من الإعلام
بنو سلمان ورهاناتهم الخاسرة على التحالف مع أمريكا والكيان الصهيوني
على الرغم من أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وطاقمه لا يرى في السعودية، إلا بقرة حلوب،متى جف ضرعها، سيتم ذبحها وأكل لحمها...وعلى الرغم من تحذيرات المحللين والسياسيين من الذهاب بعيداً في التعويل على حماية أمريكا والكيان الصهيوني للنظام السعودي ولبقائه...إلا أن سلمان وابنه ولي العهد، يصّران على مواصلة سياسة التحالف مع أمريكا ترامب ومع الكيان الغاصب لأرض فلسطين وللقدس الشريفة. ويوماً بعد آخر، تتكشف معطيات ومعلومات جديدة عن التعاون والتنسيق الذي يجري بين آل سلمان وآل ترامب وآل صهيون، الخفي منه والمعلن، فيما يخص التآمر على الأمة الإسلامية، وعلى الدول العربية أو بعضها. فبالإضافة إلى وضع بن سلمان الثروة المالية الهائلة للشعب تحت تصرف ترامب وعائلته، وتحت تصرف كارتلات التصنيع العسكري وكارتلات التصنيع الأخرى الأمريكية، وأيضاً تحت تصرف الصهاينة الذين اعترفوا بذلك صراحة...وبالإضافة إلى محاولة إنجاز مشروعات اقتصادية ضخمة تخدم أمريكا والكيان الصهيوني، مثل مشروع مدينة ((نيوم)) قرب جزيرتي تيران وصنافير ، ومثل إقامة جسر يربط السعودية بسيناء المصرية...وبالإضافة إلى العدوان الذي يواصله بن سلمان على اليمن منذ ثلاث سنوات نيابة عن أمريكا والعدو الصهيوني......بالاضافة إلى كل ذلك، فأنه يتولى كما يقول الصهاينة، تمرير ((صفقة القرن))، التي اتضح أنها عملية تصفية القضية الفلسطينية وتكريس للوجود الصهيوني على أرض فلسطين !! ففي هذا السياق كشف محلل الشؤون العسكرية بصحيفة (يدعوت إحرونوت) في عددها في24/1/2018، أليكس فيشمان، نقلاً عن مصادر أمنية مطلعة، بحسب قوله، إن اللمسات الأخيرة على ما يسمونه ((صفقة القرن)) وصلت إلى نهاياتها، وسيتم تنفيذها فعلياً في وقت قريب. المحلل الصهيوني نقل أيضاً عن دبلوماسي أمريكي رفيع المستوى مقرب من مايك بنس نائب الرئيس الأمريكي، الذي زار كيان الاحتلال مؤخراً، نقل عنه قوله، إن مبادرة ترامب سيتم طرحها خلال العام الجاري، وعلى الأطراف المعنية أن تكون مستعدة لذلك، وكشفت المصادر، كما أكد فيشمان، عن وجود ثلاثة مستشارين خارجيين للطاقم الأمريكي الذي يعكف على إعداد ((صفقة القرن))، وهم ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وسفير الأمارات في واشنطن يوسف العتيبة، وسفير الكيان الصهيوني في الولايات المتحدة رون دريمر.
وبحسب ما أفاد به صائب عريقات، كبير مفاوضي السلطة الفلسطينية، فأن هذه الصفقة ستفرض فرضاً على الفلسطينيين وبالإجبار، وكل من يعارضها سوف يطرد ويحارب كإرهابي! ويقول عريقات، إن المرحلة القادمة، هي مرحلة فرض الإملاءات الأمريكية!! ما يعني ذلك أمرين هما :
1- الاستعجال في تصفية القضية الفلسطينية، ألتي تشكل عائقا أمام تسيّد الكيان الصهيوني على الدول العربية الحليفة للولايات المتحدة، وعلى رأسها المملكة السعودية والإمارات، البلدان الأكثر هرولة للتطبيع والتعاون والتنسيق مع الكيان الغاصب، وبالتالي تهيئة الظروف اللازمة لإدماج هذا الكيان بنسيج هذه الدول، وتعزيز التعاون والتحالف بينها وبين الصهاينة، من خلال مشاريع وواجهات كثيرة، أعلن عنها الصهاينة والأمريكان، ومنها المواجهة مع ((إيران الشيعية ومحورها))، وإقامة مشاريع اقتصادية مشتركة، وأمنية واجتماعية، وما إلى ذلك كثير.
2- إن تسييد الكيان الصهيوني على الدول العربية المشار إليها، يمنح الكيان الصهيوني القوة والتمكين، ليكون لاعباً أساسياً في شؤون الإقليم من جهة، وليتمكن من جهة أخرى، من حماية الأنظمة العميلة الحليفة للولايات المتحدة، لأن الأخيرة، ونتيجة للأسباب التي سنشير إليها بعد قليل، أوكلت حماية هذه الأنظمة إلى الكيان الصهيوني.
لكن رغم كل هذا اللهاث السعودي وراء تحقيق هذين الأمرين، من خلال التعجيل بتصفية القضية الفلسطينية، ومن خلال وضع الأموال السعودية تحت تصرف الصهاينة والاميركان، وغير ذلك مما ذكرنا بعضه في البداية...نقول رغم كل هذا اللهاث...الّا انه بات من المشكوك فيه، تحقيق ما يصبو إليه الأمريكان والصهاينة وعملائهم، وبالتالي تحقيق طموحات آل سلمان في البقاء والاستمرار في السلطة، ذلك لأسباب كثيرة، أكدتها وتؤكدها يوماً بعد آخر، معطيات الواقع الميداني على الصعيدين الإقليمي والدولي ومنها ما يلي:
1- إن الولايات المتحدة تتراجع قوتها ودورها في منطقة الشرق الأوسط، وحتى على الصعيد الأوربي، أمام قوى صاعدة دولية مثل روسيا والصين، وإقليمية مثل إيران، فلم تعد تمسك بمفاصل العالم كما كانت في السابق، أو على الأقل خلال العشر سنوات الماضية، حيث كانت القوة الوحيدة التي تتحكم بمصائر الشعوب البريئة، فاليوم لم تعد مطلقة اليدين للعبث بمقدرات العالم،وهناك وقائع كثيرة تؤكد هذه الحقيقة منها ما يلي:
*نهب ترامب الأموال السعودية، أموال المملكة من أجل تقوية أمريكا ومحاولة معالجة أعراض التراجع الأمريكي، وإيقاف علامات الضعف.
*اعتراف وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس، بالتراجع الأمريكي من خلال إعلان استراتيجية أمريكا الدفاعية للسنوات القادمة، حيث أكد أن أولوية أمريكا الدفاعية ستركز على مواجهة دول منافسة وصاعدة هي الصين وروسيا وإيران، واعترف ماتيس صراحة بأن هذه الدول باتت تهدد، وهددت فعلاً تفرد أمريكا في حكم العالم، وما لذلك من تداعيات إقليمية وعالمية خصوصاً على حلفاء الولايات المتحدة .
*ولضعف أمريكا وتراجع قوتها، نجد حلفاءها الأوربيين يتمردون عليها، ولأول مرة في تاريخ التحالف بين هذه الدول وأمريكا، فقد وقفوا بقوة في وجه ترامب عند ما أراد أن ينقلب على الاتفاق النووي الإيراني، واعتبروا ذلك تصرفاً أحمقاً، أن أقدم ترامب على هذه الخطوة، بل ونقضاً وتمرداً على القوانين والأعراف الدولية، وأكد الأوربيون أيضاً، أنهم سيظلون متمسكين بهذا الاتفاق حتى لو انسحبت منه أمريكا ترامب. كما عارضت الدول الأوربية خصوصاً فرنسا، خطوة ترامب المتمثلة في نقل السفارة الأمريكية في تل أبيب إلى القدس، أي اعتراف أمريكا بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني، والى الآن تعتبر الدول الأوربية هذه الخطوة، خطوة غير موفقة، ولا تخدم عملية التسوية بين الفلسطينيين و((الإسرائيليين)).
*فشل الولايات المتحدة في سوريا والعراق وحتى في أفغانستان، وهي مازالت تراكم الفشل تلوا الفشل في أكثر من تدخل غير مشروع، وانتهاك مخالف للقوانين الدولية في شؤون الدول الأخرى، إلا أنها في كل تدخلاتها لم تحصد سوى الخسران المبين.وفي هذا السياق تقول صحيفة ((ذا نيويوركر)) الأمريكية..." بعد أن أكمل ترامب عاماً في منصبه، نجد أن سياسته الخارجية الطموحة في المنطقة الأكثر تقلباً في العالم قد تمزقت وانهارت" وتنقل الصحيفة هذه، عن (بول سالم) نائب رئيس معهد الشرق الأوسط في واشنطن، وابن وزير خارجية لبنان الأسبق...قوله " أن المشكلة الحقيقية هي أنه بعد عام من الإدارة. مازال من غير الواضح مَنْ أو ما هي الإدارة؟ فهي لم توحد عملية صنع القرار فيها، مَنْ المسؤول؟ هل يتحدث ((تيلرسون)) بصوت الحكومة الأمريكية؟ هل ((كوشنر)) ومازال هناك من الناس متحيرين في الشرق الاوسط. ويضاف إلى ذلك، أن الرئيس (ترامب) زئبقي ولا يمكن التنبوء به، وقد يقول شيئاً يوم الاثنين ثم يتراجع عنه يوم الثلاثاء، وهذا يجعل الناس في المنطقة يتسائلون، وعلى الأقل مع بوتين، أنت تعرف مع مَنْ تتعامل، وما يقوله يوم الاثنين، سيكون نفس الرأي يوم الجمعة ".
وتذكر صحيفة ذا نيويوركر أيضاً أن مؤسسة (غالوب) أجرت استطلاعاً للرأي يوم 20/1/2018 أظهر أن الرفض العالمي للقيادة الأمريكية قد سجل رقماً قياسياً في عام2017، ومن المفارقات أن أعلى نسبة من عدم الموافقة على إدارة ترامب، 83% كانت في النرويج، وهي بلد ذكره ترامب هذا الشهر بأنه المفضل كمصدر للمهاجرين.
*بعد أن كانت الأمم المتحدة ومجلس الأمن بالذات أداة بيد الولايات المتحدة، وذراعها الفاعل في تسويق سياساتها التدخلية في شؤون الدول الأخرى، كما حصل في يوغسلافيا ومن ثم العراق وأفغانستان، فأنها أي أمريكا باتت تفقد هذه الأداة أو الذراع، وبات يشكل عائقاً أمام طموحاتها، كما حصل في محاولاتها إصدار قرار للتدخل العسكري في سوريا، حيث كان الفيتو الروسي والصيني بالمرصاد، أكثر من ذلك، أن مجلس الأمن وجه مؤخراً صفعة ضد الولايات المتحدة عندما دعت ممثلة الأخيرة نيك هيلي مجلس الأمن، لبحث الأحداث التي شهدتها إيران مؤخراً، حيث اعتبر أكثر أعضاء مجلس الأمن هذه الدعوة الأمريكية تدخلاً سافراً في شؤون إيران الداخلية ورفضوا رفضاً قاطعاً هذه السياسة، ومن بينهم حلفاء أمريكا مثل فرنسا وبريطانيا والكويت وغيرهم مما دعى رئيس الاجتماع إلى إنهائه بدون اتخاذ أي قرار، وبعد ما تحول الاجتماع إلى انتقاد قاسي والى محاكمة للولايات المتحدة وتدخلاتها السافرة والمنافية للقانون الدولي في شؤون الدول الأخرى. والى ذلك كانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد نددت بأغلبية ساحقة، بقرار ترامب، بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس، حيث " صوت128 بلداً لصالح التنديد بقرار ترامب (بما في ذلك جميع الحلفاء الرئيسيين للولايات المتحدة باستثناء "إسرائيل" )، مع 9أصوات فقط ضد القرار (من قبل دول مجهولة، مثل ميكرونيزيا وناورو وبالاو توغو)، وامتنعت 35 بلداً عن التصويت، كثير منهم من المتلقين للمعونة الأمريكية، بعد أن هددت الإدارة الأمريكية بحجب الدعم المالي للبلدان التي صوتت لصالح القرار.
وكل هذه المؤشرات وغيرها، تؤكد كما أشرنا، أن الولايات المتحدة، تنحدر نحو الأفول ونحو التفسخ والتفكك إن عاجلاً أو آجلاً، أما الكيان الصهيوني، فمادام يعتمد اعتماداً أسياسياً على الدعم الاقتصادي الأمريكي، ويتنفس من الرئة الأمريكية، فمن الطبيعي سيكون مصيره مصير الداعم الأساسي له، أي الضعف والأفول، وهذا ما بات يصرح به المسؤولون الصهاينة علانية، فبين الحين والآخر يؤكد لنا مسؤول صهيوني أن التهديدات التي بات الكيان يتعرض لها في ظل التراجع والأفول الأمريكي، هي تهديدات وجود، فهم يقولون لأول المسؤولين بأن (إسرائيل) محاصرة من قبل محور المقاومة.واعترف هؤلاء المسؤولون بأن (إسرائيل) وأمريكا وحلفائها العرب أخفقوا في فرض نظام إقليمي في المنطقة يلبي المصالح الأمريكية والصهيونية والعملاء، على الرغم من كل ما قاموا به من جلب قطعان التكفيريين وإثارة الفتن الطائفية والعرقية، وعلى الرغم من كل التدمير الذي قام به عملاء وأدوات أمريكا على خلفية التسليح والتمويل وإصدار الفتاوى الارهابية وما إلى ذلك كثير.. الصهاينة اليوم يعترفون بأن كل ما قاموا به وأمريكا والعملاء في المنطقة وعلى مدى سبع سنوات متتالية، ذهب سدى، واليوم محور المقاومة هو الذي يرسم معالم النظام الإقليمي في المنطقة وهذا ما يؤكده المفكرون والمحللون العرب أو بعضهم مثل المفكر المصري جميل مطر في مقالته " من يرث النظام الإقليمي " المنشورة في 19/1/2018، ومثل المفكر الفلسطيني الدكتور عبد الحي زلوم في مقالته المنشورة في 22/1/2018والتي يقول فيها "بالرغم من الانحطاط الذي نعيشه اليوم، لا يساورني شك في أن دولة الكيان الصهيوني تحمل بذور فنائها هي وحلفائها من الصهاينة العرب ذاهبون إلى مزبلة التاريخ ".
وفي ضوء ذلك، يتأكد للقاصي والداني أن رهان سلمان وابنه على أمريكا والآفلة وعلى حماية الكيان الصهيوني الذي هو الآخر يبحث عمن يحميه، هو رهان خاسر بكل المقاييس، ولعلّ عبدالعزيز ال سعود أذكى من حفيده في أنه تحالف مع قوة صاعدة هي الإمبراطورية البريطانية، التي بقيت قوة تتحكم بمصائر دول العالم لعشرات السنين، أما بن سلمان فهو يتحالف مع قوة آفلة، بل أكثر من ذلك، أن بن سلمان، لم يستفد من درس تحالف البارزاني رئيس إقليم كردستان العراق الأخير، عندما شجعته أمريكا والكيان الصهيوني على إجراء الاستفتاء وتعهدا بدعمه ومساعدته على استقلال الإقليم، لكنهما تخليا عنه عند إطلاق أول رصاصة عراقية ضد البيشمركة، وتركا مسعود البارزاني وبيشمركته واستفتاءه، في مواجهة هجوم القوات العراقية فسقط هو واستفتاءه سقوطاً مدوياً وشمت به الأصدقاء قبل الأعداء، وكذلك سيكون مصير بن سلمان، بل ومصير آل سعود فمن المؤكد، أن لا أمريكا ولا الكيان الصهيوني سوف يدافعان عن نظام آل سعود، خصوصاً إذا تحرك الشعب في نجد والحجاز وقرر التخلص من هذا النظام ، ورميه في مزابل التاريخ، التي احتضنت طواغيت وعملاء على شاكلة آل سعود، سبق أن رمت بهم شعوبهم في هذه المزابل.
عبد العزيز المكي
ارسال التعليق