ترامب عرّى نظام الحكم في الرياض
قال الكاتب البريطاني باتريك كوكبيرن، في مقال له بصحيفة الإندبندنت، إن تصريحات الرئيس الأمريكي التي وصفها بأنها "فجة وتفتقر للدبلوماسية واللياقة" تجاه الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، "أظهرت هشاشة النظام في السعودية وعَرّته لتظهر نقاط ضعفه".
الكاتب البريطاني ذكر في مقاله بأنه "على مدى نصف القرن الماضي، كانت هناك الكثير من التحليلات التي تشير إلى ضعف النظام السعودي، وأنه غير قادر على الصمود، وأنه سيتجزأ، غير أن كل تلك التحليلات ذهبت أدراج الريح، وحافظ هذا النظام على وجوده".
باتريك كوكبيرن، قال إن النظام السعودي حرص دوماً على أن يكون بعيداً عن الأخبار وتصدّر العناوين في الصحف ووكالات الأنباء، خاصة في ظل الأزمات الّتي مرّت بها منطقة الشرق الأوسط.
ويضيف: "لقد كانت نقاط القوة والضعف محلّ نقاش طويل، لكن نقاط الضعف في السعودية ظهرت بشكل صارخ بعد أن كانت تدور في الخفاء".
وبين أن ظهور نقاط الضعف "يعود لأسباب من بينها تصريحات ترامب التي قال فيها إن السعودية لا يمكن لها البقاء لأسبوعين دون حماية أمريكية، وأن عليها أن تدفع المال مقابل هذه الحماية".
وتابع: "إشارة ترامب المزعجة تجاه السعودية، جاءت متزامنة مع سبب أخر أظهر هشاشة النظام السعودي، وذلك بعد الأنباء التي تحدثت عن اختفاء الصحفي السعودي البارز والمنتقد لبلاده، جمال خاشقجي في أثناء مراجعته لقنصلية بلاده بمدينة إسطنبول التركية".
كوكبيرن يؤكد أن مصير خاشقجي يحمل رسالة مهمة عن الحالة الراهنة للسعودية، واصفاً الخطوات السعودية، فيما لو كان قد تم احتجازه قسراُ، بأنه "فعل غبي".
ويشير الكاتب إلى أن قضية اختفاء خاشقجي تضاف إلى سيل الدعاية السلبية التي تتعرض لها السعودية، وهي تضاف إلى سيل الانتقادات الكبيرة التي تتعرض لها الرياض بسبب الحرب في اليمن، المستمرة منذ أعوام، وأدت إلى مقتل الآلاف من المدنيين، ناهيك عن تعرض أكثر من خمسة ملايين يمني لخطر الموت جوعاً.
ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، "كان يأمل في صورة أكثر إيجابية في وسائل الإعلام الدولية، ولكن توقعاته كانت مخيبة للآمال"، بحسب الكاتب.
كوكبيرن يرى أن "الإصلاحات المزعومة بالسعودية، التي قادها محمد بن سلمان، كانت أقرب إلى التمني منها إلى الواقع. كان التشكيك يرافق كل حملة يقوم بها؛ فعملية إعادة توزيع الثروات فيما عرف بالحملة ضد الفساد لا يمكن لها أن تكون واقعية إن لم تحمل معها التضحية".
وإذا كانت المشاكل الاقتصادية في السعودية، خطيرة، بحسب الكاتب، "إلا أنها ليست كارثية، لكنها أيضاً ستؤدي إلى زعزعة استقرار المملكة التي تعد واحدة من أهم البلدان في العالم".
في مقاله، يسرد الكاتب جملة من الإخفاقات التي رافقت السعودية في عهد الملك سلمان وابنه محمد، ومنها: "الحرب السعودية على اليمن التي بدأت عام 2015، ولم تؤد إلى هزيمة الحوثيين، وإنما صنعت أكبر كارثة ومجاعة من عمل الإنسان".
وأضاف متحدثاً عن إخفاقات الملك سلمان وولده، أن من بينها "النظام السوري ورئيسه بشار الأسد الذي سعت السعودية لإسقاطه (..) ها هو يقترب من تحقيق الانتصار، في حين أدى حصار قطر الذي فرضته السعودية والإمارات، إلى زعزعة وإضعاف ممالك الخليج كلها، بينما يبدو أن الصراع مع إيران لا يمكن ان تكسبه السعودية أبداً".
ومثلما أكتشف ميخائيل غورباتشوف، رئيس الاتحاد السوفيتي السابق، فإن الإصلاحات من المرجح أن تقضي على أنظمة الحكم الحالية بدلاً من تحسينها، بحسب الكاتب.
ارسال التعليق