هل تعلم
حصار قطر قصم ظهر السعودية وزاد تخبطها السياسي والعسكري
في مسلسل يمتدّ لأكثر من 5 عقود من الزمن، أهدرت السعودية الكثير من الفرص مع ارتكاب أخطاء لا تغتفر في سياستها الخارجية، ودأبت على حصد نتائج عكسية على المستوى الدولي والإقليمي.
ونقل موقع الخليج أونلاين عن العديد من المراقبين لشؤون الشرق الأوسط قولهم إن محاصرة السعودية وحلفائها لقطر قد تكون «القشة التي قصمت ظهر البعير»، وبداية غياب دور الرياض ونفوذها ومضيها في طريق اللاعودة.
وقال الموقع لقد شنّت الرياض وأبوظبي والمنامة في 5 يونيو2017 وفي موقف مفاجئ ومن دون مقدمات، حرباً إعلامية شرسة، وأعقبها فرض حصار اقتصاديّ وسياسيّ وإغلاق الحدود البرية والجوية والبحرية على دولة قطر، بزعم دعم الإرهاب، وهو ما نفته قطر، رغم أن القوات القطريّة كانت تحرس حدود السعودية الجنوبية، موضحاً أن هذا الموقف يضاف إلى سجل السعودية في «التهور» وعدم ضبط بوصلة سياستها الخارجية.
وفيما يتعلّق بالموقف من الأردن، قال الموقع إنه يبدو أن الأردن قد حسم خياراته السياسية، بالاستدارة المطلقة نحو المحور «التركي - القطري» المتوازن، وسط دفء غير مسبوق بالعلاقات.
نجاح قطر في إفريقيا حاصر السعودية
قال الموقع الخليجي إنه بعد فشل الحصار الذي فرضته الدول الأربع، في يونيو من 2017، في الضغط على قطر ونجاح الأخيرة في التحليق فوقه على الصعد كافة؛ السياسية والدبلوماسية والاقتصادية، بدأت بعض الدول مُراجعة حساباتها، وأعادت العلاقات مجدداً، في حين فشلت ضغوط سعودية وإماراتية في حمل دول عربية وإفريقية وآسيوية على تبنّي موقفيهما.
وأضاف في مسلسل تراجع حلفاء الرياض، انضمت تشاد إلى قافلة المنقلبين على دول حصار قطر، بعدما وقّعت مذكرة تفاهم مع الحكومة القطرية، تقضي باستئناف العلاقات بين البلدين وعودة سفيريهما، وذلك بعد 7 أشهر من قطع العلاقات.
كما خسرت السعودية موقف جمهورية السنغال بتراجعها عن قرار قطع العلاقات مع الدوحة في أغسطس 2017، وإعادة سفيرها إليها بعد نحو شهرين من استدعائه للتشاور، وهو القرار الذي اتخذته في ذلك الحين كإجراء تضامني مع دول الحصار.
ويؤكّد الكاتب والمحلل السياسي وليد زيادين لـ»الخليج أونلاين»، أن «الأردن قرر الخروج من حالة العزلة التي يعيشها؛ بل حالة التجاهل التام من قِبل السعودية والإمارات، أبرز حلفاء عمان، أحد أسباب هذه العزلة يتمثل في تجاوز دوره باعتباره وسيطاً للاتصالات مع إسرائيل، أو في محدودية دوره في القضية الفلسطينية بشكل عام».
وأكّد الموقع أن السعودية لا تزال تحصد المزيد من النتائج العكسية لسياستها الخارجية، بداية من اتفاقية النفط مقابل الدولار مع واشنطن في سبعينيات القرن الماضي، ثم العلاقات مع نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين ضد إيران، ثم التحالف مع طهران ضد نظام صدام، وبعدها دعم حزب الله في لبنان لمُواجهة منافسيه ثم العكس.
كما برز ذلك في تحالفها مع الرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح والحوثيين ضد حزب الإصلاح اليمني، ثم العكس، وإنشاء التحالف العربي لإعادة الشرعية في اليمن، وتخلّي دول كانت حليفة عن دعمها، وتصاعد الخلافات مع الأردن، فضلاً عن محاصرة دولة قطر، وكذلك التخلي عن باكستان.
السعودية تخلّت عن الأوبك
منذ اتفاق «البترودولار» بين السعودية وأمريكا على التعامل ببيع المشتقات النفطية بالدولار بدل نظام «برتن وودز»، في يونيو 1974، ساعدت الرياض على تزعم أمريكا للنظام العالمي مالياً وسياسياً، مقابل حماية أسرة «آل سعود» من الأخطار الجانبية، لكن هذه العلاقة شابها الكثير من الشد والجذب بين الطرفين.
اعتبر النظام السعودي اتفاقية «البترودولار» أنها «مدهشة»؛ لأن أمريكا لن تطلب من الرياض النفط ولا الأموال، إنما بيع النفط بالعملة التي تحددها واشنطن، وبذلك ستفتح لهم أبواب الغنى والرفاهية، لكن أمريكا كانت «ماكرة» ببراعة في نسج بنود تلك الاتفاقية؛ لضرب خصومها، والسيطرة على مقدرات السعودية ودول العالم، بحسب ما تذكر الكاتبة التركية مروة شبنام أوروج، في مقال لها بصحيفة «يني شفق» عام 2016.
ونقل موقع الخليج أونلاين عن شبنام أوروج قولها إن السعودية ضربت ببقية دول العالم، خصوصاً أعضاء منظمة «أوبك»، عُرض الحائط بهذا الاتفاق، وبالدول الفقيرة أيضاً، على حساب مصالحها.
وقال إن ذلك أدّى إلى إغراق أكثر من 100 دولة نامية بديون فاقت نسبتها 150% بين عامي 1973- 1977، ومنذ ذلك الوقت رسّخت الرياض صورة سيئة عن سياستها «الانتهازية» في أذهان مُعظم دول العالم.
السعودية تنزف في اليمن عسكرياً ومالياً
على مدى عقود كان رجل السعودية في اليمن هو علي عبد الله صالح، وأنقذ حياته الأطباء السعوديون إثر تعرّضه لهجوم بالقنابل وإصابته بحروق بليغة، واتفقت السعودية مع الإمارات على دعم الحوثيين وصالح، وشجعوهم على الزحف باتجاه العاصمة اليمنية صنعاء ضد حزب التجمع اليمني للإصلاح، الذي فاز بالانتخابات بعد ثورة فبراير 2011، بحسب ما ذكر الجنرال السعودي المتقاعد أنور عشقي، في مقابلة بثتها قناة «روسيا اليوم» مؤخراً.
وكانت خطة محور الرياض-أبوظبي تقضي بإشعال حرب مع الإصلاح، إلا أن الخطة جاءت بنتائج عكسية مذهلة؛ ذلك أن محور الحوثيين-صالح دخلوا صنعاء دون مقاومة، ثم بدؤوا الزحف نحو عدن، ليدرك السعوديون خطأ ما ارتكبوه، إذ وفروا لإيران مدخلاً جديداً في المنطقة، ولم تكن لديهم خطة بديلة أو خيارات تذكر، لتلجأ الرياض إلى إنشاء تحالف عسكري وشنّ حملة قصف جوي أحرقت الأخضر واليابس، وأدّت إلى تشويه صورتها في المجتمع الدولي ولدى المنظمات الحقوقية.
انتخاب عون رئيساً للبنان ضربة مرتدة وصفعة للسعودية
مثَّل انتخاب ميشال عون رئيساً للبنان، في أكتوبر عام 2016، بضمانة الدعم الذي قدّمه له سعد الحريري، رجل الأعمال الذي طالما أغدق عليه السعوديون بسخاء، ضربة مرتدة وصفعة بالنسبة للمملكة، لا سيما أن عون مدعوم من قبل حزب الله ونظام بشار الأسد، رغم أنه قاتله عندما كان جنرالاً في الجيش، بحسب ما يذكر الكاتب البريطاني ديفيد هيرست، في مقال نشره موقع «ميدل إيست آي» عام 2016.
ويسرد الكاتب البريطاني في مقاله عدداً من «الخطايا الإستراتيجية»، ويقول: «ما من دولة عربية مجاورة إلا ولها حكاية يمكن أن تسردها حول التأرجح والمزاج المضطرب الذي تعبر عنه الرياض بعبارة «السياسة الخارجية»، لا سيما العلاقة مع العراق».
الرياض منحت نظام صدام حسين 25 مليار دولار
منح السعوديون نظام صدام حسين 25 مليار دولار على شكل قروض منخفضة الفائدة ليخوض حربه مع إيران على مدى ثمانية أعوام. وفي عام 1990، بعد عامين من انتهاء الحرب، كان صدام يغرق في الدين، وسعت الرياض والكويت إلى النيل منه وتقويض نظامه من خلال رفضهما تخفيض إنتاج النفط، وكان ذلك واحداً من الأسباب التي دفعته إلى غزو الكويت. بعد ذلك، دفع البلدان، السعودية والكويت، ما مقداره 30 مليار دولار إلى الولايات المتحدة الأمريكيّة لتشنّ ما بات يعرف بحرب الخليج الأولى في عام 1991، بحسب «هيرست».
50 مليار دولار من السعودية والإمارات لمصر لوأد الثورة
سجّلت السعودية أكبر خطيئة ارتكبتها على الإطلاق حينما قرّرت الوقوف في وجه الثورة المصرية.
أنفقت الإمارات والسعودية ما يزيد على 50 مليار دولار على رجل فشل فشلاً ذريعاً في جلب الاستقرار إلى مصر، وانتهى به المطاف أن يغازل عدو السعودية، إيران، لا سيّما في مجلس الأمن الدولي، ووقوفه إلى جانب نظام الأسد ضد الرياض وحلفائها، وإقامة علاقات مع حزب الله والحوثيين في اليمن؛ ذلك لأنّ علاقة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تقوم على الدفع «المسبق».
قانون جاستا بدد شهر العسل السعودي الأمريكي
بعد سيطرة أمريكا فعلياً على الاقتصاد العالمي وتعقبها لمناجم النفط الأحفوري وإمكانية الاستغناء على النفط التقليدي، بدا شهر العسل بين «الغريمين» على حافة النهاية، ووصلت العلاقات بينهما إلى طريق مسدود مرّ بالعديد من العقبات، لا سيما بعد أحداث 11 سبتمبر وتوجيه واشنطن أصابع الاتهام إلى الرياض، وينتهي هذا المشهد بإقرار الكونجرس قانوناً يعاقب السعودية ويفتح المجال لمقاضاتها، ويحملها مسؤولية تفجيرات نيويورك، قبيل انتهاء فترة حكم الرئيس الأمريكيّ السابق باراك أوباما، الذي عرف بقانون «جاستا». وانتفضت السعودية حينها، وبدت كأن حالة الطلاق مع أمريكا قائمة لا محالة، وهدّدت الرياض بسحب أموالها في أمريكا (750 مليار دولار)، وجال المسؤولون دول العالم؛ لاستجداء تصريحات من هنا وهناك تستنكر إقرار القانون، وبلغت حالة «الهستيريا» فيها إلى مستوى لم تصل إليه من قبل؛ لتأتي الانتخابات الأمريكيّة بالرئيس دونالد ترامب، ويصبح المُنقذ لها ويبدد مخاوفها، وترجع العلاقات كأن شيئاً لم يحدث، بل زادت من استثماراتها في الخزانة الأمريكية بعد أن عزمت على سحبها.
ارسال التعليق