خراب اختارته الرياض بعد مغادرة المفرزة القطرية.... الحد الجنوبي .. نزيف الخاصرة السعودية
المسار الجاري للمعارك في الحد الجنوبي للسعودية لا يدل بحسب مراقبين على أن الرياض استخلصت الدروس المناسبة للتجربة.
فبعد 3 سنوات منذ اندلاع القتال في اليمن وتدخل التحالف العربي بقيادة السعودية، اتسعت رقعة القتال حتى اجتازت حدود السعودية نفسها، وبدلا من أن تفي قيادة التحالف بوعدها بالحسم السريع للقتال في اليمن، تسبب المقاتلون الحوثيون في خسائر فادحة في العتاد والقتال تكبدها الجيش السعودي الذي بدا بعد مغادرة المفرزة القطرية التي رابطت في الحد الجنوبي، غارقا في حرب لا يعرف كيف ينهيها بعدما تكشف عن مقتل 100 جندي سعودي فقط منذ مايو الماضي تاريخ مغادرة القوة القطرية بطلب من السعودية التي بدلا من رد الجميل قامت بمحاصرة قطر وغلق منافذها الجوية والبرية أمامها.
نزيف الخاصرة
بدأت المعركة بين الحوثيين وقوات المخلوع علي صالح من جهة والسعوديين من جهة عام 2015 وتركزت المواجهات في 3 مناطق هي عسير - جازان - نجران التي تسمى الحد الجنوبي مع اليمن.
التوغل في الأراضي السعودية والتحصين في القرى والبلدات والجبال جعل الحوثيين يتفوقون بمراحل في حربهم في خاصرة السعودية. وقد شكلت السلاسل الجبلية الثلاث لمحافظة صعدة شمالي اليمن نقطة قوة للحوثيين، فتمكنت مدفعيتهم من استهداف المواقع السعودية وأعاقت قصف القوات السعودية أهدافا من الجو.
عدد القوات السعودية الموجودة على الحدود اليمنية وصل إلى نحو 100 ألف جندين وهذا يكلفها نحو 50 مليار دولار سنويا بصورة نفقات عسكرية.
مدينة نجران التي تحولت إلى خراب تبعد نحو 20 كيلومترا فقط عن الحدود اليمنية، ما يجعلها عرضة حتى لأسلحة الحوثيين التكتيكية القصيرة المدى. ومنذ منتصف أغسطس 2015 تقوم فرق المشاة الخفيفة لدى الحوثيين باجتياح الحصون الحدودية وايقاع الجنود السعوديين في كمائن قاتلة، وأظهرت مقاطع فيديو نشرها الحوثيون خسائر الجيش السعودي من مروحيات الأباتشي والدبابات مختلفة الأنواع مثل ام 1 ابرامز والمركبات القتالية ام 2 برادلي وناقلات الجنود المدرعة والمجنزرة، بالإضافة إلى خسائر في المركبات المقاومة للألغام والمضادة للكمائن.
موقع ديفنس 1 المتخصص في رصد الاتجاهات المتحددة في رسم مستقبل الدفاع والأمن القومي الأمريكي أن السعودية تعتزم شراء 150 دبابة أبرامز 20، منها ستحل محل الدبابات التي فقدت في الحد الجنوبي، إضافة إلى أن السعودية تكبدت خسائر فادحة جراء الكمائن التي نصبها السعوديون للقوافل العسكرية السعودية واجتياح الحوثيين نقاطا حدودية. كما استولوا على مواقع تابعة لحرس الحدود السعودي بعد مغادرة القوات القطرية التي وفرت حماية كاملة لتلك المناطق، وبعد رحيلها سيطر الحوثيون على قرى غير مأهولة جنوب شرق عسير.
وبعد رحيل القوات القطرية ومنذ مايو نجحت الصواريخ الحوثية في الوصول إلى مناطق البحر الأحمر انطلاقا من الحد الجنوبي، بما في ذلك الطائف وجدة وأصبحت جميع مطارات المناطق الجنوبية تحت التهديد.
كما أطلق الحوثيون نحو 60 ألف قذيفة بمعدل 20 - 50 قذيفة يوميا، كما كثفوا هجماتهم على أبراج المراقبة الحدودية لتتم بمعدل 6-10 عمليات شهريا، ما أسفر عن مقتل نحو 100 جندي وضابط منذ مايو الماضي تاريخ بدء الحصار على قطر والطلب من المفرزة القطرية مغادرة الحد الجنوبي وحتى 22 سبتمبر الماضي.
واعترف عبدالله المعلمي مندوب السعودية في الأمم المتحدة بقيام الحوثيين بتنفيذ أكثر من 1700 خرق للحدود السعودية وقتلا أكثر من 500 مدني في المملكة.
آثار الخراب في الحد الجنوبي تجلت في توقف معظم الشركات العاملة في المنطقة، والتي لاتزال قيد العمل تعمل بشكل جزئي. وتم إخلاء نحو 10 قرى حدودية وأكثر من 7 آلاف شخص وإغلاق أكثر من 500 مدرسة.
وعلق العميد هشام جابر الخبير العسكري اللبناني على تهديد الحوثيين للعمق السعودي، قائلا إن طبيعة الأرض ( 400 كيلومتر) جبلية وتشرف على الأراضي السعودية، فضلا عن أنه لا مجال رغم التفوق العسكري السعودي، إلا أن الإصابات أكثر في الجانب السعودي، فالحوثيون يقاتلون على أرضهم ومعنوياتهم مرتفعة. ولم يكتف هؤلاء بالدفاع عن المناطق الحدودية الجبلية التي من الصعب جدا على دبابات ابرامز وغيرها اختراقها وتطور الجانب اليمين وبعد أكثر من سنتين ونصف تطور الحوثيون من الدفاع إلى الهجوم، وتحديدا منذ مايو الماضي بعد مغادرة المفرزة القطرية ونجحوا في شن عمليات إغارة كر وفر باتجاه المناطق السعودية، ما أوقع هذا العدد الكبير من القتلى العسكريين والمدنيين وأدى إلى تهجير القرى، رغم أنهم لا يتمتعون لا بغطاء جوي وليس لديهم سلاح جو استطاعوا أن يسيطروا على الثكنات العسكرية والقرى الحدودية، متسائلا أين هو التقدم السعودي؟ مؤكدا أن السعوديين انتقلوا اليوم إلى موقع الدفاع فقط فهم لا يريدون لحفظ ماء الوجه التوقف عن الحرب التي أوقعت أكثر من ألف جندي وفق تقديرات المراقبين، والتي لم يعترف بها الجانب السعودي حتى الآن.
وأكد جابر أن التكتيك الذي يتبعه السعوديون في الحد الجنوبي خاطئ، فاستراتيجية الدخول في الحرب كانت خاطئة وكان يفترض أن تستند إلى معلومات دقيقة قبل انطلاقها، وعندما طالعنا الضابط العسيري قبل ثلاث سنوات وأخبرنا أنه بعد أسبوعين سنكون في صنعاء، أسفنا بدلا من أن نضحك فلا أسبوعان ولا سنتان استطاعت أن تحسم المعارك، فضلا عن أن التكتيك الحربي أيضا خاطئ للغاية بعد تمكن الحوثيين من القفز من الجبال وشن حرب عصابات على القوات النظامية التي تبلغ نحو 100 ألف عسكري.
وقال اللواء جابر إن العلوم العسكرية تقتضي بوجود ما يسمى استراتيجية الدخول في الحرب وأنه إذا فشلنا بها، فيجب التوقف فورا عن الاستمرار في هذه الحرب، وهذا ما يدركه الضباط السعوديون الذي يقاتلون رغما عنهم بفعل قرار سياسي خاطئ صادر من الرياض وأن القرار العسكري يقتضي اللجوء فورا إلى استراتيجية الخروج، لكنه العناد الذي تمارسه السعودية على حساب دماء أبنائها وبعد سنتين ونصف لم تقتنع بأنه لا مجال لحسم المعركة، وأن عدم الانتقال إلى استراتيجية الخروج سيديم الحرب سنوات قادمة وبعد وضع الأمم المتحدة السعودية على اللائحة السوداء بسبب قتل المدنيين فلا يلوح في الأفق نهاية عسكرية قريبة حاسمة.
ارسال التعليق