذي يسري بين أبناء المجتمع، وهذا ما كان مع عدد من الناشطات السعوديات اللواتي صدّقن أضحوكة السماح للمرأة بالقيادة، وحاولن إقامة حملات توعية للنساء السعوديات من أجل قيادة آمنة، لتبادر الأجهزة الأمنية هناك وفور تلقيها هذا النبأ باحتجاز العديد من الناشطات البارزات، واقتيادهنّ إلى مكانٍ مجهول.
وقالت منظمات حقوقية إن كل من لجين الهذلول، إيمان النفجان وعزيزة اليوسف، وهنّ ثلاثة من أبرز الأصوات المطالبة بحرية قيادة النساء للسيارات، وبالإضافة إلى الناشطات الثلاثة تمّ اعتقال اثنين من المدافعين عن حقوق المرأة أيضاً، وهما "محمد الربيعة وإبراهيم المديميغ" وتمّ القبض عليهما أيضاً وإيداعهم السجن.
وبالإضافة إلى ما سبق؛ يبدو أنّ حملة الاعتقالات هذه تأتي كمحاولة من جانب آل سعود للتأكيد على أنهم هم أصحاب الفضل والمنّة بقيادة النساء للسيارات، وأنهم غير مستعدين إلى تقاسم هذا "الإنجاز الحضاري والفريد من نوعه" مع أي من الناشطين الذين قضوا سنوات وهم يقومون بالحملات في محاولة منهم لنيل المرأة السعودية حقوقها التي سبقتهم إليها كافة نساء العالم.
أكثر من ذلك؛ فإنّ اعتقال الناشطات اليوم يأتي كجرسِ إنذار لباقي النشطاء من المطالبة بالمزيد من الحريات، كإنهاء نظام ولاية الذكور الذي يحدُّ وبشدة من قدرة المرأة السعودية على السفر بشكل مستقل، وبالإضافة إلى ذلك وربما الأهم الحد من أي مطالبات مستقبلية ولا سيما ما بات يُسمع بين حينٍ وآخر من حملات تُطالب بحق النساء في الانتخاب والترشح من جهة، ومن جهةٍ أخرى للحد من المطالبات بانتخابات لمجلس الشورى الذي يُسيطر عليه آل سعود ويتم تعيينهم من قِبل الملك شخصيًا.
وفي السياق ذاته يأتي اعتقال النشطاء اليوم في الوقت الذي تستعد فيه مملكة آل سعود لنزع الحظر المفروض على قيادة المرأة للسيارات والمُرتقب في نهاية 24 حزيران/ يونيو المقبل، كما يأتي هذا الاعتقال مترافقًا بالحملة الإعلامية الكبيرة التي تقودها السعودية لتغطية هذا الحدث، حيث أنّ حظر القيادة على المرأة قائمًا منذ عام 1979، ومنذ ذلك التاريخ يحارب نشطاء حقوق المرأة لنزع الحظر المفروض.
وبالعودة إلى اعتقال الناشطات السعوديات يتبيّن أنّ هذا الاعتقال ليس الأول لهنّ، فعدد منهنّ سبق لها وأن اعتقلت أو على الأقل تم إنذارها من قِبل أشخاص مجهولي الهوية، تبيّن لاحقًا أنهم ينتمون إلى أجهزة الأمن السعودية، حيث اعتقلت وأُنذرت الناشطات سابقًا بسبب بثهنَّ لتسجيلات فيديو طالبنّ فيه بحق المرأة بالقيادة.
إذن الإعتقال السياسي بات أحد أبرز وسائل السلطات السعودية، لا سيما مع تولي محمد بن سلمان ولاية العهد، فمنذ توليه هذا المنصب دأب بن سلمان على استخدام الاعتقال السياسي كأداة ضد خصومه السياسيين، حيث اعتقل بن سلمان العشرات من رجال الأعمال البارزين في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، وتمّ إيداعهم في فندق الـ "ريتز كارلتون" في الرياض وذلك في تهمٍ قيل أنها تتعلق بالفساد، ولم يتم الإفراج عن معظمهم إلا بعد الموافقة على دفع مبالغ كبيرة كجزء من تسوية مع سلطات آل سعود.
تجدر الإشارة إلى أنّه تم اختيار السيدة "لجين الهذلول" وهي إحدى المعتقلات اليوم كثالث أقوى شخصية نسائية مؤثرة في العالم العربي في العام 2015 من قبل مجلة "آرابيان وذلك في مجال الثقافة والمجتمع، ويأتي اعتقال الهذلول اليوم من قِبل آل سعود ليؤكدن من خلالها عدم وجود أي أحد في سلطتهم وقوتهم ونفوذهم، غير أنّ واقع الحال اليوم في السعودية يؤكد أنّ هذا الاستبداد بات قاب قوسين أو أدنى من التحطم، وأنّ السعوديين اليوم وأكثر من أيِّ وقتٍ مضى باتوا قريبين إلى الحرية من خلال تأكيدهم المستمر على حقوقهم ومطالبتهم بها.
ارسال التعليق