جولة لفرانس برس في موقع الخوبة يكشف حجم الانهزام السعودي
الخوبة ـ السعودية ـ (أ ف ب) – تتناثر أقنعة غاز خلفها جنود سعوديون وسط حطام صدئ في نقطة عسكرية على الحدود مع اليمن دمرتها قذيفة، لتكون شاهدا جليا على أكثر من عامين من الحرب ضد المتمردين الحوثيين.
وتعد النقطة الواقعة في الخوبة وهي قرية مهجورة محاطة بجبال جرداء، واحدة بين عدة قواعد لحرس الحدود التي استهدفها الحوثيون منذ بدأ السعودية هجومها العسكري في اليمن عام 2015.
ورغم أن عمليات التوغل الخاطفة والهجمات الصاروخية التي شنها الحوثيون المدعومون من ايران لم تنه بشكل كامل سيطرة السعودية على حدودها الشاسعة، إلا أنها سلطت الضوء على انعكاسات النزاع في اليمن في الجانب السعودي من الحدود، حيث باتت عدة قرى على غرار الخوبة، مهددة.
وتظهر في الموقع آثار مواجهة جرت من مكان قريب. فالجدران المحترقة تبدو عليها الشظايا فيما امتلأ السقف المعدني بثقوب تسبب بها الرصاص والقذائف بينما تتجول قطة خلف تلة من الأثاث المحطم.
وأوضح العقيد الحميد من حرس الحدود السعودي أن أقنعة الغاز تم شراؤها خوفا من وقوع هجوم كيميائي محتمل.دون ان يبرز اسباب هذا الاحتمال.
ووصف القاعدة الواقعة مباشرة على الحدود بأنها تشكل “رأس الحربة” في المواجهة حيث أنها مكشوفة تماما لمواقع الحوثيين الجبلية على الجهة الأخرى، ما يعطي الحوثيين أفضلية من الناحية الاستراتيجية.
وشن الحوثيون الذين تبدو جغرافية المنطقة الوعرة مألوفة بالنسبة اليهم، عدة هجمات عبر الحدود للرد على الضربات الجوية التي نفذها الجيش السعودي ضد اهداف مدنية واخرى عسكرية في اليمن.
قادت السعودية التدخل العسكري في اليمن العام 2015 لاعادة حكومة الرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي بعدما أجبره الحوثيون على الفرار.
لكن بعد عامين، يبدو أن المملكة وجدت نفسها غارقة في مستنقع يصعب الخروج منه.
وبينما كانت تأمل بتحقيق نصر سريع ضد ما ترى أنه توسعا ايرانيا في ساحتها الخلفية، إلا أنها عجزت حتى الآن عن إزاحة الحوثيين حتى من العاصمة صنعاء.
وتعرضت مرارا كذلك إلى عمليات توغل عبر الحدود نفذها الحوثيون، ما زاد المخاوف من امتداد النزاع.
وقالت لوري بوغارت من معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، لوكالة فرانس برس “كان منع عمليات التوغل اليمنية أمرا في غاية الصعوبة”.
وأكدت أن “السعوديين لا يحاولون فقط حماية المدنيين (…) والبنية التحتية من عشرات الآلاف من القذائف والصواريخ البالستية التي يتم إطلاقها عبر الحدود،” مضيفة أن “هناك مسألة استراتيجية أوسع تتمثل بمحاولة تأمين سلامة اراضي المملكة الأساسية ايضا”.
ونشر الحوثيون عددا من التسجيلات الدعائية المصورة التي كشفت عددا كبيرا من عمليات التوغل التي نفذوها في الأراضي السعودية، واحداها داخل الخوبة التي تظهر حرس الحدود يفرون بشكل سريع.
ولا تصدر السعودية عددا رسميا لحصيلة القتلى الكاملة في صفوف جنودها إلا أن الإعلام الرسمي كثيرا ما ينشر نعوات لجنود يقول انهم (استشهدوا)
وتشير احصائيات غير رسمية إلى أن الهجمات عبر الحدود تسببت بمقتل 140 جنديا على الأقل في السعودية منذ آذار/مارس 2015.
ونظرا للوجود العسكري السعودي الواسع على الحدود وقوته الجوية المتفوقة، سيكون على الحوثيين بذل الكثير للمحافظة على أراض قد يستولون عليها.
ولكن الخبراء يشيرون إلى أن عمليات التوغل التي يقومون بها تشكل نصرا دعائيا بالنسية إليهم.
وقال آدم بارون، الخبير بالشأن اليمني في المجلس الاوروبي للعلاقات الخارجية إن “تعريف النجاح العسكري بالنسبة للحوثيين الذين لا يملكون موارد كافية مختلف بشكل كبير عن ذاك الذي يضعه السعوديون”.
وأضاف “حتى لو واجهتهم حصيلة مرتفعة للقتلى، يخترق الحوثيون الأراضي السعودية كطريقة ليقولوا لأنصارهم: +انظروا، نحن نهزم عدوا قويا نحن نحتل أراضيهم+”.
– “أين الحرب؟” –
تأثر المواطنون السعوديون العاديون كذلك بالقتال اذ تم اجلاء آلاف السكان من البلدات الحدودية في جنوب غرب البلاد لإقامة منطقة عازلة.
وفي المحافظات الحدودية مثل جيزان ونجران، سقطت آلاف القذائف والصواريخ دون ان تستطع القوات السعودية عمل شيئ بازائها.
لوبينما كان حرس الحدود يصرون على أن الحياة لا تزال تمضي بشكل طبيعي.
وعلى المنعطف، دخل الموكب ما بدا أنه مدينة أشباح.
وتم نقل آلاف السكان الذين يعيشون في المناطق الحدودية إلى مواقع أكثر أمنا فيما خلفت قذائف الهاون حفرا كبيرة في الأرض.
وفي مفارقة غريبة قال الحميد “الحوثيون سرطان. إن كنتم تملكون القوة، استهدفونا. لماذا تقتلون المدنيين والنساء والأطفال؟”.
بينما تواجه السعودية نفسها مرارا اتهامات باستهداف المدنيين في اليمن.
والأسبوع الماضي، أدرجت الأمم المتحدة التحالف الذي تقوده الرياض على لائحة الدول التي ترتكب جرائم بحق الأطفال في اليمن.
ولكن بالنسبة لحرس الحدود، الخطر من اليمن هو خطر وجودي.
ولدى خروجه من عربته المصفحة، انخفض الحميد قليلا خوفا من القناصة الحوثيين والمقاتلين المتواجدين في التلال المحيطة، واصفا المكان بـ”منطقة القتل”.
ارسال التعليق