لماذا يخشى آل سعود من تدويل إدارة الحرمين الشريفين؟
بعد توجيه دولة قطر الدعوة لتدويل إدارة الحرمين الشريفين ارتفعت عقيرة المسؤولين السعوديين لرفض هذه الدعوة متهمين الدوحة بالتآمر، وواصفين الدعوة بأنها بمثابة إعلان حرب على المملكة.
فاعتبر وزير الخارجية "عادل الجبير" مشاركة باقي المسلمين في ادارة المشاعر المقدسة بأنه طلب عدواني، فيما وصفه المستشار بالديوان الملكي "سعود القحطاني" بالمؤامرة.
هذه التصريحات وأمثالها تكشف حقيقتين أساسيتين:
الأولى إن آل سعود يخشون من أن تكون إدارة الحرمين الشريفين بيد لجنة مشكّلة من ممثلي كافة الدول الإسلامية لأنهم يتصورون بأن الحرمين وباقي البقاع المقدسة في أرض الحجاز هي ملك ورثوه عن أجدادهم، وهذا يعني أنهم ينظرون للمسألة من الجانب المادي البحت باعتبار أن مراسم الحج تدر أرباحاً طائلة تضاف إلى الأموال الضخمة التي تُجنى من عائدات النفط وباقي مصادر الطاقة التي تبذرها العائلة المالكة لإشباع نهمها الحيواني الذي لايعرف الحدود عبر طرق ووسائل بعيدة عن القيم الشرعية والأخلاقية والقانونية.
الحقيقة الثانية إن آل سعود ينظرون إلى الحرمين الشريفين بمثابة غطاء ديني لتمرير جرائمهم وانتهاكاتهم لحقوق الإنسان سواء في داخل المملكة أو ضد شعوب المنطقة كما يحصل جراء العدوان المتواصل على اليمن منذ ثلاث سنوات أو في دول أخرى من خلال دعم الجماعات الإرهابية والتكفيرية لاستباحة دم كل من لايؤمن بالمذهب المتطرف الذي يعتنقه آل سعود.
من هنا يمكن فهم، لماذا يخشى نظام المملكة من مساهمة الامة في ادارة شؤون الحرمين الشريفين؟ ولكن من حق جميع المسلمين أن يسألوا هذا النظام عن مدى نجاحه في إدارة شؤون الحرمين بعد الفظائع التي حصلت خلال السنوات الماضية ومن أبرزها مجزرة "مِنى" التي راح ضحيتها الكثير من الحجّاج نتيجة التقصير الواضح للسلطات في تنظيم مراسم الحج، فضلاً عن الدوافع الشيطانية المبيتة من قبل هذا النظام والتي تستهدف الانتقام من الحجّاج الواعين الذي يطالبون بالدفاع عن المسلمين ونصرة قضاياهم المصيرية لاسيّما القضية الفلسطينية والقدس الشريف، وضرورة قطع الأيادي الأجنبية التي تريد العبث بمقدرات الأمة الإسلامية ونهب ثرواتها وانتهاك حرماتها وقتل أبنائها خدمة للمشروع الصهيوأمريكي في المنطقة.
فآل سعود الذين ثَبُت فشلهم لايحق لهم أبداً الادّعاء بأنهم أولى من غيرهم في إدارة شؤون الحج، خصوصاً وإن الحوادث التي حصلت أثناء المراسم والتي تصل إلى حد الجرائم كافية للمطالبة بوضع الحرمين الشرفين تحت إدارة إسلامية تشارك فيها كافة الدول المسلمة من شتى أنحاء العالم باعتبار أن قضية الحج لاتختص بشعب دون آخر أو دولة دون أخرى.
ومن المؤسف حقّاً أن آل سعود يعمدون إلى توظيف شعائر الحج والعمرة لخدمة قضاياهم وسياساتهم الحمقاء التي كبّدت المسلمين خسائر لاتعوّض في الأرواح والممتلكات، وهذا وحده كافٍ أيضاً للمطالبة بإنهاء تفرد يد آل سعود عن إدارة الحرمين الشريفين.
ونحن هنا لانناقش الأمور من بعدها السياسي ولادفاعاً عن دعوة قطر لتدويل الحرمين الشريفين كي لا نُتّهم بأننا نحابي أحداً على حساب معتقداتنا؛ بل إننا نؤكد أن مصلحة المسلمين تكمن بتشكيل لجنة متخصصة وخبيرة بإدارة شؤون الحج والأماكن المقدسة في الحجاز من الدول الإسلامية كافة، لأن من شأن ذلك أن ينقذ هذه الأماكن من فساد آل سعود الذين لايتورعون عن ارتكاب أيّ فعل شنيع ويندى له جبين الإنسانية تحت غطاء الدين، والدين منهم براء. فتشوية سمعة الإسلام بسبب جرائم آل سعود وانتهاكاتهم الصارخة لحقوق الإنسان يستدعي من كل مسلم غيور أن يطالب بكل الوسائل المشروعة بنزع يد الظالمين والمتجبرين والمستهترين والمبذرين والمتآمرين والفاسقين والجهلة عن الأماكن الطاهرة التي تضمها أرض الحجاز وعن الشعائر المقدسة التي تهم أكثر من مليار مسلم في العالم، لأن الكثير من المسلمين بات يعتقد جازماً ويؤمن إيماناً لايدانيه شكّ بأن بقاء الحرمين الشريفين بيد آل سعود يعني المزيد من إراقة دماء ضيوف الرحمن ومواصلة الاستهتار بالقيم الإنسانية، وهذا ما لايقبله أيّ عاقل وشريف وأيّ حرّ في العالم، ولن ترضاه أيّة شريعة سماوية وأيّ مذهب إسلامي صحيح وأيّة أعراف وقوانين منطقية أممية، والذي يرى في هذه الدعوة غرابة عليه أن يراجع نفسه ويحكّم ضميره ويصغي لصوت العقل والمنطق ولا تأخذه في الله لومة لائم، فالحقُّ أحقُّ أن يتبع كما ورد في القرآن الكريم "قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ ۚ قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ ۗ أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَىٰ ۖ فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ". (سورة يونس الآية 35)
والمضحك المبكي أن آل سعود يذرفون دموع التماسيح على الحرمين الشريفين وهم الذين لم يدعوا منكراً إلّا فعلوه ولم يرعووا عن ارتكاب أية جريرة وفعلٍ شنيعٍ لتحقيق مآربهم الدنيئة في أطهر بقاع الأرض وأقدسها. أفبعد هذا الضلال من ضلال؟! أم أن اتساع رقعة هذا الضلال المشفوع بالجرائم والحيل الشيطانية قد جعل منه مستساغاً لمن ليس له ذمّة ولاضمير وبات كالأنعام؛ بل هو أضل.
والعجيب أن بعض الكتّاب المأجورين يرفضون أن تدير الدول الإسلامية شؤون الحرمين الشريفين عبر لجان متخصصة وخبيرة بشؤون الحج بدلاً من إدارة آل سعود، وهم يرون بأم أعينهم جرائم هذه الأسرة في شتى بقاع الأرض وليس في المملكة وحدها أو في الدول المجاورة فقط، ولكن عزاءنا أن هؤلاء المزمّرين والمطبلين لاقيمة لهم مقابل عشرات بل مئات ملايين المسلمين الذي يطالبون بالإسراع بتسليم مسؤولية الأماكن المقدسة لأيادي أمينة ونزيهة ومتدينة تعرف حدود الله وتتقي حرماته ولاتخشى أحداً إلّا الله، لأن الحج يعتبر من أهم شعائر الإسلام وفيه تكمن حكمة الدعوة إلى الوحدة وضرورة رصّ الصفوف بوجه أعداء الأمة الإسلامية الذين يتربصون بها الدوائر بدعم مباشر من آل سعود ومن يسير بركبهم المتخلف ويتّبع جاهليتهم الرعناء التي جلبت الويلات والمصائب على الإسلام والمسلمين والأحرار في العالم.
أخيراً لابدّ من التأكيد على ضرورة إنقاذ الحرمين الشريفين من طغمة آل سعود الفاسدة، ومواصلة الضغط على منظمة التعاون الإسلامي وباقي المنظمات الدولية والإقليمية لتحقيق هذا المطلب المشروع والذي يؤيده كلُّ إنسانٍ واعٍ وحريصٍ على دينه وآخرته "إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَذِكْرَىٰ لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ". (سورة ق آية
ارسال التعليق