الرياض تجند آلاف اليمنيين لقتال الحوثيين على حدودها
كشف موقع ميدل إيست آي عام 2017، أنَّ آلاف اليمنيين فاقدي الأمل تُجنِّدهم السعودية للدفاع عن حدودها ضدَّ المتمردين الحوثيين.
يسمح «المرتزقة» اليمنيون للجنود السعوديين بالبقاء بعيداً عن القتال، وتنسيق الضربات الجوية على أهداف حوثية من بعيد. وفي شهر أبريل أصبح عادل واحداً من أولئك «المرتزقة»، فتدرَّب لمدة ثلاثة أسابيع في ظهران، قبل إرساله إلى منطقة نجران جنوبي السعودية.
وقال عادل، متذكراً: «شاركت في الكثير من المعارك ضد الحوثيين على الحدود في نجران، وقتل بعض زملائي الجنود وجرحوا بجانبي، لكنني لم أفرَّ من المعارك، إذ كنت أتلقى 500 ريال سعودي (130 دولاراً) مقابل كل هجوم، بالإضافة إلى 3500 ريال سعودي (933 دولاراً) في الشهر». في حين يبلغ متوسط أجر الجندي في الجيش اليمني النظامي حوالي 100 دولار شهرياً!.
ويقول عادل لموقع Middle East Eye: «شارك عشرات من جيراني، من مختلف الأعمار، في المعارك من قبلي، وعادوا بالكثير من المال، لذا فقد بدأت في التفكير في القتال. أخبرني جيراني أنهم لا يواجهون أي خطر في المعارك، وأنَّ الضربات الجوية عادة ما تستهدف الحوثيين، بينما يطلقون هم النار على الحوثيين من المناطق الآمنة».
ومعارك السعوديين يخوضها غيرهم ولمَّا اقتنع عادل بأنَّ الانضمام إلى صفوف السعوديين سوف يكون آمناً، فقد قرَّر أن يتجنَّد. كان التسجيل سهلاً، فثمة العديد من الوسطاء في تعز يصلون المقاتلين المحتملين بالسعوديين ويرسلون المجندين الجدد إلى مدينة ظهران جنوبي السعودية.
وقال عادل: «وأخيراً قرَّرت الانضمام للمعارك لكي أستطيع تقليل معاناة أسرتي وتوفير كافة احتياجاتهم. وعندما أخبرت زوجتي بقراري رحَّبت به وشجَّعتني على الانضمام إلى المعارك؛ إذ كانت قد سمعت هي الأخرى قصصاً عن أولئك المقاتلين مع السعودية، الذين يعودون بالكثير من المال».
ووجد عادل نفسَه، مراراً وتكراراً، يقاتل في معارك ضارية أبعد ما تكون عن الأمان الذي أكده له جيرانه. وفي شهر أكتوبر، علِق عادل في أسوأ المعارك حتى ذلك الحين.
إذ قال عادل: «شارك حوالي 20 جندياً، من بينهم أنا، في هجوم على الحوثيين، لكنَّ الحوثيين حاصرونا ليومين اثنين، ولم تستهدفهم الضربات الجوية لفكِّ الحصار عنا».
وقرَّر عادل وأصحابه المحاصرون من جميع الجهات بلا طعام ولا ماء، أنَّ مِن الأفضل لهم أن يفروا بدلاً من أن يهلكوا جوعاً. وقال عادل: «قبل أن أذهب إلى نجران كانت أسرتي تعاني من قلة الطعام، لكن في نجران كنت على وشك الموت جوعاً تحت الحصار، وأدركت حقاً ما هي المجاعة». وبينما حاولت المجموعة الهروب، أطلق الحوثيون النار عليهم، فقتلوا بعضهم وجرحوا آخرين. وقال عادل: «بينما كنت أفرّ من الحصار، استهدفنا الحوثيون بالقصف، واخترقت شظايا معدتي. فقدت الوعي ولم أكن على علم بما حدث».
وقال عادل: «ظننت أنَّ السعوديين سوف يأخذونني إلى مستشفى سعودي، لكنَّ قائدنا اليمني جاء وأعطاني 500 ريال سعودي (130 دولاراً) وأمر أصحابي أن يرسلوني إلى اليمن». وكذا فلم يكن لدى عادل أي خيار سوى العودة إلى الوطن، بمساعدة بعض من زملائه المقاتلين الذين قرروا إعادة الرجل المصاب بجرح بالغ إلى تعز. وقال عادل: «سافرنا من نجران إلى مأرب، ثم إلى تعز، بينما كنت مستلقياً على فراش طوال الوقت».
استغرقت الرحلة ثلاثة أيام، وطوال رحلة العودة كان عادل يشعر بالقلق من رد فعل أسرته على حالته الصحية المعتلة.
في نظر الحكومة اليمنية، فإنَّ اليمنيين الذين جرى استئجارهم للقتال إلى جانب حليفتها السعودية «مرتزقة»، ومن ثم فهي ليست مسؤولة عن عافيتهم.
ال أحد المصادر في وزارة الداخلية، لموقع Middle East Eye بشرط عدم الكشف عن هويته: «الحكومة ليست مسؤولة عن المرتزقة الذين يذهبون إلى السعودية عبر الوسطاء. الحكومة مسؤولة فحسب عن الجنود الرسميين الذين يقاتلون في كافة أنحاء البلاد».
ووفقاً لهذا المصدر، فإنَّ الحكومة تساعد الجنود الجرحى بتقديم رعاية صحية ملائمة وتعطي عائلات القتلى في المعارك معاشاً شهرياً. وأضاف المصدر أنَّ الحكومة تستقدم جنوداً جدداً طوال الوقت.
ويوجد 20 مليون يمني أنفسهم يعتمدون على المساعدات للبقاء على قيد الحياة. وقال مأمون محمد، الخبير في علم الاجتماع من تعز، لموقع Middle East Eye: «الأزمة الاقتصادية سبب واحد فحسب وراء تجنيد المرتزقة، لكنَّ السبب الأساسي يرجع إلى غياب السلطات.
إذ يمكننا أن نجد وسطاء مرتزقة في كل مكان، ولا تستطيع الحكومة إيقافهم. ويشجع هذا الأمر حتماً اليمنيين اليائسين على الانضمام للمعارك بوصفهم مرتزقة».
وقال عادل: «أنصح أي شخص يريد القتال مع السعوديين أن يأتي ويرى معاناتي، وحينها فسوف يغير قراره بكل تأكيد. ليس المال كل شيء، المال لا شيء».
ارسال التعليق