باب المندب لا يقل خطراً للسفن السعودية عن مضيق هرمز
رأت وكالة بلومبرغ أن الخطر يلاحق السفن السعودية أينما ذهبت فحتى لو أقدمت على استخدام البحر الأحمر في تصدير النفط مروراً فإن مضيق باب المندب لا يقل خطراً على سفنها عن مسار مضيق هرمز، بخلاف ما قد يبدو للوهلة الأولى. وفي تقرير نشرته أمس، ذكرت الوكالة الأمريكية أن تصدير النفط عبر البحر الأحمر له مخاطر وتبعات أيضاً، مرتبطة بأصل الصراع مع إيران وحلفائها الحوثيين في اليمن.
وأوضحت الوكالة أن مشروع السعودية لتوسعة خط أنابيب يمتد من حقول النفط في شرق المملكة إلى موانئها المطلة على البحر الأحمر (غرب)، يهدف لزيادة استطاعة الأنبوب من 5 ملايين برميل يومياً إلى 7 ملايين برميل، لكنّ تقريراً مالياً لشركة أرامكو (أكبر شركة للنفط السعودي) يظهر أن الانتهاء من أعماله سيكون بعد نحو 4 سنوات. وحتى بعد الانتهاء من المشروع، فإن السعودية، التي تعدّ أكبر مصدر للنفط في العالم، ستظل عرضة لخطر تعرّض خط الأنابيب لهجمات بطائرات حوثيّة مسيرة، مثلما جرى في مايو الماضي.
ولفت التقرير إلى تعرّض ناقلتي نفط سعوديتين لهجوم في باب المندب العام الماضي، ما دفع السعودية لوقف تصدير خامها عبر هذا المضيق المطل على اليمن. كما أن إيران، التي أظهرت مدى سهولة مضايقة ناقلات النفط في مضيق هرمز وتعريض شحناتها للخطر، قد تحاول، عبر وكلائها في اليمن، إظهار قدراتها في باب المندب، وفي تلك الحالة فإن تدفقات النفط العالمية قد لا تكون أقل عرضة للخطر، وليس السعودية فقط. ولذا أكدت الوكالة الأمريكية أن التصدير عبر خط أنابيب النفط السعودي، وعبر البحر الأحمر، مروراً بباب المندب، أو كما يوصف “بوابة الدموع”، ليس خياراً آمناً للسعودية.
وأشارت إلى أن السعودية تشعر بالقلق من استخدام مضيق هرمز في تصدير نفطها، بعد الحوادث التي تعرضت لها سفنها خلال الفترة الماضية، ما أدّى إلى ارتفاع تكاليف التأمين على الناقلات؛ لذلك تقوم بدراسة جميع خياراتها الأخرى.
والجدير بالذكر هنا هو التذكير بما حدث من هجوم على المنشآت النفطية السعودية، والهجوم على ناقلات نفط قرب ميناء الفجيرة، إذ أن ما يجمع بين سفن الفجيرة وخط “شرق غرب” بالسعودية هو أن النفط الذي ينقل عبرهما لا يمر على مضيق هرمز، فميناء الفجيرة هو الميناء الإماراتي الوحيد المطل على خليج عمان، وهو الميناء الوحيد في الإمارات الذي يستطيع نقل نفط الخليج دون المرور عبر مضيق هرمز الذي تتحكم فيه إيران.
كما أن خط الأنابيب “شرق غرب” ينقل النفط من المنطقة الشرقية لتصديره عبر موانئ على البحر الأحمر، بعيداً عن الخليج ومنطقة مضيق هرمز حيث تتصاعد التوترات بين الولايات المتحدة وإيران.
ويبلغ طول خط الأنابيب نحو 1200 كلم، ويمر عبره خمسة ملايين برميل نفط يومياً على الأقل، من المنطقة الشرقية الغنية بالخام، إلى المنطقة الغربية على ساحل البحر الأحمر، ويمنح النفط السعودي مسرباً جديداً لا سلطة لإيران عليه. ومن الواضح أن استهداف هذين الموقعين أعطى رسالة بليغة وواضحة أن لا خطوط آمنة لنقل نفط الخليج بعيداً عن هرمز، فقد تصبح كل تلك الخطوط متقطعة بسبب تهديدات الحوثيين وطائراتهم المسيّرة التي قد تأتي بما لا تشتهيه “السفن الخليجيّة”.
ومن الملاحظ أن عدداً من حلفاء واشنطن أعلنوا إرسال قوات عسكرية لضمان أمن الملاحة في المضيق، في حين حذرت إيران من أن عسكرة المنطقة استفزاز خطير. فبعد المدمرتين البريطانيتين، ذكرت تقارير إعلامية أن كوريا الجنوبية تعتزم الانضمام إلى قوة بحرية تقودها الولايات المتحدة في الشرق الأوسط بوحدة بحرية تضم مدمرة للمساعدة في حماية ناقلات النفط أثناء عبورها مضيق هرمز.
وكانت وزارة الدفاع البريطانية أعلنت الأحد الماضي أن المدمرة البحرية “أتش أم أس دانكن” وصلت إلى مياه الخليج، لتأمين السفن البريطانية التي تمر عبر مضيق هرمز، وستنضم إلى فرقاطة أخرى موجودة بالخليج، لدعم سلامة عبور السفن. من جهته، أكد الرئيس الإيراني حسن روحاني أمس الأول أن بلاده ستواجه بكل قوة أي محاولة لانتهاك قوانين الملاحة وأمن مضيق هرمز والمنطقة الخليجية وبحر عمان، معتبراً أن وجود القوات الأجنبية في المنطقة سيزيد حدة التوتر ولن يكون في صالح المنطقة.
في المقابل، نشر الحرس الثوري الإيراني تسجيل فيديو يظهر فيما يبدو أفراداً تابعين له يوجهون تحذيراً لسفينة حربية بريطانية، ويطلبون منها الابتعاد خلال احتجاز ناقلة نفط ترفع علم بريطانيا قرب مضيق هرمز يوم 19 يوليو.
ويحتوي التسجيل على لقطات لعملية احتجاز الناقلة تظهر إنزال أفراد من الحرس الثوري على سطح السفينة من طائرة مروحية، مع تركيب تسجيل صوتي على اللقطات. ووفقاً للتسجيل، طلب ممثل لبحرية الحرس الثوري من السفينة الحربية البريطانية عدم التدخل، وألا يعرض أفراد الطاقم حياتهم للخطر. ويستمرّ تصاعد التوتر في هذه المنطقة الإستراتيجية منذ انسحاب واشنطن في 2018 من اتفاق البرنامج النووي الإيراني لعام 2015، ثم فرضها عقوبات قاسية على إيران، كما شهدت الأسابيع الأخيرة هجمات على ناقلات نفط في الخليج عزتها واشنطن لطهران التي نفت تورطها فيها.
ارسال التعليق