لماذا لا يحاسب ابن سلمان بتهمة قتل خاشقجي
سلط موقع ذا إنترسبت الضوء على موقف إدارة الرئيس الأمريكي من السعودية ونتائج التحقيق الأممي الذي استغرق 5 أشهر حول مقتل الصحفي“جمال خاشقجي”.
وقال الموقع الأمريكي: إن التحقيقات استندت على استخدام التسجيلات وأدلة الطب الشرعي من داخل قنصلية السعودية في إسطنبول، حيث قتل “خاشقجي”، ويعرض التقرير تفاصيل اللحظات الأخيرة المروعة بحياة الصحفي. وأشار التقرير إلى أن “خاشقجي” قاوم أولاً ضد قتلته، وبعد ذلك “تم حقنه بمهدئ،ثم خنقه باستخدام كيس بلاستيكي”.
وتلقي مؤلفة التقرير، “أغنيس كالامارد”، المقررة الخاصة لوكالة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان المعنية بحالات الإعدام خارج نطاق القضاء، بالذنب بجريمة القتل على السعودية، والتورط المباشر لولي العهد السعودي “محمد بن سلمان”.
ووصف التقرير اغتيال “خاشقجي” بأنه “إعدام متعمد”، و”قتل خارج نطاق القضاء” تعد الدولة السعودية مسؤولة عنه بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان”. ودعت “كالامارد” الأمين العام للأمم المتحدة إلى إجراء تحقيق جنائي دولي.
كما أشارت “كالامارد” إلى “النفي المستمر من قبل المملكة لمعرفتها بمكان خاشقجي”، و”تنظيف مسرح الجريمة” في أعقاب القتل، وافتقار المملكة للشفافية، وجهود التستر، وإعاقة إنفاذ القانون التركي، كأدلة على رغبة المملكة بعرقلة العدالة.
كما أعربت عن أسفها لمقاضاة السعودية “السرية” ل 11 سعودياً يُعتقد أنهم مرتبطون بالجريمة، وأنهم تمت محاكمتهم بهدوء ودون الكشف عن هوياتهم داخل المملكة. ووفقاً للتقرير، فشلت هذه الإجراءات السعودية في الوفاء بالمعايير الدولية، وبناء عليه، يجب تسليم مسؤولية التحقيق إلى المجتمع الدولي.
وقال موقع ذا إنترسبت، لقد عززت النتائج مصداقية الرأي العام، الذي حمل الحكومة السعودية بالفعل، و”ابن سلمان” شخصياً، مسؤولية مقتل “خاشقجي”. ومع زيادة عدد التفاصيل المؤكدة، يعكس التقرير أيضاً إلى حد كبير استنتاجات مجتمع الاستخبارات الأمريكي، الذي أعلن بعد شهر من القتل أن “ولي العهد” أمر على الأرجح بقتل “خاشقجي”.
وخصت “كالامارد” واشنطن، ودعتها للقيام بواجباتها تجاه “خاشقجي” كونه مقيماً قانونياً في الولايات المتحدة، ما يجعلها مختصة بالتحقيق والملاحقة.
كما طالبت الحكومة الأمريكية بتصحيح فشلها في تلبية طلبات الإفصاح عن المعلومات بموجب قوانين حرية المعلومات. ورغم التفاصيل الموثقة للغاية في التقرير التي تقشعر منها الأبدان، فمن المرجح أن يستمر غض الطرف عن حجج “كالامارد” الواضحة.
وأضاف الموقع منذ بداية قضية “خاشقجي”، وضع الرئيس “دونالد ترامب” نفسه بقوة كمدافع عن السعودية و”ابن سلمان” على وجه الخصوص. ونفى “ترامب” مراراً وتكراراً الاتهامات الموجهة لولي العهد، ووصفه بأنه “حليف جيد جداً”، ورفض قبول نتائج الاستخبارات الأمريكية. وبدلا من ذلك، طمأن الرياض بتغريداته وخطاباته على حد سواء، واستخدم حق النقض “الفيتو” للحفاظ على دعم واشنطن للحرب التي تقودها السعودية في اليمن، واستخدم قانون الطوارئ لاستمرارية صفقات الأسلحة الضخمة للمملكة.
وواجه تأييد “ترامب” الواضح للنظام السعودي مستوى نادر من المعارضة بين الحزبين. ولكن حتى الآن، فقد فازت السلطة التنفيذية إلى حد كبير. ودون توبيخ قوي من الولايات المتحدة، من غير المرجح أن تؤثر أي صرخة دولية على السلوك السعودي. وأثبتت الرياض، المحصنة من قبل الرئيس الأمريكي والتحالفات الاستراتيجية مع الإمارات و(إسرائيل)، أنها في مأمن طالما كانت الانتقادات من أي جهة أخرى غير الولايات المتحدة.
وقال الموقع: ومع ذلك تصاعدت هذه الانتقادات، ولأعوام، انتقد المجتمع الدولي الكارثة الإنسانية في اليمن، التي نتجت إلى حد كبير عن الحملات السعودية والأسلحة أمريكية الصنع. وأثار سجن “ابن سلمان” لناشطات حقوق الإنسان، مثل “لجين الهذلول” و”إيمان النفجان”، صيحات الرعب من الصحفيين والحكومات. وكان اغتيال “خاشقجي” قد أشعل غضباً عالمياً. وحذرت العديد من الدول من تزايد الاعتداءات بين إيران والسعودية، التي أذكاها ودعمها صقور واشنطن مثل “جون بولتون”.
وعملت واشنطن كحليف مخلص، وكثيراً ما كانت تتصرف مباشرة وفق أجندة ابن سلمان. وكان هذا واضحاً بتقرير تم نشره قبل يوم واحد من تقرير “كالامارد” وجاء فيه أن وزير الخارجية “مايك بومبيو” منع الخبراء في وزارة الخارجية من إدراج المملكة بقائمة الأنظمة التي تستخدم الأطفال كجنود. ولا يتناقض إنكار “بومبيو” مع اختصاصييه فحسب، بل يتناقض مع العديد من التقارير الأخرى عن استخدام المملكة للمقاتلين السودانيين دون السن القانونية في اليمن.
وكان ذلك مجرد علامة أخرى على أن إدارة “ترامب” مستعدة للتغاضي عمداً عن مخاوف حقوق الإنسان لصالح اهتمامها الاستراتيجي بالهيمنة السعودية. وتعد تداعيات هذا النمط خطيرة.
ومع وجهات “ابن سلمان” العنيفة، تتخذ المملكة مواقف عدوانية في منطقة تعاني بالفعل من الصراعات. وتزيد المواجهات الأخيرة بين الحوثيين والرياض من اشتعال الأمور في اليمن، وتفاقم أسوأ أزمة إنسانية في العالم. كما تسير المحاكم السعودية في طريقها لتسجيل عدد قياسي من عمليات الإعدام، بينما يظل عشرات من ناشطي حقوق الإنسان والمدنيين الآخرين في السجون. ومع ارتفاع المخاطر باستمرار، وحقيقة أنه من المرجح أن يتم تجاهل نداء “كالامارد” من أجل العدالة، فمن المحتمل أن يرتفع عدد الجثث باستمرار في عهد “ابن سلمان”.
ارسال التعليق