تزايد الرفض الدولي لابن سلمان بسبب سياساته الطائشة
تتسع رقعة الرفض والنبذ التي يتعرّض لها ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان؛ بسبب سياساته الموصوفة بـ”الطائشة” داخل المملكة وخارجها، خلال عام ونصف تقريباً. وأكد المراقبون أن الرفض كان وليد التدخل في حرب اليمن بصفته وزيراً للدفاع السعودي، وأيضا بسبب تزايد حملة قمع للناشطين والمعارضين في المملكة، واتسع بعد تورّطه في جريمة قتل ابن موطنه، الصحفي جمال خاشقجي، مطلع أكتوبر الماضي.
وقال المراقبون إن ابن سلمان لم يُفلح في سد الرقعة لا عربياً ولا دولياً، على الرغم من جولاته التي يحاول فيها إعادة رسم صورته التي يقول مراقبون إنه “شوّهها بفعل انتهاكاته”؛ فوجد نفسه غير مرغوب به في حضور قمم ولقاءات بين كبار زعماء العالم.
وكشف المراقبون أن آخر رفض كان عبارة عن شرط أوروبي بعدم حضوره أول قمة مشتركة لقادة الجامعة العربية والاتحاد الأوروبي، التي تستضيفها مصر، اليوم الأحد وهي قمة تسيطر عليها أجواء انقسامات داخلية في التكتّلين، ومحادثات حاسمة بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد، لكن الشرط السائد كان عدم حضور ولي العهد السعودي، والرئيس السوداني عمر البشير.
وأكد المراقبون أن ولي العهد السعودي تعرّض لعزلة دولية منذ مقتل خاشقجي، في حين سيقود والده الملك سلمان وفد بلاده إلى القمة وأن هذا الرفض الأوروبي يضاف إلى سلسلة احتجاجات شهدتها عواصم أوروبية، على مدار العامين الماضيين، ضد ابن سلمان؛ بعد تورّط بلاده في “جرائم حرب” على الساحة اليمنية التي خلّفت ملايين القتلى والمشردين.
وقال المراقبون إنه بالإضافة إلى هذا الرفض هناك مشاهد ومواقف تعرض لها ولي العهد السعودي عندما حضر قمة الدول العشرين التي انعقدت في الأرجنتين، نهاية شهر نوفمبر 2018 ومنها مشاركته في القمة التي خلفت غضباً عارماً في صفوف المنظمات الحقوقية الدولية، الأمر الذي دعا عدداً من قادة الدول إلى تجاهل ولي العهد السعودي وتجنّب الحديث معه.
ولدى التقاط الصورة الجماعية لرؤساء وممثّلي الدول العشرين أخذ ابن سلمان يمين الصورة، موزّعاً نظراته وابتساماته الحرجة على نظرائه، فظهركأنه منبوذ من الجميع. وما إن التُقطت الصورة حتى ظهر محاولاً الخروج، في وقت لم يمنحه أحد اهتماماً، وبدأ يبحث عن مُخلّص من موقفه الحرج، فجاء الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، وخرجا معاً من المشهد الذي عجّ بالمصافحات الحارّة بين زعماء العالم المشاركين.
وزاد ابن سلمان الطين بلّة حين ظهر في مشاهد طأطأ فيها رأسه بشكل زائد، وتجنّب النظر المباشر بالعينين حين مرّ الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان.
وفي كواليس القمة أيضاً رفض أردوغان مصافحة ابن سلمان، وذلك على خلفيّة التوتر الحاصل بين البلدين بشأن قضية خاشقجي، في حين ظهر وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو في خلفية صورة وبدا وهو يرمقه بنظرات غاضبة.
كذلك أظهرت مقاطع مصوّرة من على هامش القمة الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، يتحدّث إلى ابن سلمان، وهو ما حاولت وسائل إعلام سعودية تزوير مضمونه، قبل أن يخرج الإليزيه لتفنيد ذلك. وخلص تقرير لوكالة “رويترز” نُشر بعد القمة، إلى أن اللقطتين (الصورة الجماعية والمصافحة) تشرحان المعضلة التي واجهت زعماء العالم المشاركين في القمة؛ وهي كيفية التعامل مع ابن سلمان.
وتتوالى المواقف الدولية الداعية لكشف الحقائق المخفيّة حول اغتيال خاشقجي، وإدانة الحرب في اليمن، وسط إجماع شبه دولي على مواقف وقف صفقات بيع السلاح إلى السعودية، ففي بيان لمديري وكالات الأمم المتحدة، جاء أن الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أكد لابن سلمان أهمية الوضوح التام بشأن مقتل خاشقجي ومحاسبة مرتكبيه، إضافة لضرورة دعم جهود حل الأزمة في اليمن ومواجهة المأساة الإنسانية.
بدورها أعلنت الخارجية الفرنسية، في ديسمبر الماضي، أن باريس تؤيّد منح التحقيقات بشأن مقتل خاشقجي بعداً دولياً، في خطوة من شأنها الضغط على السعودية لكشف الضالعين الحقيقيين في اغتياله. وأكدت رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، خلال اجتماعها مع ولي العهد السعودي، على هامش قمة العشرين، أهمية تعاون السلطات السعودية مع نظيرتها التركية في التحقيقات حول مقتل خاشقجي. ورغم موقف ماي، اتهم جيرمي كوربين، زعيم حزب العمال البريطاني المعارض، رئيسة وزراء بلاده بأنها لم تكن صارمة مع الديكتاتور المتهم بإصدار الأوامر بقتل الصحفي السعودي.
ارسال التعليق