ترامب يتخلّى عن مبادئ بلاده ويتواطأ مع بن سلمان
ترجمة: منال حميداتّهمت مجلة نيوزيك الأمريكية رئيس بلادها، دونالد ترامب، بالتواطؤ مع ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان؛ من خلال عدم انتقاد السياسة الداخلية والخارجية التي يقودها، والمتمثّلة في حملات الاعتقالات ضد الدعاة ونشطاء حقوق الإنسان، والحرب على اليمن.
واعتبرت المجلة، في تحليل موسّع لها سيُنشر في عددها الذي سيصدر غداً الجمعة، أن الرئيس ترامب تخلّى عن القيادة الأخلاقية للولايات المتحدة في الدفاع عن حقوق الإنسان إذا ما تعلّق الأمر بالسعودية.
وأبرزت المجلة الأمريكية موقف الرئيس السابق للولايات المتحدة، باراك أوباما، من حرب اليمن، والتي كانت موافقة على مضض، بينما حافظ ترامب على الدعم الأمريكي للسعودية في حربها التي دخلت عامها الرابع.
وترى المجلة أن الكثير من منتقدي تلك الحرب يعتبرون أن الولايات المتحدة متواطئة ومشاركة في هذه الجرائم بسبب الدعم الأمريكي اللوجستي للتحالف العسكري.
وتعتقد المجلة أن العلاقة بين بن سلمان وترامب ستبقى علاقة مصالح متبادلة، وهو ما يفسّر التردّد الأمريكي في توجيه أي انتقاد للسعودية، مشيرة إلى أن كليهما؛ بن سلمان وترامب، يحتفظ بعلاقة شخصية جيدة مقابل علاقة بدأت بالتباين بين البلدين.
وتوصّلت المجلة إلى أن ولي العهد السعودي يستخدم ثروة بلاده لمعاقبة منتقديه وأعدائه، سواء من خلال الدبلوماسية العارية أو من خلال المعركة؛ كما يحصل في اليمن.
وأرجعت المجلة الموقف الأمريكي الصامت من حالة حقوق الإنسان في السعودية إلى الثروة النفطية الهائلة التي تمتلكها المملكة، إضافة إلى غضّ الطرف حتى عن تمويلها لدعم جماعات متشدّدة مثل طالبان وجبهة النصرة.
سياسة بن سلمان الداخليةواستعرضت المجلة سياسة بن سلمان الداخلية؛ حيث أُعجب الغرب -في مطلع عهد بن سلمان- بتحرّكاته التي وصفها البعض بالثورية، حيث سعى لتحديث السعودية وتطوير اقتصادها، ومنح المرأة حق قيادة السيارة، وافتتح دور السينما، وحجَّم دور هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كما تسرد المجلة.
بعد ذلك عمد بن سلمان إلى اعتقال وسجن العشرات من النشطاء ورجال الأعمال ورجال الدين والوزراء، ثم قاد حملة عسكرية في اليمن، وحاصر قطر بسبب علاقتها المزعومة مع إيران، كما أجبر رئيس الوزراء اللبناني، سعد الحريري، على تقديم استقالته.
وتُشير المجلة إلى أن العلاقات بين السعودية وأمريكا بدأت تتآكل، وهذا يعود إلى مرحلة الرئيس السابق، باراك أوباما، الذي كان يبحث عن طريقة لفكّ ارتباط الولايات المتحدة بالشرق الأوسط، حسبما توصّلت إليه المجلة الأمريكية.
وتوصّلت إلى أنه رغم ما يشوب العلاقة بين البلدين من توتّر، وإن كان غير ظاهر على السطح، فإن قدرة السعودية على الترويج للسياسة الأمريكية في العالمين العربي والإسلامي تتضاءل.
وقالت المجلة: إن "قرار السعودية تجميد العلاقات مع كندا؛ على خلفيّة الانتقادات التي وجَّهتها أوتاوا للرياض بسبب اعتقالات طالت ناشطات نسويات، كانت بمنزلة رسالة لدول العالم بعدم السماح بتوجيه أي انتقاد للسعودية، لأن ذلك سيكون له ثمن. بالمقابل وقفت الولايات المتحدة متفرّجة على تصرفات الرياض، رغم أنها مسّت أقرب أصدقاء الولايات المتحدة".
الاتفاق الأمريكي السعوديوسردت المجلة الاتفاق السعودي الأمريكي الذي وُقّع عام 1945؛ عندما التقى الرئيس الأمريكي دي روزفلت، بالملك السعودي المؤسّس، عبد العزيز آل سعود، على متن سفينة تابعة للبحرية الأمريكية كانت راسية في قناة السويس.
وجاء في الاتفاق وضع أُسس للعلاقة بين السعودية وأمريكا، حيث وافق الملك على ضمان وصول أمريكا للنفط السعودي من خلال أسعار تفضيليّة، بالمقابل تعهّد رزوفلت بحماية السعودية عسكرياً ضد الأعداء الخارجيين.
ومنذ ذلك الحين -حسب المجلة- تخلّل هذا الاتفاق 6 حروب عربية إسرائيلية، كان فيها موقفا واشنطن والرياض على طرفي نقيض، ورغم ذلك صمد هذا الاتفاق التاريخي.
وتستعرض المجلة العديد من الأحداث الكبرى التي عصفت بالمنطقة؛ منها حرب العراق وإيران في ثمانينات القرن الماضي، وحرب تحرير الكويت 1991، وتفجيرات 11 سبتمبر 2001، التي شارك بها مواطنون سعوديون، والغزو الأمريكي للعراق 2003، ورغم ذلك صمد الاتفاق التاريخي بين السعودية وأمريكا.
ومنذ اتفاق عبد العزيز-روزفلت، أحجمت الإدارة الأمريكية عن توجيه أي انتقاد للسعودية في ملف حقوق الإنسان، مفضّلة -عند الضرورة- أن تعالج تلك الأمور خلف أبواب مغلقة.
وترصد المجلة عدم توجيه ترامب أي انتقاد للسعودية والممارسات البشرية السيئة، بل إنه اختار الرياض لتكون أول محطة خارجية له عقب توليه الرئاسة، وبدأ مرحلة جديدة من العلاقة بين البلدين.
وتقول: إن "العلاقة تحوّلت إلى صداقة شخصية مع ولي العهد محمد بن سلمان، وهي علاقة يبدو أنها نشأت قبل وصول ترامب للرئاسة؛ فلقد كان الطرفان متّفقين على أهمية إلغاء الاتفاق النووي مع إيران، وأيضاً وجود رؤية موحّدة للشرق الأوسط".
وتطرّقت المجلة إلى حديث سفير الإمارات في واشنطن، يوسف العتيبة، في منتدى آسبن للأمن في كولورادو، يوليو الماضي، عندما قال إن على الولايات المتحدة ألا تتخلّى عن الشرق الأوسط، حيث ما زال هناك الكثير من الأشياء التي يجب فعلها في العراق وأفغانستان.
شراء السلاح الأمريكيوتشرح المجلة طبيعة العلاقة التي ربطت السعودية وأمريكا في مجال شراء السلاح، مؤكّدة أن الرياض اشترت أسلحة من واشنطن في عهد أوباما بقيمة 100 مليار دولار، ولكن رغم ذلك ذهب أوباما لتوقيع اتفاق نووي مع إيران رأت السعودية أنه كان بمنزلة طعنة في الظهر، ما فكّك نسيج الثقة بين الدولتين، وهو ما دفع بالرياض بعد ذلك لتنويع مصادر تسليحها.
وتنقل المجلة عن دبلوماسي عربي رفض الكشف عن اسمه، أنه عندما أعلن ترامب خلال زيارته للرياض أن السعودية ستشتري سلاحاً بقيمة 110 مليارات دولار من أمريكا، بدا الأمر وكأنه مزحة للوهلة الأولى، ولكن عندما زار بن سلمان أمريكا ورفع ترامب صورة عليها طائرات وأسلحة متنوّعة قطع الشك باليقين حول ذلك".
ويقول: إن "السعودية سوف تشتري هذه الأسلحة من أمريكا، فهي دولة ثرية للغاية وستعطي الولايات المتحدة بعضاً من تلك الثروة، ما سيوفّر وظائف للأمريكيين"، لذلك فإن ولي العهد السعودي انزعج من تلك الطريقة.
ارسال التعليق