الطريق مسدود أمام تعزيز السعودية مكانتها في المنطقة (مترجم)
أنهت السعودية بشكل مفاجئ، حظرها المشين على قيادة المرأة للسيارة، واحتفلت النساء في جميع أنحاء المملكة بقرار الملك سلمان بن عبد العزيز، العاهل السعودي، الذي أكد أن رخص القيادة ستكون جاهزة للسيدات وسيسمح لهن بالقيادة في يونيو من العام المقبل.
تعرض قانون عدم السماح للنساء بقيادة السيارة لانتقادات عديدة في الماضي، إلا أن النساء السعوديات حاولن لعقود التخلص من الحظر، لكن من تقود سيارة، كانت تتعرض للسجن، وتعد المملكة آخر بلدان العالم التي تسمح للنساء بقيادة السيارة.
وأعلنت الحكومة ووسائل الإعلام الدولية أنها خطوة إلى الأمام وانتصار لحقوق المرأة، لكن عند تقييم القرار المفاجئ، يستحيل تجاهل السياق الذي اتخذ فيه، حيث شهدت الأشهر القليلة الماضية تغيرات كبيرة في المملكة؛ بداية من تولي محمد بن سلمان، منصب ولي العهد، وصولا إلى اعتقال الشيوخ.
فرصة اقتصادية
أكد كثيرون أن محمد بن سلمان، المسؤول عن رفع الحظر، اتفاقا مع أفعاله منذ أن جاء وريثا للعرش في يونيو، وتماشيا مع الأجندة الاقتصادية الأكثر ديناميكية في السعودية ورؤية 2030، التي تدعو إلى تنويع الاقتصاد السعودي وتحريره بعيدا عن النفط.
ورغم الإصلاحات الاقتصادية، يكافح الكثير من المواطنين لمواكبة التكاليف الباهظة، وتقلص الرفاهية وسط تدابير التقشف، كما تعاني الشركات الصغيرة والمتوسطة من ارتفاع أسعار المياه والطاقة، فضلا عن الرسوم الحكومية المفروضة.
وفي خضم عدم اليقين، سيمح للمرأة السعودية بقيادة السيارة، ما يقدم فرصة اقتصادية ضخمة، حيث سيعود العديد من السائقين الأجانب إلى بلادهم، وسيسهل أيضا تحقيق هدف بن سلمان في زيادة مشاركة المرأة في القوة العاملة من 22% إلى 30% بحلول عام 2030.
النفوذ السياسي
باعتبارها أكبر دول الخليج وأكثرها اكتظاظا بالسكان، تحاول المملكة فرض نفوذها السياسي وإثارة الجدل، وكان الحصار الذي فرضته على دولة قطر دليلا على ذلك، ومع عدم وجود أي علامة على انتهاء الحصار، فإن الاستراتيجية السعودية لتعزيز مكانتها في المنطقة، تبدو وكأنها أمام طريق مسدود.
وفي الوقت نفسه، فإن حرية التعبير في السعودية تعرضت لضربة كبيرة، بعد إلقاء القبض على كل شخص يعلن تضامنه أو تأيده لموقف الدوحة.
كما تسببت حرب المملكة مع اليمن في تلقي انتقادات قاسية، حيث أسفرت الحرب المستمرة عن مقتل أكثر من 10 آلاف شخص، وحوالي 20 مليون بحاجة إلى المساعدة، وفقا للأمم المتحدة، بجانب انتشار وباء الكوليرا في أفقر بلد على كوكب الأرض.
ورغم أن الأمم المتحدة تعتبر حرب اليمن أكبر أزمة إنسانية في العالم، فإن السعودية لا تظهر أي علامات على رفع الحظر عن شحنات المساعدات الطبية إلى اليمن.
وانتشرت شائعات عن العلاقات الدبلوماسية المستقبلية مع إسرائيل في الآونة الأخيرة، بعدما تسربت الوثائق على موقع تويتر، ورفض الرأي العام السعودي بشدة أي محاولات لتطبيع العلاقات مع تل أبيب في الماضي، وأثارت هذه التقارير القلق لدى الكثيرين.
خطوة للحداثة
تشهد السعودية تغيرا حتى قبل رفع الحظر عن قيادة النساء، حيث يهدف بن سلمان إلى إضفاء الطابع الغربي على المملكة الخليجية، نظرا لرغبته المعلنة في العديد من المنصات لدمج بلاده في العالم الحديث، ويبدو أن هذه النية كانت موجودة منذ الشهر الماضي، حين أعلن عن إنشاء قرى سياحية على ساحل البحر الأحمر، يسمح فيها بالخمور وارتداء ملابس السباحة.
في خضم الاضطرابات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فإن قانون القيادة السعودي، محاولة للفوز بشعبية وإدخال الرؤية الجديدة للمملكة، لكن شعبية السعودية منخفضة، فرغم التغطية الدولية الإيجابية للقرار، تتشتت صورة الرياض لما تفعله في اليمن، وبسبب حصارها لقطر.
بقلم : ريهام التهامي
ارسال التعليق