السعودية عجزت عن جذب المستثمرين الأجانب
تناول الباحث في معهد دول الخليج العربي في واشنطن روبرت موجلنيكي أسباب عجز السعودية عن جذب المستثمرين الأجانب، وقال الباحث إنه بعد مرور 3 أعوام على إطلاق “رؤية 2030” في السعودية، تظل ثقة المستثمرين الأجانب في البلاد متباينة. وتعمل شركات مثل “جوجل” و”بلاك ستون” و”إتش إس بي سي” و”إيه إم سي”، على تكثيف المشروعات في المملكة، لكن البلاد تكافح مع مستويات منخفضة من الاستثمار الأجنبي المباشر. وتراجع الإقبال على المملكة بعد بيع سندات بقيمة 12 مليار دولار من قبل “أرامكو” السعودية، بسبب الأخبار اللاحقة بأن أسعار جميع الشرائح الـ5 من إصدار السندات قد انخفضت إلى ما دون أسعار البيع الأولية.
وانسحب رجال أعمال بارزون من مبادرة “الاستثمار في المستقبل” الثانية في أكتوبر 2018، في أعقاب مقتل الصحفي “جمال خاشقجي”، خوفاً من الأضرار التي قد تلحق بسمعتهم لممارسة أعمال تجارية داخل المملكة أو مع حكومتها. ومع ذلك، يبدو أن الثقة قد تجددت في أبريل من قبل الرئيس التنفيذي لبنك “إتش إس بي سي”، “جون فلينت”، الذي قال في مؤتمر في الرياض: “إنه لشرف لي أن أعود إلى السعودية”. ويعكس ذلك التناقض من جانب عالم مجتمع الأعمال.
وكانت إصدارات السندات وإدراج البورصة السعودية في المؤشرات الدولية الرئيسية قد عززت تدفقات رأس المال إلى المملكة. ومع ذلك، تمثل العديد من هذه الاستثمارات “أموالاً ساخنة”، وهو رأس المال الذي يتحرك بانتظام وبسرعة بين الأسواق المالية ويمكن أن يتم سحبه في أي وقت. وتعتمد المبادرات الحكومية طويلة الأجل للتحول الاقتصادي مثل برنامج الخصخصة الذي تقدر عوائده المأمولة بـ200 مليار دولار، ومشروع “نيوم” الضخم، تعتمد على التمويل المستمر من المستثمرين المحليين والدوليين، وليس من الواضح أن هذا المستوى من الدعم سيكون وشيكاً. ولا تعد استراتيجية “ابنها وسيأتون” كافية لجذب الاستثمارات طويلة الأجل المستدامة التي تشتد الحاجة إليها في المملكة. وفي السابق، لم ينتج عن هذا النهج مشاريع ضخمة لمدن اقتصادية مستدامة، وهو الأمر الذي تهدف “رؤية 2030” غير الواقعية إلى معالجته.
نتائج مختلطة
وبدلاً من ذلك، تعتمد المكونات الاقتصادية للتحول الطموح في المملكة، والتي تلعب فيها الاستثمارات المحلية والأجنبية دوراً محورياً، على قدرة الحكومة على تحسين شفافية العمليات التجارية. وقد يساعد التركيز على 3 أولويات سياسية في هذا الجهد، وهي تنفيذ لوائح تجارية واضحة ومتسقة، ووضع ضمانات ضد الممارسات التجارية غير المسؤولة، والحد من تدخل الدولة في الاقتصاد.
وعلى هذه الجبهات، كان سجل الحكومة مختلطاً. ويدرك المسؤولون الحكوميون السعوديون أن هناك حاجة إلى بعض التغيير لإنشاء “اقتصاد مزدهر مفتوح للأعمال”، وهو أحد الموضوعات الرئيسية في “رؤية 2030”. ومع ذلك، احتلت المملكة المرتبة 92 من أصل 190 دولة في مؤشر سهولة ممارسة الأنشطة من قبل البنك الدولي لعام 2018، كما احتلت البلاد المرتبة 144 في سهولة بدء نشاط تجاري. ولم يكن مسار النمو في السعودية مصدراً للتفاؤل؛ فقد ارتفع نمو الناتج المحلي الإجمالي السنوي من انكماش بنسبة 0.7% عام 2017 إلى نمو بنسبة 2.2% في عام 2018. ويتوقع صندوق النقد الدولي أن يقدر معدل النمو بنحو 2% في عام 2019. وإذا كانت المملكة تأمل في تنويع اقتصادها، وتعزيز القطاعات الاستراتيجية الجديدة، وخصخصة خدمات حكومية محددة، ستحتاج البلاد في ذلك إلى دعم المستثمرين المحليين والدوليين.
الحاجة إلى أطر جديدة
وهناك حاجة إلى أطر تنظيمية أقوى في المجال التجاري لجذب المستثمرين المترددين. وأصدرت الحكومة السعودية مرسوماً ملكياً في يناير لتشجيع 7 مبادئ استثمارية منها الشفافية والمساواة في سياسات الاستثمار. كما طبقت الحكومة قانون إفلاس جديداً في أغسطس 2018، في خطوة نحو توضيح حقوق والتزامات المستثمرين عندما يواجهون صعوبات مالية. ويميز القانون الجديد بين الإفلاس والعجز عن الوفاء بالديون ويحدد الظروف والإجراءات المتعلقة بالتصفية. ورغم ذلك، لم يتم اختبار فائدة قانون الإفلاس بعد. ويسعى “معن الصانع”، مؤسس مجموعة “سعد” المثقلة بالديون، إلى تسوية مطالبات دائني البنوك من خلال قانون الإفلاس الجديد في البلاد. وكانت مجموعة “سعد” قد تعثرت مع “أحمد حمد القصيبي وإخوانه” في قروض بلغت قيمتها نحو 22 مليار دولار في عام 2009. ومع ذلك، رفضت محكمة سعودية طلبات “أحمد حمد القصيبي وإخوانه” للتسوية الوقائية وإعادة الهيكلة المالية المنصوص عليها في تشريع الإفلاس الجديد. وفي فبراير، أطلقت الحكومة السعودية مكتباً لتقديم التقارير المالية داخل ديوان المحاسبة. وسيقوم المكتب الجديد، بدعم من النائب العام، بمراقبة كل من الإنفاق الحكومي وتمويل الشركات الكبرى في المملكة.
ارسال التعليق