في أول تعقيب رسمي.. السعودية ترفض تقديم استنتاجات عن المفاوضات مع إيران
التغيير
رفض مسئول في وزارة خارجية المملكة تقديم استنتاجات عن المفاوضات مع إيران وذلك في أول تعقيب رسمي من الرياض.
وأكد رائد قرملي مدير إدارة تخطيط السياسات بوزارة الخارجية في المملكة لوكالة رويترز إجراء محادثات بين المملكة وإيران.
وقال قرملي إن المحادثات تهدف إلى خفض التوتر في المنطقة لكن من السابق لأوانه الحكم على النتيجة، مضيفا أن الرياض تريد أن ترى “أفعالا يمكن التحقق منها”.
وتمثل تصريحات قرملي أول تأكيد علني من جانب الرياض لإجراء محادثات مباشرة مع طهران.
وقال قرملي: “نأمل في نجاح المحادثات لكن من السابق لأوانه التوصل إلى أي استنتاجات محددة”.
وفي تحول دراماتيكي، دعا محمد بن سلمان إلى تحسين العلاقات مع إيران لكن هل هذا الاهتمام المتجدد في إصلاح العلاقات بين طهران والرياض حقيقي أم تحول تكتيكي استلزمته التطورات على الساحة الدولية؟
حاول محللون ووسائل إعلام إخبارية تقديم إجابات على هذا السؤال خلال الأسابيع القليلة الماضية بعد موجة من التكهنات التي بدأت في أعقاب ظهور عدة تقارير صحفية في وسائل الإعلام الغربية توحي بأن مسؤولين من إيران و المملكة عقدوا اجتماعا مباشرا في بغداد لأول مرة منذ سنوات.
وعلى المستوى الرسمي، خرج الرئيس العراقي، برهم صالح ليقطع الشك باليقين حيث أعلن يوم الأربعاء، أن بغداد استضافت أكثر من جولة حوار واحدة بين المملكة وإيران خلال الفترة الماضية.
ولم يدل صالح بمزيد من التفاصيل.
بينما كان الجدل حول محادثات بغداد لا يزال مستمراً، زاد محمد بن سلمان من تأجيج الجدل من خلال مد غصن الزيتون على إيران بعد أكثر من خمس سنوات من الخطاب المتشدد ضد البلاد.
وقال بن سلمان في مقابلة تلفزيونية الأسبوع الماضي: “في نهاية المطاف، إيران دولة مجاورة. كل ما نطلبه هو أن تكون لنا علاقة جيدة ومتميزة مع إيران. لا نريد أن يكون الوضع مع إيران صعبًا. على العكس من ذلك ، نريدها أن تزدهر وتنمو لأن لدينا مصالح للممكلة في إيران، ولديهم مصالح إيرانية في المملكة، وهي دفع الازدهار والنمو في المنطقة والعالم بأسره”.
كما أعرب عن أمله في أن تتمكن بلاده من التغلب على بعض التحديات التي تؤثر على العلاقات الإيرانية مع المملكة و”بناء علاقة جيدة وإيجابية” مع إيران.
ورحبت إيران بتغيير لهجة المملكة دون أي تردد. وقال سعيد خطيب زاده المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية في بيان “الجمهورية الإسلامية الإيرانية كانت رائدة في طريق الصداقة والتعاون الإقليمي وترحب بالتغيير في لهجة المملكة.”
ومع ذلك، هناك بعض المخاوف في إيران من أن هذا التغيير ليس سوى محاولة أخرى من قبل بن سلمان لاستخدام خفض التصعيد التكتيكي مع إيران للصمود في وجه العاصفة على الأقل في الوقت الحالي.
تتعرض المملكة لضغوط متزايدة من الدوائر السياسية في واشنطن منذ أن تولى جو بايدن منصبه في يناير الماضي.
كان الضغط ملموسًا بشكل خاص في اليمن حيث تورط بن سلمان، في حرب لا نهاية لها للقضاء على ما يسميه نفوذ إيران هناك.
أنهت إدارة بايدن الدعم العسكري الهجومي للمملكة في حرب اليمن ، على الرغم من أن البيت الأبيض سعى في الوقت نفسه لمساعدة نظام آل سعود على إيجاد مخرج يحفظ ماء الوجه من مستنقع اليمن.
بالإضافة إلى ذلك، فإن سياسة إدارة بايدن المعلنة بالعودة إلى الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015 وضعت الرياض في مأزق حيث ألقى آل سعود بثقلهم وراء حملة ترامب لقتل الاتفاق النووي.
من أجل مواجهة هذه التحديات، شرع بن سلمان في سياسة جديدة للتخفيف من حدة الخطاب المتشدد ضد عدد من الجيران. بدأ مع قطر ثم إيران، وفي نهاية المطاف، اشتمل نهجه الجديد على تقارب نادر مع جماعة أنصار الله في اليمن، وهي نفس المجموعة التي كان يقاتلها منذ عام 2015.
يعود الانفتاح الجديد على الحوار مع إيران جزئيًا إلى الاعتقاد بأن حل بعض مشاكل المملكة مرهون بعلاقات أفضل مع إيران، وليس إعادة نظر حقيقية في أن التعايش بين إيران والمملكة هو الحل الوحيد القابل للتطبيق الذي يخدم مصالح البلدين.
وذكرت صحيفة “الأخبار” اللبنانية أن نظام آل سعود قدم خلال محادثات بغداد قائمة عروض وإغراءات.
ونقلاً عن مصادر مطلعة على الأمر، قالت الصحيفة إن آل سعود طالبوا بشكل أساسي في المحادثات بإنهاء الصواريخ والطائرات المسيرة التي يطلقها أنصار الله ضد أهداف في المملكة، مما يعزز الاعتقاد بأن المحادثات كانت ضرورة لابن سلمان.
كما أعرب آل سعود عن استعدادهم لقبول دور أكبر لأنصار الله في اليمن. علاوة على ذلك، أكد وفد نظام آل سعود للإيرانيين أن الرياض لا تريد تطبيع علاقاتها مع إسرائيل، ومستعدة لفتح فصل جديد في العلاقات مع طهران ، بحسب “الأخبار”.
وقالت الصحيفة اللبنانية أيضًا إن وفد المملكة أبلغ فريقه الإيراني أن الأمريكيين يسعون إلى السيطرة على محمد بن سلمان رغم أنهم يعتقدون أنه سيحكم المملكة لفترة طويلة.
لذلك، يبدو أن بن سلمان اكتشف أنه ليس لديه خيار آخر سوى التوصل إلى تفاهم مع طهران في ضوء اقتناعه بأن طهران وحدها لديها المفاتيح لإخراجه من مشاكله.
بن سلمان منهمك في تمهيد الطريق لهذا التحول التكتيكي. قام وزير الخارجية فيصل بن فرحان بزيارة إلى قطر وسلطنة عمان بعد وقت قصير من زيارة نظيره الإيراني للدولتين.
علاوة على ذلك، دعا الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود السلطان العماني هيثم بن طارق لزيارة المملكة.
ويقول مراقبون إن صياغة موقف خليجي موحد بشأن الحوار مع إيران قد يكون الهدف الفوري والملح للمملكة ، بهدف خلق زخم لتحسين ظروف الحوار.
ارسال التعليق