السفير السعودي يثير غضب تونسيين
أثار موقف السفير السعودي بتونس محمد بن محمود العلي، الذي رفض عضوية نائبة تونسية في لجنة برلمانية؛ لجنة الصداقة البرلمانية التونسية - الخليجية، جدلاً واسعاً على الساحة السياسية.
وأغضبت خطوة المسؤول السعودي التونسيين، بين من يصفها بممارسات لا أخلاقية لم تعد موجودة في تونس بعد الثورة، ومن يعتبرها تدخلاً سافراً في الشأن المحلي للبلد.
وأدانت الجبهة الشعبية، وهي ائتلاف يضم ثمانية أحزاب يسارية وقومية، تصرف السفير السعودي، ووصفته بـ"التدخل السافر في السيادة الوطنية".
وعبرت الجبهة في بيان لها الأربعاء 18 يوليو الجار ي، عن استنكارها لرفض سفير السعودية عضوية النائبة عن الجبهة الشعبية مباركة براهمي في لجنة الصداقة البرلمانية التونسية الخليجية، معتبرة ذلك خرقاً لكل الأعراف الدبلوماسية.
وطالبت الجبهة رئيس مجلس النواب التونسي، محمد الناصر، "باتخاذ موقف حازم إزاء هذه الممارسات الرعناء"، بحسب نص البيان.
وأوضحت النائبة مباركة البراهمي أنها ستواصل عملها في اللجنة المعنية، وأن موقف السفير السعودي أمر يعنيه وحده، ولا يحق له التدخل في شؤون البرلمان التونسي.
واعتبرت البراهمي أن رفض السفير السعودي لوجودها ضمن أعضاء اللجنة، يأتي على خلفية مواقفها من القضايا العربية؛ لكونها تعتبر أن النظام السعودي مسؤول بدرجة كبيرة عن الإرهاب في المنطقة، وعن الحروب الدائرة حالياً في بعض البلدان العربية.
-تدخل سافروكشف القيادي بالجبهة الشعبية محسن النابتي في تصريح لـ"الخليج أونلاين"، أن السفير السعودي قد خرق جدول أعمال الجلسة المُتفق عليه خلال اللقاء، وقام بدعوة ممثلي اللجنة إلى مساعدته بالبرلمان في مساندة السعودية في حربها باليمن، وضد ما أسماه "بالعدوان الذي تتعرض له من سوريا وحزب الله وايران واليمن".
وقال إن ممثلة الجبهة الشعبية مباركة البراهمي قد علَّقت خلال اللقاء، قائلة إنه من الأولى أن يتحدث عن العدوان الصهيوني، وإن على بلاده أن توقف الحروب الأهلية التي بدأتها في اليمن وسوريا وتدخلها في ليبيا.
وتابع: أن "موقف البراهمي قد أزعج السفير كثيراً، ليطلب من رئيس البرلمان الضغط بقصد تنحية النائبة من اللجنة البرلمانية التونسية الخليجية"، مضيفاً: إنه "قال بالحرف خلال الجلسة إنه ما دامت هذه المرأة، مباركة البراهمي، في اللجنة فإنه يعتبرها ميتة".
واعتبر القيادي التونسي أن "بلاده لم تتدخل في الشأن السعودي، وأن هذا الموقف بني على تصريحات ومواقف عرفت بها النائبة من مجمل القضايا المطروحة في الساحة العربية".
وأشار إلى أنّ "رفض السفير السعودي التعامل مع اللجنة لأن نائبة من الجبهة موجودة فيها هو مسّ بهيبة المجلس وبالسيادة الوطنية، وتدخل أيضاً في شؤون باقي دول الخليج باعتباره اللجنة ميتة ولا يمكنها مواصلة أعمالها مع باقي السفراء الخليجيين".
ودعا النابتي السفير السعودي إلى التزام حدوده في تونس، واحترام خيارات البرلمان المنتخب من قبل الشعب بشكل ديمقراطي، أو تعلم ذلك في بلده.
-سوابقفي المقابل، لم تصدر السفارة السعودية بتونس توضيحاً لما وقع، ولم ترد على المراسلات الإعلامية التي طلبت توضيحاً حول هذا الغرض.
وقد أثارت الحادثة جدلاً واسعاً على وسائل التواصل الاجتماعي؛ حيث انتقد الإعلامي والمحلل السياسي الحبيب بوعجيلة، عبر صفحته الخاصة بموقع التواصل الاجتماعي تصرف السفير السعودي قائلاً: إن "حضور سفير المملكة السعودية أمام إحدى اللجان البرلمانية كان من أجل تداول العلاقات التونسية السعودية، لكن سعادة السفير السعودي توسع في مهامه، و تصرف بصفته عادل الجبير، وأراد بطبيعة الحال أن يقدم إنجازات المملكة الرائدة في السياسة الدولية وخدماتها العظيمة للأمة".
وأضاف: إن "براهمي عرضت في مداخلتها لنقاش كلمة سفير المملكة، للتمويلات السعودية السخية بالمال و السلاح، ويبدو أنها أغضبته، حيث كان يظن أنه وأمثاله يقول دائماً و يسمع الجميع كما في كل عواصم الهوان".
وزاد في القول أنه "مثلما عزل سابقاً وزير شؤون دينية في بلد الانتقال التوافقي، توهم أنه يمكن أن يتحكم في القرارات السيادية لتونس، ودعا إلى تنحي السيدة مباركة البراهمي من لجنة الصداقة التونسية الخليجية".
وتابع الصحفي التونسي بالقول: "هذه ليست المرة الأولى التي تُتهم فيها السعودية بالتدخل في الشأن التونسي، فالنائبة مباركة عواينية براهمي سبق أن اتهمت في جلسة عامة وزير الشؤون الخارجية، خميس الجيهناوي، باتباع تعليمات السعودية والزج بالبلاد في سياسة المحاور، الأمر الذي رفضه الوزير، ورد أن البلاد لا تنتمي إلى أي محور وتقودها المصلحة الوطنية، وتصطف خلف كل ما يخدم أهدافها ولا تحدد مواقفها تبعاً للعاطفة".
وسبق أن اُتهمت السعودية بالتدخل في الشأن التونسي، وذلك على إثر إقالة وزير الشؤون الدينية السابق عبد الجليل بن سالم، بعد أقل من 24 ساعة من تصريحات أشار فيها إلى أنه صَارح كلاً من السفير السعودي وأمين عام وزراء الخارجية والداخلية العرب (سعودي أيضاً) قائلاً: "أصلحوا مدرستكم الوهابية فالإرهاب تاريخياً متخرج منكم، التكفير لم يصدر إلا من المدرسة الوهابية" على حد تعبيره.
وبررت حكومة يوسف الشاهد آنذاك قرارها بعزل الوزير "لعدم احترامه لضوابط العمل الحكومي، وتصريحاته التي مست بمبادئ وثوابت الدبلوماسية التونسية" بحسب بيان حكومي.
ارسال التعليق