الصفقات المالية السعودية مع واشنطن عالية المخاطر (مترجم)
يقع عاتق بقاء الدولة السعودية على كتف ولي ولي العهد وزير الدفاع، محمد بن سلمان، خاصة بعد فوزه بالدعم الأمريكي لتحويل ثروات المملكة الاستراتيجية.
التزمت السعودية بدفع 200 – 350 مليار دولار كاستثمارات في الولايات المتحدة، ونحو 100 مليار دولار مشتريات أسلحة، على مدى العشر سنوات المقبلة، وتم الإعلان عن الصفقات خلال زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إلى الرياض في الشهر الماضي.
التقى ترامب خلال زيارته محمد بن سلمان، الذي كان في واشنطن في 17 مارس الماضي، هذا الأمير الصغير الذي أدخل المملكة في حرب عسكرية مكلفة للغاية في اليمن، وبالتالي، لم تتعجب مصادر البيت الأبيض من منحه كل هذه الأموال للولايات المتحدة.
الصفقة التي قدمها محمد بن سلمان للولايات المتحدة، تصور له أنها ستخرج السعودية من مأزقها الاستراتيجي مع إيران، ومن حربها في اليمن، فليس لدى السعودية حليف يمكنها الاعتماد عليه كأمريكا، حيث إن محاولات إثبات الولاء السعودي لروسيا انتهت بالفشل، خاصة أن موسكو تتمتع بعلاقات جيدة مع إيران وتركيا، وهو ما تتبعه الصين أيضا.
ظهرت الخلافات بين مصر والسعودية، واتخذت القاهرة مسار التقارب مع إدارة دونالد ترامب، وبالتالي لم تجد السعودية مسارا سوى إعادة التقارب من الولايات المتحدة مرة أخرى.
أصبحت السعودية دولة معزولة ماليا، حتى مع الانتعاش الطفيف لأسعار النفط في عام 2016، انخفض الاحتياطي النقدي الأجنبي، نتيجة حرب اليمن المكلفة والمشاركة في صراعات سوريا والعراق، وفي نفس الوقت، تواجه المملكة ضغوطا متزايدة من أجل الإصلاحات الاقتصادية داخليا.
بلغت احتياطيات النقد الأجنبي السعودي 797 مليار دولار في عام 2014، وانخفضت إلى 536 مليار دولار في ديسمبر 2016، ثم انخفضت إلى 523.8 مليار دولار في يناير 2017، وهكذا فإن الالتزام بدفع 200 مليار دولار كاستثمارات في الولايات المتحدة، وأيضا شراء أسلحة أمريكية بمبلغ 100 مليار دولار يعد مقامرة عالية المخاطر.
المقامرة الخطيرة الأخرى التي يسعى ابن سلمان لتنفيذها هي تحويل شركة النفط والغاز، أرامكو السعودية، إلى شركة مساهمة عامة تقدر قيمتها بـ2 تريليون دولار أمريكي، ومع ذلك، فإن التقديرات الدولية تقدر قيمة أرامكو بأقل من 2 تريليون دولار.
وبناء عليه، فإن المملكة تواجه أزمة وشيكة، فإذا بلغت التدفقات الخارجة 100 مليار دولار سنويا من احتياطي النقد الأجنبي، سيكون هناك عجز كبير في الميزانية نظرا لتمويل الحروب والمطالب الاجتماعية.
أعلن بن سلمان، في 2 مايو الماضي، عن وضع نهاية للطموحات العسكرية السعودية في اليمن، حيث إن تصعيد الحرب تؤدي إلى خسائر غير مقبولة من الجانبين، وبالتالي من الواضح أنه سيتم التخلي عن خطط الاستيلاء على مدينة الحديدة اليمنية الشمالية، إلا أن محاولات حصار اليمن بحريا ستتم بمساعدة القوات الأمريكية.
التزام بن سلمان بتقديم 200 مليار دولار في أشكال مختلفة من الاستثمار في الولايات المتحدة أو مشترياتها كان جزءا من برنامج إعادة الانخراط مع الولايات المتحدة.
ووسط القمة الإسلامية الأمريكية في الرياض، التقى ترامب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، للتأكيد على قوة العلاقات الثنائية بين مصر والولايات المتحدة والتزام ترامب بزيارة القاهرة، كما التقى سرا العاهل البحريني، حمد بن عيسى آل خليفة.
تفتقر السعودية إلى اقتصاد عام متوازن ومتنامي، لكنها تستورد الأسلحة من الولايات المتحدة لتظهر كمستحوذ على أكبر معدات للدفاع لتتوافق مع رؤية 2030، في محاولة لتصبح مثل تركيا كبلد صناعي.
لا تهتم إدارة ترامب بالرؤية الاقتصادية أو الاستراتيجية التي تتمحور حول خطة 2030، فقط لم تتمكن واشنطن من رفض الصفقة التي تعيدها إلى المنطقة، حيث تريد الحفاظ على مكانها هناك.
بقلم : ريهام التهامي
ارسال التعليق