التحالف السعودي مزّق الشعب اليمني
قالت صحيفة ليزيكو الفرنسية إن اليمن يعيش حرباً أهلية كارثية من حيث التكلفة الإنسانية، وذلك لوقوعه في قلب صراع النفوذ الإقليمي بين السعوديين والإيرانيين، يضاف إليهم التيارات الإسلامية المتطرفة. وأضافت الصحيفة الفرنسية أن خمس سنوات مرت منذ أن بدأ الكلاشينكوف عزفه وأمطرت الصواريخ المدنيين في جميع أنحاء البلاد، فأصبحت هذه الدولة الواقعة في شبه الجزيرة العربية مسرحاً لحرب التأثير السياسي الدولي وبقي شعبها يمزق نفسه في صراع شبيه بالحرب السورية.
ولم يدم طويلاً الأملُ الطفيف في وقف التصعيد في 20 يونيو بعد أن جمدت الحكومة البريطانية عقود الأسلحة مع الرياض -تقول الصحيفة- كما أن محاولات مجلس الشيوخ الأمريكي بددها اعتراض البيت الأبيض ودعمه لمحمد بن سلمان.
واستعادت الصحيفة بداية التدخل العسكري السعودي المباشر في اليمن عام 2014، حين قادت المملكة عملية «عاصفة الحزم» مع عدد من الدول العربية تحت قيادة ابن سلمان، وحددت لنفسها مهمة طرد المتمردين الحوثيين الذين استولوا على العاصمة صنعاء وعدة محافظات. وكانت ميليشيات الحوثيين في ذلك الوقت - عند لجوء الرئيس عبد ربه منصور هادي إلى السعودية- موالية للرئيس السابق علي عبدالله صالح، مما أثار غضب السعوديين القلقين من إيران. وبدعم من الأمم المتحدة، كان من المتوقع أن يستمر التدخل العسكري بضعة أسابيع فقط، لكن الصراع طال وقسمت البلاد. إلا أن الرئيس صالح انفصل عن الحوثيين الذين قتلوه عام 2017، ولكنهم ظلوا يحتفظون بالجزء الغربي من البلاد وهم يضاعفون الآن الهجمات على الأراضي السعودية.
وقالت الصحيفة الفرنسية إن الفوضى التي عمت البلاد أدت إلى انتشار تنظيم القاعدة في المدن، لينشر الرعب بين اليمنيين ويحاول خطف الطائرات. ونبهت إلى أن هذا البلد ظل يتحول - بشكل مطرد - من سيئ لأسوأ منذ عام 2011، مؤكدة أنه لم يتعاف من رياح الربيع العربي التي هبت ذلك الوقت على تونس ومصر وسوريا، ليصبح الشعب بعد أربعين عاماً من حكم علي صالح عالقاً بين نيران المتحاربين. وقد قتل -حسب تقرير للأمم المتحدة يعود إلى أغسطس 2016- أكثر من عشرة آلاف مدني، ولم تسلم المصانع ولا الموانئ ولا المساكن من القصف، ولا حتى حفلات الزفاف. ولم تستبعد الصحيفة في هذه الحرب التي تحولت إلى حمام دم وقوع جرائم حرب، مستندة في ذلك إلى دراسة مستقلة تتهم المحاربين بقتل ما لا يقل عن خمسين ألف ضحية مدنية.
وختمت الصحيفة الفرنسية موضوعها بالقول بصرخة تقول إن الأزمة الإنسانية في اليمن هي «الأسوأ في العالم» لأن الاقتصاد دمّر فأصبحت الأدوية معدومة والأوبئة مثل الكوليرا منتشرة، لينتهي المطاف بنحو 24 مليون يمني على حافة المجاعة، وفقاً للتقرير الأممي.
وتقول تقارير الأمم المتحدة بأنه منذ 2015، وثّقت هيومن رايتس ووتش نحو 90 غارة جوية تبدو غير مشروعة أصابت المنازل والأسواق والمستشفيات والمدارس والمساجد. قد ترقى بعض هذه الهجمات إلى جرائم حرب. في 2018، قصفت قوات التحالف حفل زفاف، ما أسفر عن مقتل 22 شخصاً، بينهم 8 أطفال. في هجوم آخر قصف التحالف حافلة مليئة بالأطفال، ما أسفر عن مقتل 26 طفلا على الأقل. تعرّفت هيومن رايتس ووتش على مخلفات ذخائر أمريكية المنشأ في مواقع أكثر من 24 هجوماً، بما فيها هجمات 2018 على حفل الزفاف والحافلة.
كماتسببت الألغام الأرضية في قتل وتشويه المدنيين، وأدت إلى تعطيل الحياة المدنية في المناطق المتضررة، وستشكل تهديداً للمدنيين بعد انتهاء الصراع لوقت طويل. واستخدمت الألغام الأرضية في المحافظات في جميع أنحاء اليمن، ما أسفر عن مقتل وجرح المدنيين، والحيلولة دون عودتهم إلى ديارهم. اليمن طرف في «اتفاقية حظر الألغام المضادة للأفراد» لعام 1997. استخدم التحالف بقيادة السعودية 6 أنواع على الأقل من الذخائر العنقودية المحظورة على نطاق واسع وقام الطرفان اليمنيان والإمارات والقوات اليمنية المدعومة من الإمارات باعتقال أشخاص تعسفياً، من بينهم أطفال وأساءت معاملتهم واحتجزتهم في ظروف سيئة، وأخفت قسراً أشخاصاً يُعتقد أنهم معارضون سياسيون أو يشكّلون تهديداً أمنياً. وثّقت جماعات حقوقية يمنية ومحامون مئات حالات الاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري. ومنذ أواخر 2014، وثّقت هيومن رايتس ووتش عشرات حالات الاحتجاز التعسفي والمسيء ، وكذلك الاختفاء القسري والتعذيب.
ارسال التعليق