الاقتصاد السعودي ضحية طموحات بن سلمان (مترجم)
يغطي الغبار مكاتب شركة سعودي أوجيه المحدودة في العاصمة السعودية الرياض، كما أن مواقف السيارات الخاصة بالشركة مليئة بالقمامة، أما في المقر الرئيسي للشركة على بعد أميال، فيوجد مسؤول وحيد فقط يحاول معالجة مخاوف العمال الغاضبين.
كانت شركة سعودي أوجيه منذ فترة قريبة واحدة من أكبر شركات البناء في السعودية، فهي التي قامت ببناء مشاريع مثل فندق ريتز كارلتون والمكون من 492 غرفة في الرياض، وكذلك الحرم الجامعي لجامعة الملك عبد الله للعلوم والتكنولوجيا في جدة، ومجموعة رباعية من محطات توليد الكهرباء التي تزود شركة أرامكو السعودية منتجة النفط العملاقة، ولكن في يوليو الماضي ألغت الشركة بعض مقارها، ورحل كبار مسؤوليها التنفيذيين، بجانب آلاف العمال، وهم في الغالب من الذين ترتبط تصاريح إقامتهم بوظائفهم، كما بلغ ديون الشركة ما لا يقل عن 3.5 مليار دولار.
ويسلط سقوط شركة أوجيه الضوء على إعادة ترتيب مناخ الأعمال تحت قيادة ولي العهد، محمد بن سلمان، والذي قفز على العرش؛ ليصبح الوريث الواضح للمملكة.
على مدى عقود كان يهيمن على الاقتصاد عدد قليل من الشركات المفضلة التي تحصل على عقود الدولة لكل شيء، بداية من المساجد إلى الوزارات الحكومية إلى خطوط السكك الحديدية عالية السرعة.
يسعى بن سلمان إلى إبعاد اعتماد المملكة على عائدات النفط، وبالتالي خفض الدعم الحكومي، في ظل مكافحة مثل هذه الشركات للبقاء واقفة على أقدامها في السوق، حيث تقول كريسبن هاويس، العضو المنتدب لشركة تينيو إنتليجانس، وهي شركة استشارية في مجال المخاطر السياسية في لندن: هناك عنصر من عناصر الحكومة يسمح بأن يحدث ذلك كدليل على ما تتطلبه البيئة الحالية، وهذا اعتراف هام جدًّا بتغيير الأوضاع.
تردد صدى هذا التحول الاقتصادي في جميع أنحاء الاقتصاد، حيث خفض الأمير محمد أجور موظفي الخدمة المدنية والإعانات، مما أثر على عدة قطاعات، منها الصحية والبناء والبتروكيماويات، وألقى بظلاله على العمالة الأجنبية.
وتهدف خطة الأمير برؤية 2030 إلى الخصخصة وفتح الطريق أمام الاستثمار الأجنبي، مما يعني أن الشركات السعودية ستواجه مرة أخرى منافسة جديدة، وبموجب هذه الإصلاحات، سيتم إدخال الشركات الاجنبية في مجال الهندسة والعديد من القطاعات الأخرى، وقال مونيكا مالك، كبير الاقتصاديين في بنك أبو ظبي التجاري: إن فتح السوق مباشرة أمام شركات البناء الأجنبية يجب أن يساعد في تنفيذ برنامج التنمية.
وقال باحثو مؤسسة ميد بروجيكتس إن انهيار شركة سعودي أوجيه كان سريعًا جدًّا، وانخفضت قيمة عائدها من 8.9 مليار دولار في عام 2014 إلى 850 مليون دولار هذا العام، وفي عام 2015 أخرت الحكومة المدفوعات للبنائين، وتوقفت أوجيه عن دفع أجور الموظفين لشهور.
قال مروان إسكندر، وهو خبير اقتصادي لبناني من هاريريس، إنه ليس من الواضح ما سيحدث لأصول أوجيه، ولكن هذا الفشل يشير إلى أنه من حيث العلاقات الاقتصادية مع الحكومة، “لا توجد علاقة مميزة بين الحكومة والشركة”.
ترجمة : ريهام التهامي
ارسال التعليق